علّق السجناء الإسلاميون إضرابهم المفتوح، للمطالبة بالعفو العام، قبل شهرين. الثمن كان موافقة العميد منير شعبان، الذي تولى التفاوض مع السجناء المضربين، على شروط السجناء الإسلاميين التي حملها «شاويش» طابق الإرهاب الشيخ خالد حبلص. يومها، وضع «شيخ بحنّين» جملة شروط، منها عدم دخول قوات مكافحة الشغب إلى المبنى بحجة التفتيش المركزي درءاً لأي ردة فعل أو عمل انتقامي ردّاً على الإضراب. كان ذلك الشرط الأساس لفك الإضراب.
تعهّدت إدارة السجن بذلك، ففكّ السجناء إضرابهم، لكنّ التعهد لم ينفّذ. فقد اقتحمت قوات مكافحة الشغب يوم الأربعاء الماضي مبنى السجناء الإسلاميين الذي يضم تسعة أجنحة، يتوزع فيها ٦٣٠ سجيناً. يقول أحد السجناء لـ«الأخبار»: «اعتدَت العناصر الأمنية على عدد من السجناء بالضرب، وأُهين آخرون من دون مبرر»، مشيراً إلى أنّ «العناصر حطّموا حاجيات السجناء في كثير من الغرف، وكذلك خزائن الملابس ورمي الزيت على ملابس السجناء وتمزيقها». اتّهم السجين المذكور القوى الأمنية بـ«تحطيم الغرف وسرقة علب الشوكولاه والدخان وبطاقات التيليكارت». سجينٌ آخر أكّد الواقعة، مشيراً إلى أنّ «الاعتداء لم يشارك فيه كل العناصر الذين دهموا الطابق». ولفت إلى أنّه «لم تُخرّب كل الغرف». ماذا عن الأسباب التي أدت إلى ذلك؟ سؤالٌ تتوحّد الإجابة بشأنه بين السجناء الذين يعتبرون أنّ «إدارة السجن تعاقب السجناء على بدئهم إضراباً مفتوحاً عن الطعام ورفضهم الانصياع لها بفكّه». ويقول هؤلاء إنّ إدارة السجن نقلت عدداً من السجناء عقب فك الإضراب وهددت آخرين بالنقل إلى مبنى آخر كإجراء وقائي وردعي كي لا يتكرر الإضراب.
يوميات السجناء الإسلاميين تحوّلت بعد فكّ الإضراب إلى معاناة. تبدأ بانقطاع المياه يومياً، عن قصد بحسب ما ينقل السجناء لـ«الأخبار»، الأمر الذي يحول دون إمكانية دخولهم الحمام أحياناً كثيرة. ويقول أحد السجناء لـ«الأخبار» إنّه «ممنوع علينا اقتناء أي شيء تُخزّن فيه المياه»، مشيراً إلى أنّ «المياه لا تعود إلّا بعد مرور ساعات من الاحتجاج والطرق على النوافذ حتى يستجاب لمطلب إعادة وصل الماء إلى المبنى». تعود المياه، لكن رحلة أخرى تبدأ. يكشف السجناء عن إجراءات كيدية تمارس بحقهم جراء التعبير عن استيائهم من سوء وضعهم. فتُحرّر محاضر وتُفتح محاكمات لكل سجين شارك في الاحتجاج السلمي للمطالبة بمياه للحمام. أما التهمة، فجاهزة دائماً وهي إثارة الشغب. التضييق لم يقف عند حد بحسب السجناء. يقول سجينٌ آخر إنّه بعد الإضراب، «لائحة المنع طالت كل شيء. الملابس التي يأتي بها أهالينا لا يُسمح بإدخال معظهما، تارة بحجة الألوان أو الجيوب، وتارة أخرى بذريعة أنها مبطنة». ويضيف: «حتى العطور التي كانت تنسينا رائحة السجن النتن بات ممنوع إدخالها، فيما كرة القدم والسلة التي نشغل بها وقتنا صارت محظورة علينا». يتهم السجناء في مبنى الإرهاب إدارة السجون «بالتشديد وتضييق الخناق علينا حتى نكاد ننفجر».
في مقابل رواية السجناء، يأتي رد القوى الأمنية. تنفي مصادر وزارة الداخلية لـ«الأخبار» حصول أي اعتداء على السجناء، متحدثة عن تفتيش دوري تنفذه القوى الأمنية بين حينٍ وآخر. تنفي المصادر أن يكون العميد شعبان قد تعهّد للسجناء بما نُسِب إليه، مشيرة إلى أن هاجس السجناء كان ردوداً انتقامية قد يتعرضون لها إذا ما فكّوا إضرابهم. وتقول المصادر إن الضابط المكلف من وزير الداخلية نهاد المشنوق متابعة شؤون السجون قد تعهّد جازماً بأن أحداً لن يتعرض لأي إجراء انتقامي، شرط أن تكمل القوى الأمنية واجبها بالتفتيش الدوري. وتؤكد المصادر أنه أثناء دهم مبنى الإرهاب، الأربعاء الماضي، عُثِر على ٢١ هاتفاً خلوياً مع السجناء. أما مسألة انقطاع المياه، فتؤكد المصادر الأمنية أنه في هذه الفترة من كل سنة تنقطع المياه صيفاً بسبب كثرة الاستعمال نتيجة ارتفاع حرارة الطقس، في ظل اكتظاظ السجن بالنزلاء. وتذكر المصادر أن مدة انقطاع المياه لا تزيد على نصف ساعة في أسوأ الأحوال. وترى مصادر الداخلية أن الغاية من شكوى السجناء لفت النظر الى قضية العفو العام.