في حزيران 2017 سجّل مؤشّر مدراء المشتريات PMI أدنى مستوى له منذ ثمانية أشهر، ما يعكس تراجعاً في ثقة المستهلك وتشاؤماً بين الشركات، كاشفاً عن انكماش حادّ لدى القطاع الخاص مرتبط بالتراجع الحاصل على أكثر من مكوّن أبرزها تراجع الطلبيات الواردة وتراجع الصادرات ومعدل التوظيف. وتأتي هذه النتيجة في حزيران بعد تسجيل المؤشر «تسارعاً في تدهور أداء القطاع الخاص» في أيار عاكساً تراجع الإنتاج وضعف الطلب المحلي وتراجع التصدير ومواصلة الشركات سياسة تقليص أعمالها...
مسار أيار استمرّ في حزيران بما يشير إلى أن قراءة الشركات وتصريحاتها عن أعمالها لا ترتبط حصراً بالوضع المحلي، بل هي تقرأ ما يحصل في المنطقة وتبني توجهاتها بحسب القناعات التي توصلت إليها.
وبحسب نتائج المؤشر، فإن مستوى النشاط التجاري لدى القطاع الخاص، هبط في نهاية الربع الثاني من العام بأسرع معدّل مسجل منذ شهر تشرين الأول الماضي. هذا يعني أن "الانكماش حاد، وهو ناتج بشكل جزئي عن تراجع آخر جديد في الأعمال الجديدة".

انخفاض المؤشر إلى هذا المستوى يعكس «تراجعاً
في ثقة المستهلك

ويضيف المؤشّر أن الشركات "ربطت مشاركتها في الاستبيان بحالة انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي، فيما كان هناك تراجع آخر في مستوى الطلبيات الجديدة الواردة من الخارج. وكان معدل تراجع الصادرات أبطأ بكثير من معدل تراجع إجمالي الأعمال الجديدة".
وفي التفاصيل، يظهر مؤشر شهر حزيران، تراجع معدل التوظيف للشهر السادس عشر على التوالي في محاولة من الشركات للتكيف مع انخفاض مستوى الطلب. وكان معدل فقدان الوظائف هو الأسرع منذ شهر آذار، رغم أنه كان متواضعاً في مجمله. أما حجم الأعمال غير المنجزة فقد تراجع بما ينبئ بوجود فائض في القدرات التشغيلية. وسجل أيضاً انخفاض في النشاط الشرائي للشركات علماً بأن هذا التراجع هو الأكثر حدّة منذ شهر تشرين الأول العام الماضي، "إلا أن مستويات التوظيف استمرت في الزيادة، ولو بشكل طفيف".
كذلك أظهرت مؤشرات الأسعار وجود تراجعات طفيفة في متوسط تكاليف مستلزمات الإنتاج وأسعار السلع والخدمات، فيما جاء تراجع أعباء الكلفة ليعكس انخفاض متوسط أجور الموظفين بالإضافة إلى تراجع طفيف جداً في أسعار المشتريات. وبالنسبة إلى متوسط مواعيد تسليم المشريات، فقد سجّل تراجعاً في شهر حزيران، وهي المرة الثالثة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة التي تشهد تدهوراً في أداء المورّدين.
يقرأ المدير العام لبنك بلوم انفست فادي عسيران بين سطور المؤشر، مشيراً إلى أن انخفاض المؤشر إلى هذا المستوى يعكس "تراجعاً في ثقة المستهلك وتشاؤماً ساد بين شركات القطاع الخاص. وفي ما يتعلق بالفترة المقبلة، فمن المتوقع أن تتضح نتائج التوافق السياسي الذي تم في منتصف حزيران على قانون انتخابي جديد، خاصة مع إعطاء الأولية الآن لإقرار مشروع موازنة 2017 وسلسلة الرتب والرواتب".
وقد أشارت نتائج المؤشر إلى تسجيل نحو 19% من الشركات تراجعاً في النشاط التجاري، مقابل 3% سجلت زيادة. وشهد شهر حزيران تراجعاً في متوسط أسعار السلع والخدمات على مستوى اقتصاد القطاع الخاص اللبناني. وفي الحالات التي شهدت انخفاضاً، كان الأمر مرتبطاً بنقص الأعمال، بالإضافة إلى الضغوط التنافسية، إلا أن معدل تراجع متوسط أسعار المنتجات والخدمات كان متواضعاً، وأبطأ من السابق.
وللمرّة الأولى منذ شهر كانون الثاني، يسجل تراجع في متوسط أسعار أجور الموظفين. لكن هذا التراجع كان هامشياً بعدما صرحت الغالبية العظمى من الشركات المشاركة في الاستبيان عن عدم تغير متوسط تكاليف التوظيف لديها. وانخفض حجم مشتريات الشركات اللبنانية بحدة مع ارتفاع وتيرة انكماش مستويات الشراء، إذ شهدت 8% من الشركات تراجعاً في النشاط الشرائي، وربط العديد منها بين ذلك وبين تراجع مستوى الطلبيات الجديدة.
وفي النتيجة، يتبيّن أن الشركات اللبنانية «حافظت على وجهة نظر سلبية تجاه توقعات الإنتاج المستقبلية في شهر حزيران، مع توقع العديد منها استمرار المشاكل السياسية والاقتصادية. ورغم ذلك، فقد كانت درجة التشاؤم أقل قوة من المستوى القياسي المسجل في شهر أيار، لتنتهي بذلك فترة ستة أشهر من التدهور في مستوى التفاؤل التجاري».
وتجدر الإشارة إلى أن إصدار هذا المؤشر بدأ في أيار 2013 من خلال مسح شهري مصمم لإعطاء مؤشّر مبكر عن الظروف التشغيلية في لبنان يُحتسب على أساس متوسط خمسة مكونات أساسية في نشاط الشركات هي: الطلبيات الجديدة لديها (30% من المؤشر)، ومستوى الإنتاج (25%)، ومستوى التوظيف (20%)، ومواعيد تسليم الموردين (15%)، ومخزون المشتريات (10%). وتشير القراءة الأعلى من 50.0 نقطة للمؤشر إلى وجود تحسن في النشاط الاقتصادي للشركات عما كان عليه في الشهر السابق، في حين تشير القراءة الأدنى من 50.0 نقطة إلى وجود تراجع. أما نتيحة المؤشر لشهر حزيران فقد بلغت 46.1 نقطة في شهر حزيران مقارنة مع 46.6 نقطة في أيار.
(الأخبار)