لا يزال جزء كبير من الأحكام القضائية المتعلقة بقضايا الإيجارات مُعلّقاً حتى الآن بموجب المادة 58 من قانون الإيجارات الجديد. المادة التي أضافها مجلس النواب اللبناني عندما أقرّ قانون الإيجارات في جلسته التشريعية المنعقدة بتاريخ 19 كانون الأول الماضي، قضت بـ «تعليق تطبيق أحكام مواد هذا القانون على الفئة التي تستفيد من مُساعدات الصندوق إلى حين البتّ في مسألة تمويله لمُساعدة المُستأجرين الأكثر هشاشة».
حتى الآن، ورغم مُضي نحو ثمانية أشهر على نشر القانون في الجريدة الرسمية، إلا أن الصندوق أو الحساب المخصص لمساعدة المُستأجرين الذين لا يتجاوز دخلهم خمسة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور، لم ينشأ بعد نتيجة عدم التوصّل الى آلية واضحة لتمويله.
وكان رئيس الحكومة سعد الحريري أخذ على عاتقه خلال الجلسة التشريعية آنذاك إنشاء الحساب/ الصندوق خلال ثلاثة الى أربعة أشهر، ما يعني أنه كان من المُفترض أن يكون الصندوق قد أُنشئ منذ نحو أربعة أشهر.
وبالتالي، وفي غياب هذا الصندوق، تبقى الكثير من الأحكام القضائية المتعلّقة بالمُستفيدين منه «مُجمّدة» الى حين إنشائه. ولفت المحامي ماجد فيّاض في اتصال مع «الأخبار» الى أن هذه الأحكام تشمل جزءاً كبيراً جداً من المُستأجرين نتيجة ارتباط أحكام القانون بالمُساعدات التي يُقدّمها الصندوق.

كان يفترض أن
يُنشأ الصندوق قبل نحوأربعة أشهر

الجدير ذكره في هذا الصدد أن وزارة المالية اللبنانية قدّرت نسبة المُستأجرين الذين تنطبق عليهم شروط الاستفادة من الصندوق بنحو 85% من المُستأجرين القدامى؛ 75% منهم يستفيدون كليّاً و25% استفادة جزئية، وذلك استنادا إلى أن نحو 70% من العائلات اللبنانية لا يتجاوز دخلها السنوي 10 آلاف دولار.
وقدّرت الوزارة كلفة الصندوق المخصص لمساعدة المُستأجرين بمليار و830 مليون دولار ستُصرف على مدى 9 سنوات، تاريخ تحرير العقود القديمة، معلنةً أنها غير قادرة على تغطية هذه الكلفة.
الاستفادة الكلية من الصندوق تعني أن الأخير سيُغطّي كامل الزيادة التي يفرضها تطبيق القانون على البدلات التي اعتاد المُستأجر دفعها وهي تشمل المُستأجرين الذين لا يتجاوز دخلهم ثلاثة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور، أما الاستفادة الجزئية وهي تشمل المُستأجرين الذين يتراوح دخلهم بين ثلاثة وأربعة أضعاف الحد الأدنى للأجور، فتعني أن الصندوق سيُغطّي جزءاً من هذه الزيادات.
الإشارة الى تعليق القانون بالنسبة للمُستفيدين من الصندوق أو الحساب، تعني أن المهل التي وضعها القانون لتحرير العقود القديمة (بعد تسع سنوات من تاريخ نشر القانون) لم تسرِ بعد عليهم.
تقول عضو تجمّع المحامين المولجة للطعن بالقانون المحامية مايا جعارة لـ «الأخبار» إن المادة 58 واضحة من جهة «تعليق» القانون، ما يعني أن المهل تبدأ من تاريخ بدء تطبيق القانون، لافتة الى أن المهل تسري على الفئة التي لا تستفيد من الصندوق والتي لا ينطبق عليها تالياً حكم المادة وهم المُستأجرون غير اللبنانيين، وأولئك الذين استأجروا وفقا لأحكام القانونين 29/67 و74/10 في الأبنية التي تُعتبر «فخمة».
هذه المهل بدأت منذ نشر القانون في الجريدة الرسمية في 1 آذار عام 2017. إلّا أن هناك عاملاً آخر قد يحول دون تطبيق قانون الإيجارات الجديد بالنسبة لغير المُستفيدين من الصندوق، وهو مُتعلّق باللجان المُكلّفة بت النزاع في الزيادات على بدلات الإيجار التي أشار اليها فيّاض. هذه اللجان لم تتشكّل بعد، بسبب عدم إصدار المراسيم التطبيقية لها من قبل الحكومة حتى الآن.
فالمُستأجر الذي لا يستفيد من الصندوق والذي ينطبق عليه القانون، إذا لم يُوقّع اتفاقاً رضائياً مع المالك، يستطيع أن يُعيّن خبيراً لتحديد بدلات الزيادة. وإذا ما كان تقرير الخبير مناقضاً لتقرير الخبير الخاص بالمالك، وجب اللجوء الى اللجنة لبت النزاع. وبما أن هذه اللجنة لم تتشكّل بعد، فإنّ تطبيق القانون يبقى مُعلّقاً.
إلا أن الفرق بين «تعليق» القانون بالنسبة للمُستفيدين من الصندوق والتعليق بالنسبة لغير المُستفيدين هو أن المهل القانونية تسري على غير المُستفيدين. بمعنى، أنه فور تشكيل اللجان القضائية تسري على المُستأجر غير المُستفيد من الصندوق مهلة انتهاء العقود القديمة بدءاً من 1 آذار 2017 وليس من تاريخ تشكيل اللجان. أمّا المُستفيدون، فتسري عليهم المهل «بدءاً من تاريخ إنشاء اللجان والصندوق بموجب مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء»، وفق جعارة.




المُستأجرون القدامى لتعديل القانون

لم ييأس المُستأجرون القُدامى من مساعي تغيير وقع القانون عليهم. فبحسب ممثل حركة المُستأجرين في لبنان انطوان كرم، وضع المُستأجرون القدامى اقتراحات لتعديل القانون يتم تقديمها على شكل قانون معجّل مكرر على مجلس النواب. وأوضح: «كنا قد حدّدنا موعداً مع مُستشار رئيس الحكومة سعد الحريري لإطلاعه على هذه التعديلات على أن نُقدّمها لعدد من النواب كي يتم تبنيها وتقديمها الى المجلس النيابي. إلا أن الأحداث المتعلقة بغياب الحريري حالت دون ذلك. ونحن بانتظار عودته وحلحلة الوضع السياسي لإقرار هذه التعديلات».