يخيّل لمتابعي الشأن السياسي في لبنان والمنطقة أنّ الوزير السعودي ثامر السبهان اكتشف موقع «تويتر» أخيراً، وأُعجب بكتابة التغريدات وتفاعل المتابعين السلبي أو الإيجابي معه. لا يكاد يمر يومان من دون أن يُطلق تهديداً جديداً، موجهاً ضدّ اللبنانيين حيناً، وضد حزب الله أحياناً كثيرة.
آخر «فنعات» الدبلوماسي السابق كتابته أمس أنّ «المملكة تؤيد جميع السياسات المُحاربة للإرهاب، ومصدره، وأذرعه، وعلى دول المنطقة أن تتوحد في مواجهة قتل الشعوب وتدمير السلم الأهلي»، قبل أن يُلحقها بتغريدة ثانية: «لا يتوقع حزب الإرهاب ومن يُحرّكه أنّ ممارساته القذرة ضد المملكة ودول الخليج ستكون بلا عقاب». ويبدو أن رجل الأمن الذي يحمل رتبة سفير قد أعجب بنفسه بعدما ردّ عليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يوم الأحد الماضي، حين وصفه الأخير بـ«الزعطوط»، قبل أن يقول إن المقاومة ستقطع اليد التي ستمتد إلى لبنان. وقرر السبهان «استعارة» العبارة التي لطالما استخدمها الأمين العام لحزب الله، وتكرارها من دون أي تعديل أو إبداع، إذ قال إن «المملكة ستقطع يد من يحاول المساس بها». تغريدات السبهان ستلقى بالتأكيد ترحيباً من قوى محلية ارتضت، في الفترة الأخيرة، لعب دور الأداة السعودية في لبنان، مُعتبرةً أنّها بهذه الطريقة قادرة على «مواجهة النفوذ الإيراني». ولكن السبهان وما يُسمّى «السياديين» في البلد، يعلمون أنّ أيّ تحرّك سعودي في لبنان لا يُصبح جدّياً إذا لم ينضم إليه أفرقاء أساسيون، كتيار «المستقبل». وحتى الساعة، ما زالت مصادر بارزة في التيار الأزرق تؤكد أنّ كلام الوزير السعودي يُعبّر عن موقف السعودية، لا عن خطة عمل جاهزة لديها، كونها تضع كل بيضها في السلة الأميركية ــ الإسرائيلية لمواجهة حزب الله. وتجزم مصادر رفيعة المستوى في «المستقبل» بأنّ «المستقبل لا يوافق على سياسات التويتر»، ولا يرى في مواقف السبهان أكثر من محاولة للتراشق الإعلامي مع نصرالله. وتؤكد مصادر التيار الأزرق أنه لن ينجر إلى لعبة تفجير الاستقرار الداخلي.
موقف في السياق ذاته عبّر عنه رئيس الحكومة سعد الحريري، بعد لقائه الكاردينال بشارة الراعي في روما أمس، فطمأن، رداً على سؤال، أنّ «الحكومة لن تتفجر لأنّنا جميعاً نعمل لمصلحة لبنان. الخلافات السياسية كانت تحصل لأنّ كلّ واحد مُتمترس خلف مواقفه السياسية الواضحة. ما زلنا متمترسين خلف هذه المواقف، لكن الفارق هو أنّ هناك وضعاً لبنانياً، واستقراراً لا دخل له بما يحصل حولنا. لذلك علينا أن ننظر إلى مصلحة لبنان ونعمل على هذا الأساس». ومن موقعه كرئيسٍ للحكومة، «سأعمل أن أُجنّب لبنان أي أخطار». أما عن موقفه من العلاقة بين الولايات المتحدّة الأميركية وإيران بعد موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن استراتيجية مواجهة ضد طهران، فقد سأل الحريري: «ما الذي يُقدّمه لبنان أو يؤخّره في هذا الموضوع؟ يجب علينا الحفاظ على الاستقرار وعلى هذا التوافق القائم في البلد، الذي هو لمصلحة لبنان».
وقد تناول الحريري خلال لقائه بالراعي ملفّ النازحين السوريين، فرأى أنّ الموضوع «يجب أن يتناول أولاً مصلحة لبنان العليا، ولا بدّ من معالجته بشكلٍ لا يتأثر فيه لبنان خارجياً ضمن المجتمع الدولي ولا حتى إنسانياً. فهؤلاء النازحون أشقاؤنا وعلينا أن نحافظ على أمنهم واستقرارهم. لم ينزحوا إلا لأنه كان هناك تهديد يطاولهم»
من جهته، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الأخبار» أنّ اللقاء الذي جمعه بالحريري والنائب وليد جنبلاط في كليمنصو، مطلع الأسبوع الجاري، هدفه حفظ الاستقرار اللبناني، بعد مؤشّرات التصعيد المتزايدة في المنطقة. وأعاد برّي القول إنّ «اللقاء ليس موجّهاً ضد أحد من القوى السياسية في الداخل اللبناني، والجميع حريص على استقرار لبنان وانتظام عمل الحكومة والمؤسسات»، لافتاً إلى أن «اللقاء لن يكون الأخير». على صعيد آخر، أشار رئيس المجلس إلى أنّه «على الرغم من الصعوبات التي مرّ بها قانون الضرائب، فهو الإصلاح الضريبي الأوّل في لبنان». وأكّد أنه «ما إن تنتهي ورشة الموازنة حتى تبدأ ورشة مكافحة الفساد، والفساد لا يحارب من دون الأجهزة الرقابية التي يجب أن تكتمل شواغرها وتنطلق في العمل».
وخلال «تمشايته» المسائيّة المعتادة، استقبل برّي طلاب حركة أمل الذين فازوا أمس في انتخابات الجامعة الأميركية في بيروت، وذكّرهم بأنه «ليس لحركة أمل أعداء في لبنان بل أخصام في السياسة»، وأنه «بالأمس تحالفتهم معهم (أي التيار الوطني الحرّ) واليوم تحالفوا مع غيركم وربحتم أنتم. مصلحتهم كانت بالتحالف معكم، وغداً قد تعودون وتتحالفون معهم، فأنتم أبناء وطن واحد».
من ناحية أخرى، قال الوزير جبران باسيل في ذكرى 13 تشرين إنّ الهدف «لم يكن يوماً أن يصل العماد ميشال عون إلى الرئاسة بل هو وسيلة، والهدف لم يكن يوماً أن نصل الى السلطة بل هي وسيلة من وسائل التغيير». ووجّه رسائل إلى «الآخرين»، مُتحدّياً بأن «لا تراهنوا على صبرنا، ولا اندفاعنا، ولا تعبنا ولا تشويه حقيقتنا، ولا على وجودنا في السلطة، فلن تتعبنا ولن تنهكنا ولن نصبح مثلها بل سنجعل منها على صورتنا. نحن نقيض الأحادية، فلا تقولوا إننا إلغائيون. ونحن نقيض عنصرية إسرائيل وداعش، فلا تقولوا إننا عنصريون. ووطنيتنا ستمنع التوطين يا موطّنين ويا مستوطنين. لا تراهنوا على فشلنا أيها الفاشلون، بل انتظروا المزيد من طاقاتنا».
(الأخبار)