مع استعار السّجال السياسي حول قانون الضرائب ووصول الحكومة إلى منعطفٍ خطير الأسبوع الماضي، قبل أن تنفرج الأزمة باتفاق على تعديل القانون، غاب ملفّ الانتخابات عن واجهة الاهتمامات، مع استمرار الانقسام حيال التسجيل المسبق للمقترعين، ومرور الوقت على إمكانية إصدار البطاقة البيومترية.
بالنسبة إلى رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، فإن الوقت يمرّ سريعاً من دون أن تقدّر القوى السياسية أهمية العامل الزمني وضيق المهل. حتى تقريب موعد الانتخابات النيابية الذي طرحه برّي، «استهلكه الوقت، لأن الأيام تمرّ سريعاً والتطوّرات السياسية والضرائب استهلكت أسبوعين على الأقل»، كما يقول رئيس المجلس لـ«الأخبار». ويذهب برّي بعيداً في قراءته للواقع الانتخابي، ويلمّح، في حال استمرار الانقسام حول التسجيل المسبق، إلى إمكانية التخلّي عن اقتراع الناخبين خارج مكان القيد.
في الأسابيع الماضية، كان الوزير نهاد المشنوق يرفع السّقف بهدف الضغط على القوى السياسية للتوصّل إلى اتفاق حيال التسجيل المسبق أو عدمه، بما يسمح لوزارة الداخلية ببدء العمل على البطاقة البيومترية مع بداية الشهر الجاري. مرّت الأيام الخمسة الأولى من الشهر، ولا يزال الانقسام قائماً، فيما دخلت الحكومة والمجلس النيابي في ورشة تعديل القانون الضريبي، ما يؤجّل البحث في الانتخابات أسبوعين على الأقل، وهذا ما يطيح المهلة التي حدّدها الوزير ببداية الشهر الجاري للبدء في إصدار البطاقة البيومترية.
مصير البيومترية، على الأقل منذ أسبوعين، لم يعد غامضاً. لا بطاقة بيومترية. هذا المصير حسمه المشنوق نفسه، حين أكّد في لقاء نظّمه «اتحاد جمعيات العائلات البيروتية» أن «الانتخابات النيابية المقبلة ستجرى في موعدها، لكن بالتسجيل المسبق في مكان السكن، لأنّ الوقت ما عاد يسمح بإنتاج بطاقة ممغنطة ولا هوية بيومترية».
كلام وزير الداخلية أزعج التيار الوطني الحرّ الذي يرفض التسجيل المسبق، ويجاريه في الموقف الرئيس سعد الحريري.
ويعلّق برّي على مبدأ التسجيل المسبق بالقول إن «هذا الخيار كان من أسهل الخيارات التي تسمح للناس بأن يقترعوا في أماكن سكنهم. لكنهم لم يحترموا المهل. هناك شهران حتى نهاية العام، ولن يكون بمقدورهم تطبيق هذه الآلية. وبعد أن طارت البطاقات البيومترية، هناك خيار التصويت بالهوية، وإذا لم يحصل التسجيل المسبق سيكون الاقتراع في القرى، ولن يكون هناك تأجيل للانتخابات بأي شكل».

وزارة الداخلية تملك
خطة «ب» للانتخابات وستطرحها أمام القوى السياسية


من جهتها، تؤكد مصادر التيار الوطني الحرّ أن هذا الأمر «يحتاج إلى توافق». لكنّها تأخذ في الاعتبار صوابية كلام برّي حول ضيق الوقت، وأن «الاتفاق يجب أن يحصل سريعاً حتى يُحسم الأمر». أمّا مصادر الداخلية، فتؤكد أن «أي قرار حيال الانتخابات أو تعديل ما اتفق عليه يحتاج إلى توافق بين القوى السياسية»، مشيرةً إلى أن «الوزارة تملك خطّة (ب) للانتخابات، وستطرحها عندما تجتمع القوى السياسية لنقاش التطوّرات الانتخابية».
من جهة أخرى، واصلت القوى السياسية تنفيذ الاتفاق الذي جرى في جلسة الحكومة الأسبوع الماضي لتعديل قانون الضرائب قبل نهاية الشهر المقبل، حتى يتمكّن الموظفون من قبض رواتبهم على أساس الجداول الجديدة التي أقرت في سلسلة الرتب والرواتب ونظمتها وزارة المالية قبل بداية الشهر الجاري. وأرسلت الحكومة أمس ثلاثة مشاريع قوانين إلى مجلس النواب حول السلسلة والضرائب والموازنة. الأول يجيز للحكومة تأخير تنفيذ القانون 46 (رفع الحد الأدنى للرواتب والأجور وإعطاء زيادة غلاء المعيشة للموظفين والمتعاقدين والأُجراء في الإدارات العامة وفي الجامعة اللبنانية والبلديات واتحادات البلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل وتحويل رواتب الملاك الإداري العام وأفراد الهيئة التعليمية في وزارة التربية والتعليم العالي والأسلاك العسكرية)، والثاني لتعديل واستحداث بعض الضرائب والرسوم، وهي التي اعترض عليها وأقرّ إبطالها المجلس الدستوري. أمّا المشروع الثالث، فهو إضافة مادة إلى مشروع الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2017، تتعلّق بقطع الحساب.
وبحسب المعلومات، فإن القوانين وصلت إلى رئاسة المجلس النيابي، ووُزِّع جدول أعمال محصور بها على النواب، على أن يتشاور بري والحريري حول موعد الجلسة التي يرجح أن تعقد الاثنين أو الثلاثاء. فيما قالت مصادر عين التينة إن «اقتصار جدول الأعمال على القوانين الثلاثة، لا يعني أن الجلسة ستكون سريعة، لأنه سيحصل نقاش طويل حولها».
كذلك تسلّم بري أمس مشروع الموازنة، ويفكر في إدراجه على جدول أعمال جلسة عامة منفصلة، من المرجح أن تعقد بعد 15 تشرين الأول بسبب سفر الحريري.
(الأخبار)