جرت محاولات حثيثة لتفصيل مناقصة تنفيذ خطوط صرف صحي رئيسية وشبكات مجارٍ في الصرفند على قياس شركة معينة، إلا أنها لم تتمكن من منافسة ضغوط المموِّل الكويتي، الذي فرض أن تكون الشركات المؤهلة للمشاركة في المناقصة متحالفة مع شركات كويتية.
تقول مصادر مطلعة إن أحد مسؤولي مجلس الإنماء والإعمار سعى جاهداً لتحويل مناقصة الصرف الصحي والمجاري في الصرفند إلى استدراج عروض محصور بالاستناد إلى لائحة دعوات مصغّرة، أي إن مجلس الإنماء والإعمار يدعو عدداً محدوداً من الشركات المسماة من قبله لتقديم عروض بشأن تنفيذ الأشغال المطلوبة. وكان الهدف من الضغط الذي مارسه المسؤول المذكور تسهيل فوز شركة دنش للمقاولات والتجارة، إذ إنه في حالة اللائحة المصغَّرة، ترتفع فرص الاتفاق الضمني بين الشركات لضمان فوز أحد العارضين، لا بل إن اللائحة المصغَّرة هي الأداة الأساسية لتوزيع الأدوار بين الشركات بإشراف المرجعيات السياسية لكل شركة وموافقة هذه المرجعيات.
تكشف المعلومات عن ضغوط مورست على الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لتحويل مناقصة شبكات المجاري والصرف الصحي في الخيام إلى استدراج عروض بلائحة مصغرة. ففي آذار 2017، زار المدير العام للصندوق الكويتي في لبنان عبد الوهاب البدر، رئيس مجلس النواب نبيه برّي، يرافقه رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر ونائبه ياسر بري. يومها قال البدر بصيغة ديبلوماسية: «أبلغت دولته أننا سنفتتح بعد غد السبت أحد المشاريع في الجنوب، وهو مشروع الصرف الصحي لمرجعيون والخيام الذي موّله الصندوق من ضمن قرض سابق». فالأشغال هذه، كان يفترض أن تلزَّم بطريقة المناقصة المفتوحة، لكن الضغط السياسي حوّلها نحو استدراج العروض المحصور بلائحة مصغَّرة، ما ضمِن فوزاً محققاً لتحالف شركة الخرافي ــ «الموارد المائية والتنمية WARD» المملوكة من شريف وهبي، في مناقصة تفوق قيمتها 50 مليون دولار.
شركتا دنش ووهبي تتمتعان بالنفوذ السياسي نفسه، وإن كان هناك تنافس داخلي للأذرع العائلية ــ المالية لهذا النفوذ، إلا أن قدرة أي منهما على الضغط تساوي قدرة المموِّل. فالصندوق الكويتي يسعى إلى حماية مصالح الشركات الكويتية، وهو تمكّن من فرض التحالف بين الشركات المحلية والشركات الكويتية على المناقصات الممولة منه. الفرق أنه في مناقصة الخيام، دُعي العارضون المسمون من قبل المجلس، فيما قرّر مجلس الإنماء والإعمار بالاتفاق مع الصندوق الكويتي تلزيم أشغال الصرفند المقدّرة قيمتها بأكثر من 25 مليون دولار، بمناقصة مفتوحة «يقبل للاشتراك فيها المجموعات المندمجة المؤلفة من الشركات المحلية المؤهلة لدى المجلس لتنفيذ مشاريع أشغال مدنية تفوق قيمتها 20 مليون دولار ومن الشركات الكويتية المصنّفة فئة أولى لتنفيذ أعمال مدنية وإنشائية أو أعمال خارجية لدى الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية التي تتوافر فيها شروط التأهيل الواردة في دفتر شروط المناقصة».
الجهات الكويتية لديها القدرة على ممارسة الضغوط، ولديها الرغبة في أن تكون الشركات الكويتية مستفيدة من التمويل الكويتي الممنوح للبنان مهما يكن شكله، كذلك لديها النيّة لتفصيل المناقصات على قياس الرغبات الكويتية والمحلية على حدٍّ سواء.