تقدمت مؤسسة "New 7 wonders Foundation" بشكوى مباشرة لدى النيابة العامة الاستئنافية في بعبدا، بتاريخ 9/3/2017، ضد زياد باسيم بصفته الشخصية وبصفته المفوّض بالتوقيع عن شركة "ليبافاس ش.م.م.".
أما نوع الجرم فهو "إساءة أمانة وما جرى مجرى الاحتيال". وتقول المؤسسة في الوقائع التي دوّنتها في شكواها إن "ليبافاس" قبضت بتاريخ 11/11/2011، بواسطة المفوّض بالتوقيع عنها، أموالاً من زبائن المؤسسة المدعية من دون أن تقوم بتسديد الحصة المستحقة للمؤسسة المدعية من إيرادات التصويت لصالح مغارة جعيتا، والتي قدّرتها بنحو مليون و233 ألف دولار أميركي، وذلك خلافاً لبنود الاتفاقية الموقّعة بينهما. ولغاية تاريخه، يرفض المدّعى عليه تسليم الاموال التي قبضها لصالح المؤسسة المدعية، التي تطلب التحقيق مع باسيم، وإحالته أمام المراجع الجزائية المختصة، وإلزامه بإعادة الأموال التي استولى عليها.
يحذّر مدير المؤسسة، جان بول دو لا فانتي، من أن مؤسسته، في حال عدم حصولها على حصتها، "ستضطر، وفقاً للشروط القانونية، الى استبعاد مغارة جعيتا من المسابقة". ويقول تعليقاً على هذا النزاع: "نريد التوضيح للبنانيين أن القصة هي قصة رجل فاسد احتال عليهم وعلينا، مع ثقتي بأن اللبنانيين الصادقين سيصحّحون الوضع لتبقى جعيتا في المسابقة». ويشير في اتصال مع "الأخبار" الى أن "أمر مماثل سيضع لبنان على اللائحة السوداء، فشركتنا تعاملت مع أكثر من 100 بلد من دون مواجهة أي مشكلات سوى في لبنان»، موضحاً أنه سيسلك "كل الطرق القانونية والسياسية الممكنة لإصلاح هذا الخلل، لأننا نريد حل الموضوع إيجابياً".

ما هي القصّة؟

في عام 2011، دخلت مغارة جعيتا في مسابقة "ربحية"، نظّمتها شركة New 7 Wonders Foundation السويسرية، من أجل اختيار عجائب الدنيا السبع الطبيعية. تجنّدت وزارات السياحة والاعلام والاتصالات، وكل وسائل الاعلام في لبنان، ومعظم السياسيين ومنظمات "المجتمع المدني"، من أجل حثّ الناس على التصويت لهذا المعلم الطبيعي. جرى تخصيص الرقم 1070 للتصويت المدفوع الثمن، وتمّ التخلي عن حصة شركتي الخلوي (المملوكتين من الدولة) من إيرادات التصويت، بحجّة تخفيض الكلفة على المشاركين واجتذاب المزيد للتصويت لزيادة حظوظ المغارة بالفوز. في الحصيلة، حصدت المغارة 7 ملايين و611 ألفاً و551 صوتاً، وحلّت في المرتبة 14 بين 27 موقعاً متنافساً حول العالم، وهو ما أهّلها للبقاء في المراحل المقبلة من هذه المسابقة.
بحسب طريقة عمل المؤسسة المنظمة للمسابقة، فهي تستعين بوسيط محلي في كل بلد للتنسيق مع شركات الهاتف الخلوي وتأمين التصويت عبر الرسائل النصية، وهي مصدر الأرباح الرئيس. في حالة لبنان، لجأت المؤسسة السويسرية إلى المدير العام لشركة "ماباس"، نبيل حداد، كون شركته تتولى إدارة وتشغيل واستثمار مغارة جعيتا، وطلبت منه مساعدتها في التعاقد مع وسيط بينها وبين شركتي "ألفا" و"تاتش"، فأوصى حداد بالتعامل مع شركة Libavas s.a.r.l. وبناءً عليه، جرى توقيع اتفاقية خدمات هاتفية بين مدير المؤسسة السويسرية، جان بول دو لا فانتي، والمدير المفوّض بالتوقيع لشركة "ليبافاس"، زياد باسيم، في 25 آب 2011، ونصّت على تسعير الرسالة النصية (بريميوم) المرسلة من الرقم 1070 بـ0.39 دولار، 10% من هذا السعر لشركة "ليبافاس" و0.162 دولار لـ NOWC (الشركة السويسرية) و40% لصالح المشغّل (أي كلّ من شركتي الخلوي). ووردت ملاحظة في أسفل الاتفاقية مفادها أنه "لا يسمح القيام بأي حسم إضافي من حصة الإيرادات لأي سبب كان". وبحسب شروط الدفع، يفترض أن يكون الدفع مستحقاً في غضون 15 يوماً.

الامتناع عن الدفع

بعد انتهاء عملية التصويت في 11 تشرين الثاني 2011، طالبت المؤسسة السويسرية بحصتها، إلا أن "ليبافاس" تخلّفت عن الدفع بحجة أن شركتي "ألفا" و"تاتش" رفضتا تنفيذ الاتفاقية، لأن كلفة الرسالة النصية مرتفعة وينبغي تخفيضها، على ما تقول مصادر المؤسسة السويسرية. لاحقاً، أجرت "ليبافاس" تعديلاً على الاتفاقية الاساسية، وخفضت بموجب هذا التعديل سعر الرسالة من 0.39 دولار الى 0.19 دولار، وأصبحت حصة المؤسسة المنظمة 0.09 دولار بدلاً من 0.162 دولار، أو ما مجموعه 685 ألف دولار مع احتساب الضرائب. وافقت المؤسسة السويسرية على التعديل ووقّعته بتاريخ 26 آذار 2012 وأرسلته عبر البريد الإلكتروني الى "ليبافاس"، لكنّ المساهمين الرئيسيين في شركة Libavas والمفوّضين بالتوقيع باسمها، زياد رفول باسيم وبسام أحمد أرناؤوط، لم يوقّعا العقد، تحت ذريعة عدم دفع شركتي الخلوي لهما.

