قرّر مجلس الوزراء، أمس، تأجيل البتّ في ملف النفايات إلى جلسةٍ مُقبلة. وطلبت الحكومة من اللجنة الوزارية المُكلّفة دراسة مسوَّدة ملف التلزيم العائد إلى مناقصة التفكك الحراري وتحويل النفايات إلى طاقة، البحث في الاقتراحات المُتعلّقة بمعالجة ملف النفايات، عبر درس خيار توسيع مطمري برج حمود ــــ الجديدة و«كوستابرافا» وإقامة معمل للتسبيخ، على أن تضع اللجنة مقاربة مُستدامة للملف، وفق وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي.
وكانت الحكومة قد أمهلت في جلستها المنعقدة في 26 تشرين الأول الماضي مجلس الإنماء والإعمار 15 يوماً لإعداد دراسة توسعة المطمرين واستحداث معمل للتسبيخ يعالج نحو 750 طناً من النفايات في موقع «كوستابرافا»، من أجل تقليص كميات النفايات قبل طمرها. وقد سلّم «الإنماء والإعمار» الدراسة المطلوبة للحكومة التي بات أمامها مناقشة هذه الدراسة وخطة وزارة البيئة.
وبحسب مصادر وزارية، لم يُناقَش الملف خلال الجلسة «بسبب مداخلات بعض الوزراء الرافضة لاقتراح توسيع المطامر». وكان لافتاً إعلان وزير السياحة أفيديس كيدانيان، قبل الجلسة، رفضه توسعة مطمر برج حمود، مُستبعداً إقرار أي خطة تتعلّق بالنفايات، «لا المُقدّمة من وزير البيئة ولا من مجلس الإنماء والإعمار».
والجدير ذكره أن خطة «إدارة النفايات المنزلية الصلبة في لبنان» التي رفعتها وزارة البيئة إلى مجلس الوزراء في آب الماضي، لا تُقدّم أي بديل أو اقتراح مُستدام بقدر ما تُركّز على تدابير «استباقية» لخطر تكدّس النفايات كتفعيل فرز النفايات وتقليل حجم العوادم وغيرها.
في هذا الوقت تبقى الحلول «العملية» الوحيدة لدرء خطر تكدّس النفايات جرّاء بلوغ المطامر قدرتها الاستيعابية، تلك المُتعلّقة بتوسعة المطامر بالتزامن مع العمل على إنشاء معمل للتسبيخ. فعلى ماذا تنصّ آلية التوسيع التي تقدّم بها مجلس الإنماء والإعمار؟

ردم إضافي للبحر

وبحسب معلومات «الأخبار»، ينص الاقتراح المُقدّم من مجلس الإنماء والإعمار لتوسيع المطامر على الآتي:
أولاً، «خلق» مساحة إضافية في موقع «كوستابرافا» عبر ردم بين 150 و200 ألف متر مربع من الأملاك العمومية البحرية. أمّا الكلفة التقديرية للتوسعة، التي ستتقاضاها شركة «الجهاد للتجارة والمقاولات»، المُلتزمة أعمال إنشاء المطمر، فتبلغ نحو 100 مليون دولار، علماً أن الشركة التزمت أعمال إنشاء المطمر الذي استلزم ردم 160 ألف متر مربع من البحر لقاء 60 مليون دولار.

خطة وزارة البيئة لإدارة النفايات التي رفعتها للحكومة منذ أشهر لا تُقدّم أي اقتراح مُستدام

ثانياً، في ما يتعلّق بمطمري الجديدة ــــ برج حمّود. هناك اقتراحان: الأول يقضي باستخدام المساحة المستحدثة في الجديدة جرّاء ردم البحر في المنطقة ضمن أعمال إنشاء المطمرين (التي كانت مخصصة كهبة لبلدية الجديدة) كمطمر. وتُقدَّر هذه المساحة بنحو 120 ألف متر مربع. والثاني، وهو «غير مُحبّذ» من قبل «الإنماء والإعمار»، يقضي بردم المساحة البحرية الفاصلة بين مطمر برج حمود والجديدة، حيث يقع حالياً مرفأ الصيادين، على أن يُنقَل الأخير إلى منطقة أُخرى.
وتُقدّر تكلفة تبنّي أيٍّ من الاقتراحين بنحو 30 مليون دولار ستتقاضاه شركة «خوري للمقاولات» الملتزمة أعمال إنشاء مطمري برج حمود والجديدة، علماً أن الشركة التزمت مناقصة إنشاء المطمرين اللذين استلزما ردم نحو 576 ألف متر من البحر لقاء 109 ملايين دولار.

تمديد عُمر المطامر

بالتزامن مع توسعة المطامر، يُقترح إنشاء معمل لتسبيخ النفايات (compost) في موقع «كوستابرافا» لمعالجة نحو 750 طناً من النفايات، يكون على شاكلة معمل كورال في برج حمود الذي تطوّره «الجهاد للمقاولات والتجارة»، ومن المُقرر الانتهاء من أعمال تأهيله في آذار المُقبل. وقد التزمت الشركة المذكورة أعمال التأهيل هذه لقاء 8 ملايين دولار.
وبحسب المُعطيات، إنّ معمل التسبيخ لن يُبصر النور قبل سنة. ووفق معلومات «الأخبار»، فإنّ العمل على توسعة المطامر يجري على أساس الاستمرار في استخدامها لأربع سنوات أخرى، «لأن التمهيد لإرساء المحارق وتجهيزاتها يتطلّب سنوات إضافية»، بحسب مصادر معنية بالملف. علماً أن قرار الحكومة في آذار 2016 المتعلق بخطة النفايات نصّ بوضوح على أن مرحلة المطامر ستكون مؤقتة ولمدة أربع سنوات فقط (أي كان مقرراً أن يُباشر بالحل المُستدام بعد سنتين من الآن).
هذا الواقع يعني أن عُمر المطامر التي ستجري توسعتها سيُمدَّد حُكماً في ظلّ غياب أي إرادة جدّية للعمل على مقاربة مُستدامة طارئة وبيئية ترعى إدارة النفايات المنزلية الصلبة وتخُلّص المُقيمين في لبنان من هاجس قتلهم البطيء بأزمة النفايات التي تلازم البلاد منذ ما نحو ثلاث سنوات.




ماذا عن نفايات الشوف وعاليه؟

يغيب مصير نفايات بعض بلدات الشوف وعاليه عن نقاش «علاج» أزمة النفايات. المنطقتان اللتان استُثنيتا من خطة النفايات الحكومية لا تزالان تتخبّطان بنفاياتهما منذ أكثر من سنتين. بحسب المعلومات، إنّ إنتاج النفايات في بلدات المنطقتين لا يتعدّى 350 طناً، ما يعني أن طمرها في «كوستابرافا» لن يُشكّل عبئاً على القدرة الاستيعابية للمطمر، خصوصاً في ظل المساعي لـ«توفير» مئات الأطنان من النفايات بفضل معامل التسبيخ المزمع إنشاؤها. وتقول مصادر مُطّلعة لـ «الأخبار» إن الإجراء سهل، وكل ما يتطلّبه إرادة سياسية تفرض شمول نفايات هذه البلدات ضمن الخطة الحكومية والتعديلات التي رافقتها.