لم يكد القواتيون والكتائبيون، خصوصاً النواب والمرشحين، يستبشرون خيراً بزيارة رئيسي حزبيهما سمير جعجع والنائب سامي الجميّل المتزامنتين للسعودية، حتى أعاد الأخير «حركشة» الجمر الراكد بينهما. ففي مقابلة تلفزيونية ليل أول من أمس، اتهم الجميّل معراب بتقديم المصلحة الشخصية وتقاسم الحصص على المبادئ والموقف السياسي.
واعتبر أن «نقطة الفصل مع القوات كانت المشاركة في الحكومة والتسوية السياسية التي رفضنا أن نكون جزءاً منها». هجوم الجميّل استدعى رداً من الدائرة الإعلامية في حزب القوات «نقّرت» فيه على «مبدئية» رئيس حزب الكتائب الذي «لو أُعطي حقيبة الصناعة لكان هو شخصياً وزيراً في الحكومة».
رئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات اللبنانية شارل جبور، استغرب ما صدر عن الجميل، وكشف لـ«الأخبار» عن «حوار بعيد عن الأضواء بدأ منذ أسبوعين بين الحزبين، وكان يفترض أن يؤسس لخطوات إيجابية على الأرض». كما ساتغرب جبور «مزايدة رئيس الكتائب (...) ولو كان معارضاً حقيقياً لوجب عليه منذ اللحظة الأولى فتح البيت المركزي لقوى المعارضة». أما اتهام القوات بمساكنة حزب الله «فالشمس طالعة والناس قاشعة من شارك في كل حكومات المساكنة مع حزب الله منذ عام 2005. والكل يدرك من الذي وقف دائماً ولا يزال رأس حربة في مواجهة حزب الله». واعتبر جبور أن أسباب هجوم الجميّل «غير مفهومة. لكننا مصرون على متابعة مساعي الحوار مع الكتائب، لأن ما يجمعنا بهم أكبر بكثير مما يجمعنا بأي حزب آخر، وأكبر بكثير من أن يفرقنا».
على المقلب الكتائبي، لا تراجع عن كلام رئيس الحزب، رغم أن «البعض راهن على تبدل ما نتيجة تزامن الزيارة للسعودية، لكن لا قدرة لأحد على التأثير في القرار الكتائبي». وذكّرت بأن موقف بكفيا من الحكومة كان واضحاً منذ اليوم الأول، «فكل القرارات المجحفة بحق الشعب، والتي تتضمن خللاً تقنياً وإدارياً تحوز إمضاءات الجميع، بمن فيهم وزراء القوات». أما الحديث عن دخول القوات التسوية الرئاسية خدمة لمصالحها، «فأمر يؤكده اليوم ابتعادها عن التيار الوطني الحر بعد رفضه تقاسم الحصص معها». وتعتبر المصادر أن «من المضحك تشارك معراب في جلسة الحكومة الأولى بالبصم على خطة الكهرباء ثم تعود لتطعن بها نتيجة عدم تحمل جعجع للاستراتيجية العونية المعتمدة حياله بمساندة الرئيس ميشال عون».
لكن كلام الكتائبيين والجميِّل تدحضه وقائع انتخابات عام 2009 حين أتى القرار السعودي بضرورة عقد ائتلاف بين مختلف قوى ما كان يسمى «14 آذار». حينها، على ما تشير مصادر وسطية، جاء الأمر للرئيس سعد الحريري بإشراك الكتائب في اللوائح الآذارية، بعد أن كان الاشتراكي والقوات والمستقبل يخططون لاستبعاده، الأمر الذي أجبر هؤلاء على توسيع الدائرة لنواب الكتائب الخمسة. وتذكّر المصادر بالمقابلة التي أجراها يومها النائب سامر سعادة على شاشة «أو تي في»، عقب تهميش الآذاريين للكتائب، عندما أعرب عن نيته التحالف مع التيار الوطني الحر في البترون، لتنزله التسوية السعودية في طرابلس لاحقاً، وتفرض على النائب وليد جنبلاط تبني النائب فادي الهبر بدل أنطوان أندراوس، وعلى 14 آذار تبنّي النائب إيلي ماروني في زحلة. وتؤكد المصادر أنه عندما يجدّ الجدّ، فإن «القرار الخارجي أقوى من كل رغبات القوى الداخلية، ومن الآن حتى الانتخابات النيابية قد يخلق الله ظروفاً مشابهة لظروف 2009 تعيد الكتائب إلى بيت الطاعة». وهي عودة قد لا تكون مرفوضة كتائبياً، وربما يكون التصعيد الأخير محاولة لرفع «ثمنها».