يعترف باسيم بأنه تقاضى في عام 2011 نحو 670 ألف دولار



بعد عام تقريباً، وجّه سيمون كليغ، المستشار القانوني لشركة "نيو أوبن ووندرز" (المالكة للمؤسسة المنظمة للمسابقة) الى كلّ من باسيم وشركة "ليبافاس" ومدير عام الشركة التي تدير "جعيتا" رسالة إلكترونية تتضمن إخطاراً قانونيا يقول فيه إن "شركة الاتصالات (ليبافاس) قبضت عند انتهاء التصويت الإيرادات من زبائنها (…). ويتعيّن سداد المبلغ المستحق في غضون 7 أيام من تاريخ الإخطار». وأبلغ كليغ "ليبافاس" باحتفاظه بحق اتخاذ الاجراءات القانونية، بما في ذلك "الإعلان أن شركة الاتصالات قبضت من زبائننا وحصلت على الاموال بدون الالتزام بحصة الإيرادات، وبالتالي حصول احتيال محتمل على الزبائن واللبنانيين، الذي يتعيّن الابلاغ عنه الى الجهات المنظمة للاتصالات المعمول بها، واتخاذ جميع سبل الانصاف القانونية في محاكم لبنان والسعودية وغيرها من السلطات القضائية لاسترداد المبالغ المستحقة تعاقدياً وقانونياً". بعد أخذ ورد دام ثلاث سنوات، تقدمت مؤسسة "New 7 wonders Foundation" بشكوى مباشرة لدى النيابة العامة الاستئنافية في بعبدا بتاريخ 9/3/2017 ضد زياد باسيم تتّهمه بـ"إساءة أمانة وما جرى مجرى الاحتيال".

حجج باسيم

رداً على هذه الشكوى، قدّم باسيم مذكرة توضيحية بتاريخ 13/04/2017، يقول فيها إن العقد الاساسي الموقّع في آب 2011 سقط لتغيّر ركن أساسي من أركانه وهو سعر الرسالة (...) وبحسب ما أدلى به، فهو لم يوقّع العقد المعدّل، ما يجعله ساقطاً أيضاً. يبرر باسيم عدم توقيعه على العقد المعدّل بأنه طلب تعديله مجدداً، كون سعر الرسالة خفض مجدداً الى 10 سنتات، وذلك بعد تنازل شركتي الخلوي عن كامل حصتيهما من إيرادات التصويت. ولكن كل ما تلقّاه، على ما يقوله في المذكرة، هو وعود بتصحيح الوضع لاحقاً. يظهر تناقض في ما أورده باسيم في مذكرته التوضيحية، فهو يقول إن الشركة السويسرية أرسلت العقد معدّلاً بتاريخ 26/3/2012 ليعود ويقول إنه طلب تعديل العقد مرة أخرى ولم ينتظر الرد، لأن التصويت كان قد بدأ، علماً بأن التصويت انتهى بتاريخ 11 تشرين الثاني 2011!
اتصلت "الأخبار" بشركتي الخلوي للسؤال حول سبب تنازلهما عن أرباح للدولة لصالح شركة خاصة؟ أجابت مصادرهما بأن القرار بيد وزير الاتصالات حصراً. وفي اتصال مع وزير الاتصالات السابق، نقولا صحناوي، أجاب بأنه، بحسب ما يذكر، "وافق يومها على تخفيض كلفة الرسالة النصية تشجيعاً للمواطن اللبناني على التصويت لبلده، وهو ما يجري غالباً في كل المسابقات اللبنانية المماثلة».
تقول المصادر المطّلعة إن المدعى عليه زياد باسيم يعترف بأنه تقاضى في عام 2011 نحو 670 ألف دولار عن الشركة السويسرية وليس 685 ألفاً، لأن إحدى شركتي الخلوي ألغت عدداً من الرسائل النصية، وطلب يومها محاميه ربيع صوايا مهلة للدفع، ولكنه تغيّب عند انتهاء المهلة، مقدماً تقريراً طبياً والمذكرة التوضيحية السابق ذكرها. تلى ذلك إصدار القاضي لمذكرة جلب بحق باسيم، والتي لم تنفذ حتى الساعة لأنه متوار عن الأنظار. لم يتوقف الأمر هنا، بل يحاول باسيم اليوم تحويل النزاع من جزائي الى مدني، وهو ما طالب به في مذكرته، متحجّجاً بأن الشركة السويسرية مسجّلة في باناما، رغم أن أحداً لم يجبره على التعامل معها، ومن جهة أخرى بأن النزاع مرّ عليه ثلاث سنوات منذ آخر تواصل مع شركة "نيو سيفن ووندرز"، ما يسقط الدعوى، علماً بأن الشركة السويسرية قدّمت الى القاضية رسائل إلكترونية تثبت سقوط حجته. وحتى الساعة لا تزال القضية في عهدة قاضي التحقيق سمرندا نصار، أما الجلسة المقبلة فهي بتاريخ 8/6/2017 لبتّ الدفوع الشكلية التي تقدم بها محامي شركة «ليبافاس ش.م.م.».