نفّذت حملة «جبيل تحاسب» اعتصاماً، أمس، في قرطبا الجبيليّة، احتجاجاً على استمرار أعمال المرامل في بلحص المجاورة والمناطق المحيطة، وذلك «حفاظاً على السلامة المروريّة على طريق جرد جبيل الجنوبي، والحدّ من الأخطار والأضرار التي تسبّبها الشاحنات، ووقف المجزرة البيئيّة المتمثّلة بالمرامل غير الشرعيّة». وتلا منظّمو الاعتصام بياناً طالبوا فيه وزارتَي الداخلية والبيئة «بإقفال مرامل المنطقة، وتأمين سلامة البيئة والطرق والأهالي، وملاحقة المرتكبين قضائياً، إضافة إلى تسليم مناطق المرامل إلى كليات الزراعة والهندسة لتتحول الى كليّات تطبيقيّة لإعادة استصلاح الأراضي وزرعها».
تجتاح المرامل قرى جرد جبيل الجنوبي، مستندة، بحسب المسؤول الإعلامي في الحملة سيمون كرم، إلى «قرار شفهي صادر عن وزير الداخليّة والبلديات نهاد المشنوق، بناءً على توصية سياسيّة من الوزير جبران باسيل، الذي طالب بإعادة العمل في مرامل منطقة جبل لبنان أسوة بالمناطق الأخرى. وقضى هذا القرار بالسماح للمرامل المرخّصة بالعمل يومي الاثنين والخميس، حتى باتت تحتلّ اليوم غالبية الجرد الجنوبي، من دون أن تستوفي الشروط الموضوعة من المجلس الأعلى للكسّارات والمرامل»، ويشير كرم إلى أن «هذا القرار غير قانوني، ولا يمكن الاعتراض عليه إدارياً كونه منعدم الوجود خطياً، إلّا أننا قدّمنا إخباراً لدى النيابة العامّة البيئيّة في شباط الماضي، وأجرت تحقيقاً وتبيّن أن كلّ هذه الأعمال لا ترتكز إلى سند قانوني أو رخصة، بل تعمل بموجب قرار شفهي، إلّا أن النائب العامّ البيئي كلود غانم طلب من القوى الأمنيّة التأكيد على أصحاب المرامل العمل يومي الاثنين والخميس فقط. وهو ما يثير الاستغراب من انصياع السلطة القضائيّة أيضاً لقرارات شفهيّة غير قانونيّة صادرة بناءً على توصية سياسيّة».
ويتابع كرم «منذ شهرين، استبشرنا خيراً بقرار وزير الداخليّة القاضي بإغلاق كل المرامل والكسّارات، إلّا أن إلحاقه بقرار آخر صادر عن مجلس الوزراء الذي رضخ للضغط الذي مارسه أصحاب المرامل والاعتصامات التي نفّذها أصحاب الشاحنات، أدّى إلى إعادة فتح المرامل المرخّصة فقط، لمدّة شهر ولنقل الرمول المُستخرجة والمكدّسة، لكن ما حصل في بلحص كان عبارة عن إعادة العمل في كلّ الكسّارات غير المرخّصة، واستكمال أعمال الحفر يومياً وعلى مدار الساعة، حتى بعد انقضاء مهلة الشهر التي انتهت في الخامس من حزيران الحالي».
عملياً، تعدُّ هذه المنطقة منكوبة بيئياً، كما غيرها من المناطق التي تحتلها المرامل والكسّارات، إذ ساهمت أعمال الحفر في قطع الأشجار ونسف تماسك التربة، ما يهدّد بزحل الجبال، والتعدّي على الأملاك العامّة والخاصّة خلال توسيع أعمال المرامل، ونشوء حفر تحت الطريق العام الذي يوصل قرطبا بساحل جبيل، ما يهدّد بانهيار الطريق وتحوّله إلى طريق خطر على السلامة المروريّة والعامّة، وتهالك البنى التحتيّة نتجة مرور الشاحنات عليها يومياً ولمرّات عدّة، ويضاف إلى ذلك تشويه الطبيعة والإسهام في تغير المناخ والقضاء على هوية المنطقة المُصنّفة اصطيافيّة.
ورغم ذلك، تبرز محاولات استغلال القضية سياسياً وتذكية مشاعر «المظلوميّة المسيحيّة»، على حساب حماية البيئة، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال مشاركة النائب السابق فارس سعيد بالاعتصام، أمس، إضافة إلى انضمام بعض الأعضاء المحسوبين عليه إلى الحملة، بحسب ما يشير عضو بلدية قرطبا ومنسّق التيار الوطني الحرّ في البلدة عبده صقر، علماً بأن المرامل لا تنحصر في بلحص التي استقلت إدارياً عن بلدية مزرعة السيّاد في عام 2014، بل هناك مرامل أخرى تنهش طبيعة المغيري ويانوح المجاورتين، والتي يستثمرها أشخاص من آل افرام وهم من المحسوبين سياسياً على فارس سعيد، وهو ملف «نتابعه في البلدية، واستحصلنا على الخرائط والمستندات اللازمة التي تظهر هذه التعديات التي تشوّه البيئة وتضرّ بالأهالي، لمعالجتها بالأطر القانونيّة».
ويشير رئيس اتحاد بلديات جبيل فادي مارتينوس إلى أن «بلحص لا تتبع إدارياً لأي بلديّة، وتالياً لا سلطة إداريّة للاتحاد عليها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المغيري التي لم تنضمّ إلى الاتحاد. لذلك المسؤوليّة تترتب على وزارتَي الداخليّة والبلديات والبيئة لأن صلاحياتنا محدودة، ولا يمكننا إغلاق مرامل وكسّارات بل مجرّد رفض إعطاء رخص مرامل في نطاقنا الإداري، لكننا نظّمنا سير الشاحنات وحدّدنا الحمولات المسموح بها ونفرض غرامات ماليّة على المخالفين. وهناك اتصالات نقوم بها للحثّ على حلّ هذه المجزرة البيئيّة، وهذه المرّة الأولى التي تتعامل فيها السلطات المعنيّة مع الموضوع بجدّية، وهناك توجّه لإغلاق كل المرامل غير المرخّصة، وإعادة تنظيم العمل في المرامل المرخّصة».