على وقع التصعيد الأميركي ــ السعودي ــ الإسرائيلي ضدّ محور المقاومة، انطلاقاً من الميدان السوري، والعقوبات الأميركية على المقاومة والحركة السعودية الأخيرة في لبنان وكذلك التهديدات الإسرائيلية، ردّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس بخطاب عنيف، مفصّلاً الحماية التي تؤمّنها أميركا لداعش في الباديتين السورية والعراقية، ومؤكّداً أن أي يد ستحاول العبث بالاستقرار اللبناني «سنقطعها».
وأكّد نصرالله في إطلالته، لمناسبة مرور أسبوع على استشهاد القائد علي العاشق (الحاج عبّاس) والشهيد محمد ناصر الدين في بلدة العين في البقاع الشمالي، أن «التحرير الثاني تحقّق في آب الماضي بدحر تنظيمي النصرة وداعش الارهابيين من داخل الحدود اللبنانية، وإبعاد عناصرهما عن المناطق السورية على الحدود مع لبنان». ولفت إلى أن «الانتصار الذي حقّقه الجيش اللبناني وحزب الله والجيش السوري، لا يعني أنّ الخطر زال نهائياً»، لا سيّما بوجود مُخطّط لـ«داعش للعودة إلى القلمون الغربي وإلى جرود عرسال وإلى لبنان». وشرح كيف يحاول التنظيم الإرهابي أن «يستعيد زمام المبادرة وأن يُرسل الانتحاريين إلى عُمق المحاور التي استعدناها»، مُحذراً من أنّه «لا يجوز أن يُترك تنظيم داعش لأنه وجود سرطاني ويخطط للعودة إلى لبنان». من هنا تأتي ضرورة «حسم المعركة وجودياً مع داعش، والسماح ببقائه هو خطر على العراق وسوريا ولبنان».
وبشكل واضح، اتهم نصرالله القوات الأميركية بتأخير حسم المعركة ضد «داعش» في سوريا والعراق، لأنّ «لهذا التنظيم وظيفة بتدمير الشعوب، وهذه سياسة أميركا في موضوع داعش». وكشف أنّ الولايات المتحدة الأميركية «ما كانت تريد الانتهاء من داعش في جرود العين ورأس بعلبك والقاع. وضغطوا (الأميركان) على الدولة والجيش وهدّدوا». ورأى أنّه «لولا تضحيات المجاهدين والدماء التي نزفت هناك لكان يمكن أن تأخذ الأمور منحًى مختلفاً في المعركة... هؤلاء الشهداء استشهدوا في معركة لا بُدّ منها إلى حين إزالة داعش من الوجود، وهذه الدماء اليوم هي التي صنعت الانتصارات وهي التي تصنع الانتصارات». وحالياً، سلاح الجوّ الأميركي «يمنع في بعض المناطق الجيش السوري وحلفاءه من التقدم في مناطق سيطرة داعش. لا حلّ مع داعش إلا باستئصال هذا التنظيم». وأشار إلى أن لدى محور المقاومة معلومات مؤكّدة عن الغطاء الأميركي لـ«داعش» حتى تتمكّن القوات الحليفة للأميركيين من الحلول مكان التنظيم الإرهابي، كذلك استند إلى التصريحات الروسية خلال الأيام الماضية عن الدور الأميركي في دعم «داعش»، وأن القيادة الروسية في موسكو لديها معلومات عن هذا الدعم.
وتناول نصرالله مسألة تشديد العقوبات الأميركية المفروضة على حزب الله، مؤكّداً أنّ المشروع «لن يُغيّر موقف حزب الله في مواجهة الهيمنة الاميركية في المنطقة... ومن هو جاهز ليُضحّي بالدم، إذا عوقب بالموضوع المالي فلا يُغيّر مواقفه». وشرح نصرالله أنّه «يستطيع الآن أن يخرج أحدهم ليقول لا، مشروع العقوبات لا يؤثر علينا نهائياً. ليس صحيحاً، الصحيح أنه لا يؤثر على تمويلنا الأساسي، لكنّ هناك أناساً يتبرعون يمكن أن يخافوا ويحتاطوا، يوجد بعض التسهيلات التي نحصل عليها يمكن أن تتوقف. حسناً، يعني هذا يلحق بنا بعض الأذى، يؤثر بنا جزئياً، يضغطنا، حتى من الناحية النفسية والمعنوية بعض الناس ستخرج لتقوم ببعض الحسابات. لكن هذا لا يغير في المسار، لا يغيّر من موقف حزب الله شيئاً على الإطلاق، لا في الموضوع الاسرائيلي ولا في الموضوع التكفيري ولا في مواجهة مشروع الهيمنة الأميركية في المنطقة، ولا في الملف الداخلي اللبناني. لا يقدم ولا يؤخر، حتى لو كان لديه عبء وتبعات، لأن من هو جاهز للتضحية بالدم وبنفسه وفلذة كبده وأعزائه وأحبائه، إذا انضغط بالموضوع المالي لا يغيّر موقفه، لأنه هنا توجد قضية أكبر بكثير من هذه الحسابات وهذا الشكل من أشكال المعركة». وتابع أن «كلّ ما كانوا يستطيعون فعله عسكرياً وأمنياً وسياسياً وإعلامياً وتوحشياً قاموا به وفشلوا، والآن يريدون معاقبة من وقفوا في مواجهة مشروعهم». وأشار إلى أن حزب الله يقدّم الدعم لـ«المسعى الرسمي الحكومي الذي يحاول عزل الاقتصاد اللبناني عن تأثيرات قانون العقوبات».
وتزامنت كلمة الأمين العام لحزب الله مع تغريدة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان على «تويتر»، المُرحّبة بالعقوبات الأميركية «ضدّ الحزب المليشياوي الإرهابي في لبنان، ولكن الحلّ بتحالف دوليّ صارم لمواجهته ومَن يعمل معه، لتحقيق الأمن والسلام الإقليمي». مُلاحظة نصرالله الأولى أنّ السبهان «يعتبر حزب الله قوة إقليمية، ويعترف بأنّه لا يُمكن مواجهة حزب الله إلا بتحالف دولي صارم. من أين سيأتي السبهان بهذا التحالف الدولي؟». الملاحظة «الإيجابية» الثانية في كلام الوزير السعودي تسليمه «بأنّ العقوبات الأميركية لن تحلّ الموضوع، وهذا أمر جيد»، واصفاً السبهان بالـ«زعطوط». وشدّد نصرالله على أنّ «الأمن الإقليمي يتحقق حين لا تتدخل السعودية والأميركيون في المنطقة»، في حين أنّ «حزب الله هو من جملة العوامل الأساسية لتحقيق الأمن الحقيقي لشعوب المنطقة». السعودية، كما قال نصرالله، هي «من يمنع الأمن والسلام في كلّ من اليمن والبحرين والعراق وصولاً إلى باكستان. السعودية هي الخطر على الأمن والسلام الإقليمي إلى جانب إسرائيل، فهي فرضت الحرب على اليمن وأرسلت قوات إلى البحرين ومنعت الحوار».




