تبلغ قيمة مستوردات المشروبات الكحولية في عام 2016 نحو 78.5 مليون دولار أميركي، وبلغت رسوم الاستهلاك المستوفاة عنها نحو 3.5 ملايين دولار، بحسب البيانات الصادرة عن نقابة مستوردي المشروبات الروحيّة في لبنان.
وفي حال استقرّت قيمة السلع المستوردة عند المستوى نفسه في عام 2017، فإن الإيرادات المتوقّعة جبايتها من الضريبة التي أقرّت خلال الجلسة التشريعيّة الأخيرة على المشروبات الروحية المستوردة (تتراوح بين 15 و30% بحسب نوع المشروب الكحولي)، ستبلغ نحو 19.6 مليون دولار أميركي، أي زيادة الاقتطاع الضريبي أكثر من خمس مرّات على هذه السلعة، ما سيؤدّي إلى رفع الأسعار للحفاظ على هامش ربحيّة، وسينعكس بالدرجة الأولى على المستهلكين، ومن ثمّ على قطاع الحانات والمطاعم الذي يرتكز على الكحول كسلعة أساسيّة، ويعمل فيه عدد كبير من العمالة، وثالثاً على المؤسّسات المستوردة الصغيرة والمتوسطة التي ستضرّر بعد خلق مناخ احتكاري لمصلحة المؤسّسات الكبرى.

ضريبة للجباية

يندرج هذا الإجراء الضريبي ضمن سلّة الضرائب التي أقرّت تحت حجّة تمويل «سلسلة الرتب والرواتب»، علماً بأنه إجراء يتجدّد طرحه دورياً لرفد خزينة الدولة بإيرادات إضافيّة، كون الكحول من السلع التي لا إجماع ثقافياً حولها، وتنقسم آراء المجتمع اللبناني حول تحريمها وتحليلها لأسباب اجتماعيّة ودينيّة، بما يسهّل مسألة استهدافها بالضرائب.
هذه الفرضيّة تؤكّدها المديرة العامّة لوزارة الاقتصاد والتجارة عليا عباس لـ«الأخبار»، بالإشارة إلى أن «هذا الاقتراح قدّمته وزارة الماليّة، بهدف الحصول على إيرادات إضافيّة لتمويل السلسلة، كون هذه الضريبة ستطال سلعة كماليّة، لا تستهدف كلّ الناس ولا ذوي الدخل المحدود». وتتابع عباس «هذه الضريبة فرضت على المستورد، وسيتم تقاضيها مع الرسم الجمركي، وسنعمل على عدم تأثّر المستهلك بها عبر تفعيل رقابة وزارة الاقتصاد على الأسعار، خصوصاً أن رفع الضرائب لا يبرّر حجّة رفع الأسعار التي يقدّمها التجّار دائماً».

كيفيّة احتساب الضريبة

بحسب تفسيرهم للنصّ القانوني الصادر، تشير مجموعة من المستوردين إلى أن «الضريبة الجديدة ستفرض على سعر السلعة المستوردة في مرفأ بيروت، أي سيتم استبدال الرسم المقطوع الذي كان محدّداً بـ60 ليرة لكل ليتر من البيرة، و200 ليرة لكلّ ليتر من النبيذ ومشتقّاته، و400 ليرة لكلّ ليتر من الويسكي والفودكا وما شابههما، وهو ما يعني أن الضريبة ربطت بالسعر الأساسي، لتشكّل ما يشبه الازدواجيّة الضريبيّة بعد استيفاء الرسوم الجمركيّة والضريبة على القيمة المُضافة».

الإيرادات المتوقّعة جبايتها من الضريبة ستبلغ نحو 19.6 مليون دولار أميركي


إلا أن عباس تنفي ذلك، وتشرح أن «الضريبة ستطال رسم الاستهلاك المفروض راهناً»، إذ سيتم فرض ضريبة بنسبة 15% على رسم الـ60 ليرة المفروض على كلّ ليتر من البيرة، و25% على رسم الـ400 ليرة المفروض على كلّ ليتر من الويسكي والفودكا، و30% على رسم الـ200 ليرة المفروض على كلّ ليتر من النبيذ ومشتقاته. وهو ما تعدّه عباس «زيادة طفيفة».
الأضرار على القطاع
يُعدّ حجم قطاع الكحول في لبنان كبيراً، باعتباره بلداً مستهلكاً لهذه السلعة ومنتجاً لبعض أنواعها في آن واحد، ويشهد فورة في حجم المطاعم والمقاهي والحانات التي تعتمد على الكحول كسلعة أساسيّة. وبحسب الأرقام الصادرة عن الجمارك، استورد لبنان في عام 2016 بيرة بقيمة 10 ملايين دولار، ونبيذاً بقيمة 12 مليون دولار، وويسكي وفودكا بقيمة 53 مليون دولار. وتالياً، فإن أي زيادة على كلفة الاستيراد ستنعكس حكماً على الأسعار، برأي المستوردين، ما سيؤدي إلى انخفاض الاستهلاك أو زيادة كلفته على المستهلك.
يعبّر رئيس نقابة مستوردي المشروبات الروحيّة ميشال أبي رميا عن «رفض المستوردين لهذه الضريبة التي فُرضت على السعر الأساسي لزجاجة الكحول، والتي ستؤدي إلى زيادة حجم التزوير والتهريب من جهة، وإلى رفع الأسعار من جهة ثانية، بما ينعكس في الحالتين سلباً على القطاع السياحي، وعلى المستهلك لناحية النوعية التي ستصله وسعرها، إضافة إلى أن المنافسة بين المنتجَين المحلي والمستورد ستتحوّل من منافسة على النوعية إلى منافسة على الأسعار، وكلّ ذلك سيؤدي إلى ضرب الشركات والمؤسّسات المستوردة البالغ عددها نحو 120 شركة وتوظّف نحو 3000 عامل»، ويتابع أبي رميا «هذا الإجراء الضريبي سيكون موضوع طعن سيتقدّم به عدد من النواب بموجب قانون معجّل لإلغاء هذه الضريبة التي تطال السعر النهائي، كون القطاع لا يحتمل زيادات مماثلة، أو أقلّه تعديل الرسم على الاستهلاك وزيادته مرّتين أكثر لتكون الضريبة عادلة».
لا يختلف الضرر الواقع على المستوردين عن الضرر الذي سيصيب المطاعم والملاهي. يقول رئيس نقابة المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني رامي إن «الحانات والملاهي تعتمد بنسبة 90% على الكحول، فيما تعتمد عليها المقاهي والمطاعم بنسبة 20%، وتالياً فإن زيادة الأسعار من المستوردين سيؤدي إلى رفع الأسعار في هذه المؤسسات». ويشير رامي إلى أن «زيادة الأسعار ستؤدي إلى ارتفاع الكلفة التشغيليّة في هذه المؤسّسات التي ستعاني حكماً من التضخّم وتضطر إلى صرف موظّفين، وصولاً إلى الإغلاق». يعطي رامي أرقاماً (غير مدققة وربما تنطوي على مبالغة) تفيد بأن «هناك نحو 6 آلاف مؤسّسة في لبنان يعمل فيها نحو 155 ألف موظّف».