فيما يجري النقاش حالياً حول الجهة المخوّلة الإشراف على الصندوق السيادي المُزمع إنشاؤه لإدارة عائدات قطاع النفط في لبنان، يظهر تساؤل جديد عن الأموال التي حصّلتها الدولة من عملية بيع دراسات المسح البحري الذي نفذته شركات أجنبية، ووصلت قيمتها إلى نحو 135 مليون دولار، كانت حصّة الدولة منها 35 مليون دولار. هذه الأموال مودعة في حساب خاص باسم المنشآت النفطية في مصرف لبنان، بحسب وزير الطاقة سيزار أبي خليل، فيما وزارة المالية تؤكد أنها ليست على علم بالحساب ولا بوجود الأموال فيه.
ما قصة الحساب؟ ولماذا أنشئ بدل أن تحال الاموال على الخزينة؟
بين عامي 2012 و2014 ركّزت وزارة الطاقة على إعداد دراسات المسح البحري وتحليل معطيات المياه الإقليمية والمنطقة البحرية الاقتصادية لتحديد مكامن الغاز والنفط. وقد أثبتت تحاليل المسح البحري الذي أجرته شركتا بتروليوم جيو سرفيس النروجية (بي.جي. أس) وسبيكتروم البريطانية للمياه اللبنانية، وجود كميات وافرة من الغاز في المناطق الممتدة من الشمال إلى الجنوب، مروراً بالمياه المقابلة لبيروت وجبل لبنان، وإن بنسب متفاوتة. وفي ما بعد، باعت هاتان الشركتان نتائج الدراسات إلى شركات مهتمة بالتنقيب عن النفط والغاز، فكان للبنان حصّة من عمليات البيع بقيمة 35 مليون دولار. وحين أقرت الحكومة بداية العام الجاري المراسيم النفطية التي من شأنها تنظيم قطاع النفط، استفسر عدد من الوزراء عن عائدات بيع الدراسات، لكنّهم لم يلقوا جواباً شافياً.
الوزير سيزار بوخليل أكّد أن «الحساب فتح في مصرف لبنان عام 2011 بإمضاء المدير العام لمنشآت النفط ووزير الطاقة جبران باسيل، وبناءً على قرار صادر عن مجلس الوزراء، ووُجِّه كتاب بهذا الخصوص إلى وزير المالية في حينها». وأشار إلى أن «إيداع هذه الأموال في حساب إدارة المنشآت، يعود إلى أنه لم يكُن هناك هيئة لإدارة قطاع النفط»، بسبب السجالات والخلافات حول الملف، مؤكداً أن «الحساب موجود ولم يُصرف منه شيء». لكن لماذا لا تزال هذه الأموال في هذا الحساب؟ بحسب وزير الطاقة، «ينص قانون النفط على أن العائدات النفطية ترسل كلّها إلى الصندوق السيادي، ونحن في انتظار الاتفاق عليه لتحويل الأموال إليه». وذكرت مصادر في وزارة المالية أن «الحساب لم يستخدم منذ فتحه، باستثناء عملية سحب واحدة تمّت منذ نحو شهر، من دون معرفة القيمة ولا وجهة صرفها» مشيرة إلى أن في الحساب نحو 50 مليون دولار. لكن مصادر وزارة الطاقة نفت ذلك، مؤكدة أن أموال بيع نتائج المسح وضعت جميعها في الحساب المذكور، وتبلغ 35 مليون دولار، ولم يُسحب منها أي ليرة.
رغم ما تقدّم، تؤكد مصادر «المالية» أن في فتح الحساب «تجاوزاً للقانون، إذ كان من المفترض عند إقرار مراسيم النفط الإفصاح عنه وتوضيح كيفية التصرف بحصة الدولة من عمليات البيع، ومعرفة مصادر الأموال الموضوعة في الحساب».