توفيت الأردنية فرح جواد القصّاب إثر خضوعها لعملية شفط دهون وتجميل أنف على يد جراح التجميل الشهير نادر صعب. ورغم أنّ نتائج التشريح لتحديد سبب الوفاة لم تصدر بعد، غصّت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بعشرات الأخبار، المغلوطة والصحيحة، عن مسيرة جراح التجميل الأشهر.
بسرعة البرق، تحوّل صعب من نجمٍ إعلامي إلى مجرم هارب، فماذا حصل فعلاً؟ ومن هو نادر صعب الذي شغل الناس؟ وهل يتحمّل وحده المسؤولية؟ وهل صحيح أنه منتحل صفة وأن مستشفاه غير مرخّص؟ وإن صحّ ذلك، فلماذا تُرِك يعمل طوال عشر سنوات؟ وماذا عن دور وزارة الصحة ونقابة الأطباء؟ ولماذا انتفض وزير العدل سليم جريصاتي في هذه القضية تحديداً؟ وإذا كان نادر صعب غير مطابق للمواصفات، فكيف يُعقل أن يُجري آلاف عمليات التجميل من دون أن يرتكب «خطأً قاتلاً» كالذي حصل قبل أيام، في حال ثبت أن الوفاة حصلت نتيجة خطأ طبي؟ وما صحة ما تردّد عن هروبه إلى قبرص؟
صعب التزم الصمت التزاماً بـ«عهّدٍ قطعه للقضاء بعدم الحديث لأي وسيلة إعلامية قبل انتهاء التحقيقات واحتراماً لحرمة ومشاعر عائلة المريضة التي توفيت». إلا أنّ بياناً إعلامياً صدر في وقت متأخرٍ أمس عن وكيلته القانونية ميراي شاكر أكد أنّه موجودٌ في لبنان وأنه تحت سقف القانون، لا سيما أنه كان قد ترك رهن التحقيق ومنع من السفر بناءً على إشارة المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي داني شرابيه.

والد المريضة المتوفاة: نحن أبناء عشائر ولن يذهب دم ابنتي هدراً


وتزامن البيان مع تسريب فيديو من كاميرات المراقبة في مستشفاه يُظهر المريضة فرح قصّاب مع صعب بعد العملية. وقد ظهر الطبيب يسلّم عليها ويربّت كتفها ثم يتحدث معها، علماً بأنّ التوقيت كان يشير إلى الساعة العاشرة و٤٨ دقيقة، أي قبل وفاتها بنحو ست ساعات. وبالتالي، يدحض الفيديو ما جرى تداوله عن وفاتها في غرفة العمليات. وترافق ذلك مع وساطات متعددة بُذلت لتهدئة النفوس بين عائلة قصاب وصعب. وعلمت «الأخبار» أنّ الفنّان راغب علامة يجري وساطة بين والد قصاب، رجل الأعمال الأردني جواد القصّاب، وصعب، نظراً إلى الصداقة التي تجمعه بهما. وذكرت المصادر أنّ علامة في صدد السفر إلى الأردن الثلاثاء لاستكمال الوساطة المتعثّرة، إذ إنّ المعلومات تحدثت عن تهديد وجهه قصاب إلى الطبيب قائلاً: «نحن أبناء عشائر، ولو بقي يوم واحد، لن يذهب دم ابنتي هدراً».
الجمال نادرٌ وصعب. عبارةٌ اقترحها الزميل زاهي وهبي على جرّاح التجميل الشهير في مناسبة اجتماعية. تلقّف صعب العبارة وحوّلها شعاراً إعلانياً لمستشفاه التجميلي. وللمستشفى فرع في الجميرة في دبي وآخر في أربيل العراقية، علماً بأنّ لاسم المستشفى قصة أيضاً، إذ يُنقل عن جرّاح التجميل أنه سمّى ابنه نادر، ممازحاً بأنه سيُجيب عندما يُتّهم باستخدام اسمه للترويج لمستشفى بأنّ المستشفى يحمل اسم ابنه وليس اسمه. والجدير ذكره أنّ المستشفى حصل على ترخيص إنشائي من مجلس الوزراء عام ٢٠٠٤ ثم ترخيص استثماري عام ٢٠٠٨ قبل أن يصبح الأشهر لبنانياً.
نادر صعب الذائع الصيت بات وجه السياحة التجميلية في لبنان. ورغم أنّ فيديو الترحيب على طيران الشرق الأوسط (أثناء الهبوط والإقلاع) يحضر فيه اسم نادر صعب ومستشفاه التجميلي، إلا أنّ شهرته لم تنل من الباحثين عن الجمال فحسب. فقد تحول الجرّاح الشهير إلى مقصد للإرهابيين حتى. وقد سجلت التحقيقات القضائية أنّ صعب أجرى عملية جراحية لتغيير ملامح وجه بطل معارك بلدة بحنّين الشمالية الشيخ خالد حُبلص.
الاتهامات التي سيقت ضد صعب متعددة، بدءاً من القول إنه ليس طبيباً الى القول إنه شطب من جدول نقابة الأطباء عام ٢٠١٢ وإن مستشفاه غير مرخّص، وصولاً إلى اتهامه بفبركة ظروف للتهرّب من الجريمة بالتواطؤ مع مستشفى آخر. غير أنّ معظم هذه الاتهامات بقيت من دون سند. وإذ ذكرت المعلومات أنّ هناك حملة كانت تُشنّ على صعب من زملائه لكونه لا يحترم القوانين التي تمنع الطبيب من الترويج لنفسه إعلانياً، أشارت الى أن نقيب الأطباء الأسبق شرف أبو شرف طلب شطبه عن جدول نقابة الأطباء لستة أشهر بسبب مخالفته القانون والترويج الإعلاني لنفسه. إلا أنّ صعب استأنف القرار قضائياً وكسب الاستئناف، وترشّح لمنصب نقيب الأطباء صورياً لإثبات أنه لم يُشطب من جدول النقابة.
وفي اتصال مع نقيب الأطباء الحالي ريمون الصايغ ردّ بأنّ تحقيق النقابة لم ينته بعد، وكشف أنّ نقابة الأطباء ستصدر بياناً اليوم لتوضيح الملابسات بشأن ما تردد عن شطب صعب من جدولها، فيما أكد نقيب المستشفيات سليمان هارون أنّ «المستشفى غير منتسب إلى نقابة المستشفيات لأن عيادته لا تستوفي الشروط في حال حصول حالات طارئة، كونه لا يملك غرفة إنعاش ولا طبيب إنعاش».
وعن وقائع الحادثة التي قلبت حياة صعب، ذكرت المصادر أنّ المريضة دخلت لإجراء عملية شفط للدهون وعملية بوتوكس للمعدة وتجميل الأنف، مؤكدة أنّ هذه العمليات تُجرى في عيادات ولا تحتاج إلى تخدير عام. وأكّدت مصادر من داخل مستشفى صعب أنّ المريضة لم تكن قد ماتت لدى خروجها من المستشفى، وأنّها وصلت إلى مستشفى سيدة لبنان بحالة الإنعاش. وذكرت مصادر مقرّبة من صعب أنّ العمليات أوقفت في المستشفى بناءً لقرار وزارة الصحة، لكن المستشفى لم يقفل. وأشارت إلى أنّ التزام صعب الصمت بسبب انتظار نتائج التشريح لتحديد إذا ما كان هناك خطأ طبي أو إذا كانت الوفاة ناتجة من جلطة.