لم يكد قانون سلسلة الرتب والرواتب يصدر في المجلس النيابي، حتى شنت المؤسسات التربوية الخاصة حملة منظّمة لوّحت فيها برفع الأقساط بنسب تراوح بين 27% و36%، أو بقيم مطلقة تصل إلى مليون ليرة وأكثر.وقاد الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار الأنطوني، الحملة، نيابة عن اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة (المدارس التابعة لجمعيات دينية) الذي يشغل منصب التنسيق فيه، وذلك بأشكال مختلفة، مستعيناً بكل الوسائل المتاحة له من مدارس يمون عليها، إلى لجان أهل، إلى علاقات تنتج ضغوطاً على الموظفين، أو مستنداً إلى صورة الكنيسة ودورها في لبنان، أو مشاريع قوانين وما استطاع إليه سبيلاً.

الدعوة إلى التظاهر

قبل أسبوع، دعت «اتحادات لجان الأهل» في المدارس الخاصة إلى التظاهر في ساحة ساسين غداً الأحد، تحت شعار: «لن ندفع أي زيادة على الأقساط ولتتحمل الدولة أعباء السلسلة». ويوم الجمعة في 27 تشرين الأول الماضي، دعا الأب جورج صدقة الأنطوني، رئيس ومدبر مدرسة الآباء الأنطونيين، إلى اجتماع عام للأهالي وأبلغهم بزيادة محتملة بقيمة 37% على الأقساط، ودعاهم أيضاً إلى التظاهر في ساحة ساسين، ومثله فعلت الأخت باسمة الخوري في مدرستها الأنطونية، فقد دعت الأهل أيضاً إلى التظاهر، بحسب مصادر بعض أولياء الأمور.

راتب المدير والمدير المالي 12 مليون ليرة شهرياً لكل واحد منهما، وكلاهما رجلا دين


للتوضيح، الداعون باسم اتحادات لجان الأهل هم عينهم الممثلون عن اتحادات لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية، بينما لم تشاركهم الدعوة أي من لجان الأهل في المؤسسات التربوية للطوائف الأخرى ولا المدارس العلمانية أو الإفرادية، بل إنّ عدداً كبيراً من لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية خارج الوصاية المباشرة للأب عازار لم يشارك في الدعوة.
عشية التظاهرة، تنشر «الأخبار» أرقاما من موازنة مدرسة الآباء الأنطونيين لعام 2013- 2014، وتحاول تسليط الضوء على الحجم الكبير للنفقات غير التعليمية المدرجة في الموازنة، والتي يتحمّلها أهالي التلامذة.

معلومات عن الهيئة التعليمية والإدارية

11.4 مليار ليرة هو مجمل المداخيل من الأقساط بمعدل 5.8 ملايين على التلميذ. النفقات كما بات معروفاً مقسمة، بحسب القانون 515، 65% على الأقل رواتب وأجور وملحقاتهما، و35% على الأكثر نفقات تشغيلية، على أن تكون كل النفقات مرتبطة بسير العملية التعليمية حصراً.
لا بد في البداية من لفت النظر إلى وجود 49 موظفاً ومستخدماً في مؤسسة تعليمية تضم 2085 تلميذاً/ة، ما يعني أنّ لكل 31 تلميذاً موظفاً!
كذلك يمكن تسجيل الملاحظات الآتية:
ــ راتب المدير والمدير المالي 12 مليون ليرة شهرياً لكل واحد منهما، وكلاهما رجلا دين.
ــ المدرسة توظف 4 محامين بدوام كامل، أحدهم بصفة مستشار براتب شهري 4.25 ملايين ليرة لبنانية، وهم غير مرتبطين بالعملية التربوية.
ــ 3 موظفين إداريين (من غير التربويين)، راتب كل منهم 4.25 ملايين ليرة شهرياً (تاريخ التوظيف 2011)
ــ باقي الموظفين تراوح رواتبهم بين 675 ألف ليرة ومليون ونصف مليون ليرة.
ــ الطبيب براتب 1.8 مليون ليرة بدوام كامل، وهنا إذا كان الطبيب متوافراً بدوام كامل، فلماذا تتضمن الموازنة رقابة طبية إضافية بقيمة 20 مليون ليرة لبنانية؟
من المفيد الإشارة إلى أنّ المحامين لا علاقة لهم بسير العملية التربوية، كما السائقون، إلا إذا كانت المسافة بين المباني تستدعي الحاجة إلى سيارة أو لأغراض لوجيستية، أما نقل الطلاب فهو خارج العملية التربوية.
="" title="" class="imagecache-465img" />
للصورة المكبرة انقر هنا