العاشق من أبطال التحريرَين الأول والثاني

خصّص الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله جزءاً من كلمته أمس للحديث عن القائد علي الهادي العاشق (الحاج عباس) الذي استشهد في 2 تشرين الأول، في المواجهات مع «داعش» في بادية تدمر. وبدا نصرالله شديد التأثر خلال حديثه عن سيرة الشهيد القائد الذاتية، مؤكّداً أنه «التحق من بداية شبابه بالمقاومة مجاهداً... من العين البقاعية إلى الخطوط الأمامية في الجنوب، وهذه ثروة وطنية». مهماته تعدّدت، فكان «أحد قادة المقاومة في الجنوب، وأحد قادة التحرير الأول عام 2000»، واستمر عمله بعد تلك السنة «في بناء القوة والجهوزية. وكان قائداً في القوة الخاصة، وأحد قادة المقاومة الميدانيين في حرب تموز 2006، الذين صنعوا الانتصار بصمودهم وخبرتهم، وأحد القادة الميدانيين الأساسيين على امتداد الجبهات، وهو أحد قادة التحرير الثاني (ضدّ «النصرة» و«داعش» في الجرود اللبنانية ــ السورية). وقال نصرالله إنّ «الحاج عباس العاشق لم يتردد في الالتحاق بالجبهة في أي معركة».
وتحدّث نصرالله أنّه عندما «تقف أمام الحاج عباس تأخذ فكرة عن شخصيته: الحاج المُتديّن، الخلوق، المؤدب، الليّن الجانب إلى جانب الصلابة والقتال في المعركة، والمربّي، والأب، والصبور، والحكيم». أما من أهم مميزات العاشق، فهي «الحضور المباشر في الخطوط الأمامية في الميدان».





عون من عناصر قوة لبنان

في معرض ردّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على أحد أعضاء الكونغرس الأميركي، إد رويس، الذي وصف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بـ«عميل حزب الله» («الأخبار»، الخميس 5 تشرين الأول 2017)، وجّه نصرالله تحيّةً إلى عون، مؤكّداً أن حسابات الأميركيين مع رئيس الجمهورية خابت. وقال نصرالله: «طبيعي أن تكون أنت (رويس) منزعجاً من فخامة الرئيس ميشال عون، لأنه ليس عميلاً لحزب الله قطعاً، ودائماً كانت العلاقات هي علاقة ندية وصادقة وتفهم وحوار ونقاش وتلاقي، ويمكن أن نختلف في بعض الملفات، ولكن ما يزعج الأميركيين هو أنهم يريدون رئيس جمهورية في قصر بعبدا عميلاً لهم، تابعاً لعوكر. عون ليس كذلك. منذ زمن يعرفونه أنه ليس هكذا، وأنه رجل مستقل. هم يريدون رئيس جمهورية يخاف في حال قال الأميركان شيئاً، لا ينام الليل إذا طلب الأميركان شيئاً، ويشتغل ليحققه. إذا هدّد الأميركان ترتجف ركبتاه. عون لم يكن كذلك وليس كذلك. كان لديهم حسابات، وخابت حساباتهم. هو بالتأكيد ليس عميلاً لأحد، هو زعيم مستقل يمارس قناعاته الوطنية. هذا رئيس يعبّر عن أغلبية شعبية لبنانية، وهذا رئيس يشكل ضمانة وطنية حقيقية. (...) نحن نعرف هذا الرجل جيداً، هذا أيضاً من عناصر القوة في لبنان».