العمل على إنهاء احتلال «جبهة النصرة» لقسم كبير من جرود عرسال ـــ وفق «التسوية» التي وافق عليها التنظيم الإرهابي ـــ جارية على قدم وساق. وقوع ثلاثة من مقاتلي حزب الله في الأسر، بعدما ضلّوا الطريق ليل أول من أمس وانتهوا في أيدي مقاتلي «النصرة»، لا يُرجَّح، بحسب مصادر أمنية، أن يؤثر على نجاح التسوية.
وإن كان سيدفع التنظيم الإرهابي إلى محاولة تحسين بعض الشروط، كالمطالبة بإطلاق موقوفين لدى السلطات اللبنانية، مقابل إطلاقهم مع خمسة آخرين وقعوا في الأسر قبل أكثر من عامين، إضافة إلى تسليم جثتي شهيدين للحزب سقطا في معارك الجرود الأخيرة.
ليلة أمس، كان من المفترض أن يتسلّم الجانب اللبناني لوائح بأسماء من تريد «النصرة» خروجهم من مقاتليها إلى إدلب مع عائلاتهم.

«داعش» لن يقبل
الانسحاب من دون قتال ولن يفاوض «إلا تحت النار»

المصادر الأمنية ترجح أن عدد المغادرين قد يزيد على خمسة آلاف مدني ومسلّح، سيخرجون تحت حماية الجيش في الأراضي اللبنانية، وبضمانة حزب الله داخل الأراضي السورية.
وبالتوازي، يتسلم الجيش اللبناني أيضاً لوائح بأسماء أكثر من 200 مقاتل من تنظيم «سرايا أهل الشام»، سيتوجه قسم منهم مع عائلاتهم إلى مدينة الرحيبة (في القلمون الشرقي)، فيما يعود من بقي منهم إلى بلداتهم الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية ضمن التسويات التي تعقدها مع المقاتلين الذين يلقون سلاحهم.
مع إغلاق ملف احتلال «النصرة» لمعظم جرود عرسال، تتجه الأنظار إلى ما بقي من جرود يسيطر عليها تنظيم «داعش» الإرهابي. وتبلغ مساحة هذه المنطقة نحو مئتي كيلومتر مربع (نحو ضعفي المساحة التي كانت تحتلها «النصرة»)، وتمتد من أطراف وادي حميّد (شمال شرق عرسال) مروراً بجرود رأس بعلبك، وصولاً إلى جرود بلدة القاع شمالاً، من الجهة اللبنانية. بعد إنهاء التسوية مع «النصرة» وتفكيك مخيمات النازحين في وادي حميد، سيعمد الجيش اللبناني إلى إغلاق معبر وادي حميد، ما يعني عملياً قطع آخر شريان حياة لـ«داعش» الذي بات محاصراً من مواقع الجيش اللبناني غرباً، وحزب الله جنوباً (من فليطة إلى حدود وادي حميد) وشمالاً (من معبر جوسية إلى البريج على طريق دمشق ــــ حمص الدولي)، والجيش السوري وحلفائه شرقاً لجهة قارة والجراجير ويبرود.
ويسيطر نحو 500 مقاتل من التنظيم الإرهابي على سلسلة من الجبال والتلال الحاكمة داخل هذا المربع المحاصر، أهمها حليمة قارة التي تعتبر أعلى قمة في المنطقة (2500 متر)، ويقع نحو نصفها داخل الأراضي اللبنانية.
مصادر مطلعة استبعدت أن يوافق «داعش» على الانسحاب من دون قتال، مشيرة إلى أن التنظيم «لن يفاوض إلا تحت النار».

سينقل مسلّحو «سرايا أهل الشام» إلى منطقة الرحيبة والقلمون الغربي

لذلك، كل المؤشرات على الأرض، من الجهة اللبنانية، تدل على أن الجيش يتحضّر لخوض معركة الحسم ضد آخر الجيوب الإرهابية على الأراضي اللبنانية. إذ عمل على تعزيز مواقعه على التلال المقابلة لتلك التي يسيطر عليها «داعش»، واستقدم في اليومين الماضيين تعزيزات كبيرة إلى المنطقة. كذلك عمل على إنشاء خط انتشار ثانٍ في سفوح التلال لسدّ أي منافذ يمكن أن يتسلّل عبرها إرهابيو «داعش»، في ظل توافر معلومات مؤكدة بأن التنظيم الإرهابي، بعد تضييق الخناق عليه، يخطّط لـ«تسريب» انتحاريين عبر الممرات الجبلية والوديان لتنفيذ عمليات انتحارية في البلدات القريبة، ولا سيما ذات الغالبية المسيحية، في محاولة لإرباك الجيش والضغط على الدولة اللبنانية.
خلف خطوط انتشار الجيش، خطط المقاومة جاهزة للانتشار، دفاعياً، في بعض النقاط الحساسة بالتنسيق مع المؤسسة العسكرية إذا تطلب الأمر مؤازرة، فيما أهالي رأس بعلبك والقاع والجوار بمختلف انتماءاتهم الحزبية، قوميين وعونيين وسرايا مقاومة وحتى قواتيين، يتولون زمام الأمور داخل بلداتهم.