في قرار لافت ومُثير للاستغراب، منحت وزارة الداخلية والبلديات ترخيصاً جديداً يقضي بإعادة فتح أكبر كسارة في محمية وادي الحجير. هذه الكسارة أُقفلت العام الماضي بموجب قرار قضائي.
وكانت إدارة محمية وادي الحجير قد تبلغت أواخر عام 2015 من المدّعي العام البيئي في النبطية القاضي نديم الناشف قرار إقفال الكسارة، وذلك على إثر إخبار تقدّم به النائب علي فياض الى النيابة العامة يُشير فيه الى أن الكسارة تقع ضمن منطقة لا تخضع لتصنيف المقالع والكسارات في لبنان.
أُحيل الترخيص الجديد الى مجلس بلدية شقرا ودوبيه لإبداء الرأي واتخاذ القرار بعدما وافق عليه كل من محافظ النبطية وقائمقام بنت جبيل. ويرى بعض المتابعين أن الترخيص الجديد مخالف للقانون كون الوزارة لم تأخذ بعين الاعتبار النُظم المتعلقة بالمجلس الأعلى للمقالع والكسارات، فضلاً عن القوانين التي تمنع إنشاء كسارة ضمن محمية طبيعية.
تقول مصادر بلدية شقرا ودوبيه إن الأخيرة تواجه نوعاً من الضغوطات من أجل الموافقة على الترخيص، إلا أن رئيس البلدية علي صالح أبلغ "الأخبار" أن البلدية قررت "عدم السماح للكسارة بالعمل مجدداً"، مُشيراً الى أن المجلس البلدي سينعقد هذا الأسبوع لاتخاذ القرار النهائي في هذا الخصوص.
اللافت هو ما يُثيره صالح حول بروز بعض الأصوات المنادية بالموافقة على الترخيص "لأن صاحب الكسارة سوف يُقدم الباسكورس مجاناً من أجل تعبيد شوارع البلدة".
يقول رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين إن "كل هذه المحاولات لن تجدي نفعاً، لا سيما أن صاحب الكسارة حاول أن يرشي الاتحاد أيضاً دون نتيجة"، لافتاً الى أن الاتحاد "لن يسمح بأي تجاوز جديد داخل المحمية". ويُضيف الزين في هذا الصدد: "لقد قمنا بإبلاغ وزارة البيئة بما حصل، وبالتالي عليها أن توقف مفعول الترخيص"، لافتاً الى أنه "تم الاتفاق مع رؤساء بلديات القرى المحيطة بوادي الحجير من أجل العمل بجدية على منع أيّ بناء لا يتماشى مع المواصفات البيئية المطلوبة، الى حين إنجاز المخطط التوجيهي الخاص بمنطقة المحمية، وتحديد حدود المحمية بشكل دقيق".
الجدير ذكره هنا أن وزارة البيئة نفسها هي التي عمدت في أيلول عام 2015 الى الترخيص لكسارتين في المحمية، بالرغم من المطالبات المتكررة بحماية الوادي الذي يضم المحمية الطبيعية الوحيدة في منطقة جبل عامل.
هاتان الكسارتان استطاعتا خلال الفترة المُنصرمة أن تُحدثا "ندوباً" في الجبال الجنوبية للمحمية. هذه الجبال باتت مليئة بالحُفر الكبيرة، حتى إن إحدى التلال أُزيلت بشكل كامل. المُفارقة أن أصحاب الكسارتين لم يعمدا حتى اللحظة الى إعادة تجميل الارض وتجليلها وفق الشروط القانونية، ربما لأنهم لا يزالون يراهنون على الإبقاء على أعمالهم في المحمية. وما قرار وزارة الداخلية إلا دليل على قوة هذا الرهان..