شبّ حريق في أحد مكاتب مبنى الفندق التابع لمُستشفى رفيق الحريري الحكومي، أمس. لم تُعرف أسباب الحريق بعد، فيما بدا المعنيون في المبنى حرصاء على التكتّم وعدم البوح بأيِّ تفاصيل لـ«الأخبار» التي لم تأذن الإدارة لها بالتصوير أو بمحادثة أيٍّ من الموجودين.
ويُعدّ مبنى الفندق واحداً من ثمانية مبانٍ مُلحقة تابعة لمبنى المُستشفى الرئيسي: مبنى سكن الطلاب، مبنى كلية التمريض، مبنى العيادات الخارجية وأربع فيلات. هذا الفُندق أُنشئ ضمن رؤية ما يُعرف بـ«السياحة الطبية» التي تضمّنها المخطط الأساسي لبناء المُستشفى، وكان من المُفترض أن يُخصّص لزوار المرضى الأجانب أو القادمين من مناطق نائية. وقد بدأ يُستخدَم منذ فترة لاستقبال المرضى العراقيين ضمن اتفاقية بين وزارة الصحة اللبنانية ونظيرتها العراقية. بعدها، استُخدم كـ «ثكنة» للجيش اللبناني بعدما استُحدثت له نقاط عند مداخل المُستشفى منذ نحو ثلاث سنوات عقب تزايد التعديات على الممرضين والأطباء العاملين في المُستشفى عموماً، وفي قسم الطوارئ خصوصاً، قبل أن ينتقل عناصر الجيش و«يستوطنوا» إحدى الفيلات الأربع المجاورة.

من يشغل الفندق حالياً؟

معظم الذين كانوا حاضرين أمس في المُستشفى كانوا يستخدمون مُصطلح «مبنى المخزومي» للدلالة على مبنى الفندق، في إشارة إلى المكاتب التابعة لجمعية المخزومي الموجودة في المبنى. وتُفيد المُعطيات بأنه عند بداية العام الحالي، لجأ مُدير المُستشفى فراس الأبيض إلى تأجير المبنى للجمعية، كـ«نوع من الحصول على موارد للمُستشفى»، وفق ما تنقل مصادر إدارية.

شهد المستشفى
منذ سنوات حريقاً مفتعلاً في دائرة الصيانة والهندسة أُتلفت فيه الكثير من المُستندات


تنفي إدارة المُستشفى هذا الأمر، وتتجنّب تسمية «تأجير المبنى»، مُشيرة إلى أن الفندق مشغول من قبل المكاتب التي تتابع ملف استشفاء اللاجئين السوريين.
بحسب «المُفوضية السامية لشؤون اللاجئين» التابعة للأمم المتحدة، فإنّ ملف الاستشفاء في المُستشفيات الحكومية هو في عهدة شركة «نيكست كير» التي لا تملك مكاتب في المبنى. ماذا عن مخزومي؟ تقول المفوضية إنها متعاقدة مع الجمعية في مجال الرعاية الصحية الأولية، ومن أجل القيام بنشاطات اجتماعية للاجئين السوريين، «لكن لا علاقة للجمعية بملف الاستشفاء»، وفق ما تقول المتحدثة باسم المفوضية ليزا أبو خالد لـ«الأخبار». إذاً، لماذا تشغل الجمعية مكاتب في المبنى؟
تقول المصادر الإدارية نفسها في اتصال مع «الأخبار» إن الجمعية تشغل الفندق من أجل أعمال خاصة بالجمعية لا علاقة لها بملف الاستشفاء للاجئين السوريين، لافتةً إلى «حرص الإدارة على عدم البوح بالاتفاقية السرية بين الإدارة والجمعية لتأجير الأخيرة هذا المبنى خلافاً للقانون». وتُبرّر المصادر إصرار العاملين في المبنى على «التكتم» على موضوع الحريق بأنه تجنّب للحديث عن «دورهم» في مبنى تابع لمُستشفى حكومي.

شُبهة الحريق المفتعل

يتألّف الفندق من أربع طبقات. ليس في مبنى المُستشفى قسم مخصّص لمحفوظات المُستشفى وأرشيفها. لذلك، بحسب العاملين في المُستشفى، فإنّ أرشيف المستشفى وملفاته «مُوزّعة» على المباني المُلحقة التابعة للمُستشفى. وتُفيد المعطيات بأن مبنى الفندق يحتوي على ملفات تتعلّق بفواتير الموردين والتدقيقات المالية. وفيما تقول الإدارة إن الحريق لم يصل إلى المكاتب التي تحتوي على الأرشيف، تُثير مصادر مُطّلعة على ملف المستشفى الحكومي شُبهة الحريق المفتعل بغاية إتلاف مُستندات الفواتير. وتستند في تبنيها لشبهة الحريق المفتعل، إلى حادثة مماثلة وقعت في المُستشفى قبل نحو أربع سنوات، عندما شهدت دائرة الهندسة والصيانة حريقاً تبيّن نتيجة التحقيقات أنه مفتعل لإتلاف المستندات داخل الدائرة.
البيان الصادر عن إدارة المستشفى اكتفى بالإشارة إلى أن الجهات الأمنية فتحت تحقيقاً بناءً على طلب الإدارة لمعرفة «مُلابسات الحادثة وأسباب حدوثها»، لافتةً إلى أن الأضرار اقتصرت على الماديات «ولم تُسجّل أي إصابات».
وبمعزل عن صحة شبهة الحريق المفتعل أو لا، يُطرَح سؤال عن سبب تهميش قسم الأرشيف في المستشفى وغياب مساعي الاهتمام بهذا القسم الرئيسي في المؤسسة. الجدير ذكره أن هناك وظيفة تحت مُسمّى «مسؤول قسم المحفوظات والأرشفة»، من دون أن يكون هناك قسم! تُفيد المعلومات بأنّ هذه الوظيفة استُحدِثَت لترقية إحدى الموظفات التي تعمل سكرتيرةً لمدير عام من أجل «ترقيتها» وحصولها على راتب هذه الوظيفة، فيما هي تزاول حالياً عملها سكرتيرةً.