ــ 21 عامل صيانة وحدائق وصيانة مبانٍ، من المفترض أن تكون رواتبهم من حساب الصيانة في بند النفقات التشغيلية وليس الرواتب أو تقليص بند الصيانة من النفقات التشغيلية منعاً للازدواجية في المصارفات.
لا شك في أنّ العديد من هذه الوظائف، ولا سيما غير المرتبطة بسير العملية التربوية، يجب أن تزول، فالأهالي هم من يدفعون رواتب العاملين فيها. والمبلغ المرصود في الموازنة للهيئة الإدارية غير التعليمية يمكن خفضه إلى النصف (قرابة 700 مليون ليرة بدلاً من مليار و338 مليون ليرة).


مبالغات في النفقات التشغيلية

أما النفقات التشغيلية فحدث ولا حرج. مجموعها بحسب الموازنة 3.7 مليارات ليرة، وهي نسبة 35% من المجموع العام:
ــ مساعدة التلامذة المحتاجين وقيمتها 850 مليون ليرة، وباحتسابها على عدد التلامذة وهو1976 تلميذاً/ة ممن يدفعون القسط، أي إن الأهل يدفعون ما قيمته 227 ألف ليرة عن كل ولد لدعم هذا الصندوق، وهم أحوج إلى هذا المبلغ ولا تُعرف حقاً قيمة المبلغ المتراكم من السنوات الماضية، وإذا كان قد صرف كاملاً أو لا، بالرغم من حق لجنة الأهل والهيئة المالية الإشراف عليه.
ــ التجديد والتطوير وقيمته تقارب 300 ألف دولار، وهو كافٍ لتجهيز 3 مدارس تجهيزاً كاملاً، على سبيل المثال: كلفة اللوح التفاعلي تقارب 1000 دولار يمكن تجهيز كل الشُّعب الـ 73 بألواح تفاعلية، إضافة إلى «تابليت» خاص بالتعليم لكل الصفوف وبرنامج اتصالات مركزي وتجهيز المكتبة وغيره.
ــ للاستهلاكات نظام وأسس محددة بوزارة المال وقيمة الاستهلاك واضحة يمكن أيَّ مهندس تقدير حجم الاستهلاكات للأثاث والتجهيزات، وغالباً ما يُدمَج بينها وبين التجديد والتطوير، ويصعب أن تكون بهذا القدر (335 مليون ليرة).
- خدمة وتنظيف: 280 مليوناً تصرف على منتجات التعقيم وورق الحمام والصابون وغيره، يمكن أيَّاً من الأهل تقدير حجم استهلاك الشعبة اليومي منها، ويحصل على حسابها عند ضرب الحاصل بـ 170 يوم تدريس و73 شعبة.
- كلفة الصيانة للمبنى تبلغ 650 مليون ليرة، وهو رقم كبير جداً.
هدف هذا العرض هو لفت نظر الأهل إلى حجم تضخيم المصارفات. ولا شك في أن بين الأهالي محاسبين وخبراء حرصاء على مؤسساتهم التربوية، وهم قادرون على أن يروا حجم المبالغات التي تحكم الأقساط، وبالتالي حجم الأرباح التي تحصل عليها المدرسة. فالمدارس المعفاة من الضرائب والرسوم والضريبة على القيمة المضافة بموجب القانون لا تخضع لأي رقابة مالية من مؤسسات الدولة، والمقرر الأساس فيها هو لجان الأهل التي يبدو، في النموذج، أنها لا تدقق في مصارفات المدرسة ولا في حساباتها.
(الأخبار)



■ للاطلاع على الجداول انقر هنا


■ للاطلاع على قوانين لجان الأهل انقر هنا