خرج الاشتباك السياسي بين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، وتحديداً في الشوف، إلى العلن، وتُرجمَ في مواقف حادَّة للنائب علاء الدين ترو، استهدف خلالها وزيري الطاقة والمياه سيزار أبي خليل والبيئة طارق الخطيب. ورأى ترُّو أنَّ «وزراء الوطني الحر يعتقدون أنَّ وزاراتهم ملك أبوهم، ويدشنون مشاريع لم يقوموا بها، وكل ذلك بهدف حشد أصوات الناخبين».
في منظورِ «الاشتراكي»، فإنَّ الوطني الحر «نسب إلى نفسهِ إنجاز تنفيذ شبكة مياه بطول 40 كلم في بلدة بعاصير، فيما هي تشكل جزءاً من مشروع جر مياه الأولي إلى المنطقة الذي وضع عام 1970». ويرى الاشتراكي أنَّ له «اليد الطولى في متابعة هذا المشروع».
ويعود التراشق الكلامي بين الطرفين على الإنجازات الإنمائية إلى خلفياتٍ انتخابية بحتة، وقبله خلافات سياسية عميقة بين الطرفين، ولا سيما في الشوف. وهذه ليست المرَّة الأولى التي يبرزُ الخلاف بين الحزبين، خصوصاً على المشاريع الإنمائية، إذ يرى «الاشتراكي» أنَّ «له الأولوية على باقي الأحزاب في الإقليم والشوف، لكونه حزباً تاريخياً عتيقاً».
قبل أشهر، دشن وزيرا الخارجية والمغتربين جبران باسيل والطاقة سيزار أبي خليل، مشروع المحركات العكسية في معمل الجية الحراري، ولم يحضر ترو الافتتاح بصفتهِ نائباً عن المنطقة، كذلك لم يحضر أي ممثلٍ عن الحزب الاشتراكي. حينها، انسحب عددٌ من رؤساء البلديات المحسوبين على «الاشتراكي» من الاحتفال، على خلفيةِ إشكالٍ بسبب عدم مراعاة البروتوكول، وفسر البعض الانسحاب بأنه رسالة سياسية إلى «الوطني الحر»، وهو ما نفته أوساط «الاشتراكي».
كلامُ ترُّو الأخير أثارَ بلبلةً سياسية، ولا سيما أنَّه يهاجمُ فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الحكومة، كذلك اعتبرَ أنَّ «لا ثقة بالحكومة التي تعيش تخبطاً كبيراً في كافة الملفات، وذلك في رسالةٍ مبطنة للرئيس سعد الحريري». وتقول مصادر سياسية في الشوف لـ«الأخبار» إنَّ «ترو لا يستطيع إطلاقَ أيِّ موقفٍ سياسي حاد، من دون تغطية من النائب وليد جنبلاط». وترى أنَّ الأخير «أرادَ تمريرَ رسالةٍ سياسية إلى الوطني الحر عبر ترُّو ومن برجا تحديداً، وتأليب الناس على التيار العوني من بوابة اتهامه بسرقة إنجازات المشاريع الإنمائية في الإقليم في ظلِّ الأجواء الانتخابية». ورأت المصادر أنَّ «جنبلاط يرى في جولات وزراء من خارج نسيجه السياسي، سواء أكانت إنمائية أو سياسية، انتقاصاً من دور الحزب الاشتراكي وتجاوزاً له من جهة، وإبرازاً لمدى غيابه عن الساحة الإنمائية في الإقليم والشوف من جهةٍ أخرى، الأمر الذي يفتح المجال لأحزابٍ أخرى بالدخول إلى الإقليم والشوف وسرقة دوره، وهذا ما دفعه إلى استخدام ترُّو كمنصةٍ للهجوم».
إلى ذلك، رأت مصادر قيادية رفيعة في «الوطني الحر» في منطقة الشوف أنَّ «ترو أخطأ في كل ما قاله وكلامه في غيرِ محله، ولا ينمُّ عن موقف الحزب الاشتراكي، وهو بالتالي لم يميِّز بين استقلالية الوزارات وسيادة كل وزير على وزارته». وأكدت لـ«الأخبار» أنَّ «الشوف للجميع وليس تابعاً لسلطةِ أحد كما يعتقد البعض، والجولات التي يقوم بها أبي خليل إنمائية وتخصّ مشاريع الوزارة التي تخدم الناس، ولا يحق للنائب ترُّو منع أي وزير من القيام بجولاتٍ على مشاريع وزارته، كذلك فإنَّ وزراء الوطني الحر لا يتهجمون على وزراء الاشتراكي ونوابه».
وأوضحت المصادر أنَّ «العلاقة بين الوطني الحر والحزب الاشتراكي باردة نوعاً ما، وليست على ما يُرام»، مؤكدةً أنَّ «الباب الإنمائي في الأجواء الانتخابية مشرَّع وليس أمراً معيباً، والتيار عندما يريد خوضَ المعركة الانتخابية في الشوف، سيخوضها بثقلٍ كبير، والتحالفات ستكون مرتكزةً أساساً مع القوات اللبنانية، أمَّا تيار المستقبل فالتحالف معه سيكون قائماً بحكم العلاقة معه».
في الجهةِ المقابلة، رأت مصادر «الاشتراكي» في الشوف أنَّ «كلام النائب ترُّو يعبِّر عن موقفه كنائب، ولديه الحق في الانتقاد وتصويب الأمور التي بحاجة لذلك»، مشيرةً إلى أنَّ «العلاقة مع الوطني الحر ليست جيدة إلى حدٍّ كافٍ، لكن لا قطيعة في الوقت نفسه».