يستعدّ رئيس بلدية الشياح في قضاء بعبدا، إدمون غاريوس، لتقديم استقالته، عملاً بأحد بنود قانون الانتخابات المقر حديثاً، الذي يحتّم على رئيس البلدية الاستقالة خلال شهر بعد إقرار القانون. القرار اتخذ «بنسبة 90%»، على ما يقول، وهو مبنيّ على إحصائيات تصف وضعه في القضاء بـ «جيد جداً»، لذلك لا يعتزم إضاعة هذه الفرصة في ظل قانون يمنح كل مرشح حجمه الحقيقي.
اللافت هنا أن غاريوس واضح في تحالفاته ولا يرى حرَجاً في إعلانها حتى قبيل 11 شهراً من موعد الانتخابات النيابية، وهي لن تكون مختلفة عما كانت عليه في عام 2009: «تحالفي مع البلديات وحزب القوات اللبنانية». ويبدو أن قضاء بعبدا هو القضاء الأول الذي بدأت تتضح فيه ألوان المعركة المقبلة، إذ تتجه التحالفات إلى البقاء كما كانت عليه في 2009، أي لائحة لقوى 8 آذار المتحالفة مع التيار الوطني الحر، في مقابل أخرى لقوى 14 آذار. وهذا ما تؤكده أيضاً مصادر التيار الوطني الحر، نظراً إلى صعوبة جمع حزب الله والقوات في لائحة واحدة. وبناءً عليه، يتوقع البعض أن تأتي النتائج متقاربة نسبياً مع النتائج السابقة، وهو ما يترجم بحسب القانون النسبي كما يأتي: مقعد ماروني للتيار، واثنان شيعيان لحزب الله، مقابل مارونيين اثنين ودرزي للائحة المقابلة.

نقطة قوة رئيس بلدية الشياح ماكينته الانتخابية المؤلفة من بلديات ومخاتير

وهذا سيشكل خسارة كبيرة للتيار الوطني الحر بسبب احتمال فقدانه مقعدين من أصل 3 يشغلها اليوم النواب آلان عون، ناجي غاريوس وحكمت ديب. وبما أن عون يتصدر كل الإحصاءات في قضاء بعبدا، فمن المرجّح أن يحافظ على مقعده مقابل ترجيح خسارة زميليه لمقعديهما وخرق إدمون غاريوس ومرشح ماروني آخر من اللائحة المقابلة، إضافة إلى مرشح درزي (ما سبق مبنيٌّ على نتيجة انتخابات عام 2009، وعلى استطلاعات رأي حالية). لكن النتائج قد تتعدّل تبعاً لسلوك الناخبين في النظام الانتخابي الجديد، واحتمال رفع نسبة التصويت، واستفادة العونيين من التأييد «التقليدي» الذي يحظى به كل عهد رئاسي في بعبدا.
في الانتخابات النيابية الأخيرة، حلّ غاريوس ثانياً مسيحياً بعد عون بنسبة قليلة جداً، ليأتي بعده النواب والمرشحون الآخرون. وفي استطلاع حديث أُجري في القضاء، حلّ غاريوس ثانياً بين المرشحين المسيحيين، بنسبة 7.63% عند الطلب من المستطلعين اختيار مرشح واحد لتمثيلهم، فيما نال عون 14.38%. ويرتكز غاريوس في معركته على تحالف البلديات الرئيسية في القضاء معه، إضافة إلى عدد لا يستهان به من المخاتير، إذ شكل هؤلاء في الانتخابات السابقة نقطة قوة ماكينته الانتخابية. كذلك تمكن بفعل تحالفه المتين مع بلديتي الحازمية وفرن الشباك من الفوز مجدداً برئاسة البلدية منذ نحو عام. يقول غاريوس لـ«الأخبار» إن كل «البلديات الصديقة التي عملتُ معها سابقاً ما زالت إلى جانبي، لا بل كانت الطرف الأبرز الذي حثني على اتخاذ قرار الاستقالة»، مؤكداً أنها ستدعمه مرة أخرى. لماذا؟ «لأنها ذاقت وجعنا، وجع عدم التفات أي طرف إلى مطالب بلديات بعبدا، لا النواب ولا غيرهم. أما المؤتمرات التي نُظمت (نظمها التيار الوطني الحر) كـ«بعبدا بعد بدا» منذ نحو 7 سنوات واجتماع هذا العام للبحث في مطالب البلديات، فقد انتهت مع فضّ الجلسات».
يبرز اسم غاريوس كمرشح قوي في القضاء، علماً أنه لم يتبوأ أي منصب سوى رئاسة بلدية الشياح منذ عام 1998. وهو ما لا يكفي لبناء حيثية فعلية في القضاء وتسمية الناخبين له كأحد الممثلين المفضلين لديهم. فالواقع أن غاريوس، وجراء مواجهته لائحة 8 آذار والتيار قبل 8 سنوات، تمكّن من تثبيت صفته كرأس حربة «قوى 14 آذار»، ليُضاف ذلك إلى الرصيد الذي أمّنته له البلدية، والامتيازات التي يحصل عليها لكونه صهر النائب ميشال المر.