لم تكُن 14 آذار، قبل 13 سنة، مُجرّد ردّ فعل عفوي على اغتيال الرئيس رفيق الحريري. شكّلت، بالنسبة إلى قواها وليس إلى جمهورها، منصة للتناغم مع توجهات الغرب، تحت عنوان «الحرية والسيادة والاستقلال»، وبالتالي إشهار العداء لسوريا والمقاومة.
تدريجياً، خفت الوهج، حتى انتهت صلاحيتها مع إبرام التسوية الرئاسية التي أتت بميشال عون رئيساً للجمهورية وسعد الحريري رئيساً للحكومة. صحيح أن القوات اللبنانية، ولحسابات سياسية ورئاسية وشمالية، كانت طرفاً في هذه التسوية، إلا أن التقارب الوثيق بين التيار الوطني الحرّ والمستقبل لم يتطابَق مع حسابات معراب، فازدادت الهوّة بينها وبين الحريري، وفي المقابل، ارتفع منسوب الثقة بين التيار الحر وتيار المستقبل.
هذه السنة، سيُحيي كل مكوّن من مكوّنات 14 آذار الذكرى على طريقته. وفيما لم تتضح بعد مشهدية 14 آذار 2018، قرّرت القوات إحياء الذكرى بتحويلها إلى مهرجان انتخابي للإعلان عن مرشّحيها وبرنامجها، مستغلّة هذا التاريخ بما يمثّله من رمزية في وجدان جمهور هذه القوى، وخصوصاً في الشارع المسيحي، لتوجيه رسائل إليه «بأننا على الثوابت باقون»، كما تقول مصادرها.

معراب لم تُغلق باب
التفاوض مع ريفي والضاهر


وفقَ المعلومات، سينطلِق البرنامج الانتخابي الذي سيُعلنه رئيس القوات سمير جعجع من ثوابت 14 آذار، ويتطرّق إلى بعدين: الأول، البعد السيادي للدولة اللبنانية وكل مرتكزاته المتعلّقة بالدولة والقرارات الدولية والطائف والدستور والجيش اللبناني ومناهضة حزب الله. الثاني، البعد الإصلاحي ذاو الصلة بالشأن التنموي والاقتصادي والحياتي. وفي هذا اليوم، سيُحيط جعجع نفسه بمرشّحي القوات وهم: زياد حواط (جبيل)، شوقي دكاش (كسروان)، إدي أبي اللمع (المتن)، بيار بو عاصي (بعبدا)، جورج عدوان (الشوف)، أنيس نصّار (عاليه)، عماد واكيم (بيروت الأولى)، فادي سعد (البترون)، فادي كرم (الكورة)، ستريدا جعجع وجوزيف إسحاق (بشري)، عجاج حداد (جزين)، إيلي خوري (طرابلس)، وهبة قاطيشا (عكار)، إيلي لحود (البقاع الغربي) وطوني حبشي (بعلبك – الهرمل)، فيما لم يحسم بعد إمكانية ترشيح القوات لأسماء جديدة في دوائر أخرى.
وفي غمرة التشنّج القواتي مع المُستقبل، وتلميح الحريري في ذكرى 14 شباط بأنه سيخوض الانتخابات بلوائح مستقبلية تضمّ مرشحين مستقبليين عابرين للطوائف، تجد القوات نفسها وحيدة، ومضطرة إلى البحث عن قوى أخرى للتحالف معها، خصوصاً أنها تضع نصب عينيها ترشيح ممثلين عنها في عدد من الدوائر، كبيروت الثانية مثلاً! إذ تقول مصادرها إن «إمكانية الترشيح في هذه الدائرة هو قيد الدرس، خصوصاً مع التيار الوطني الحرّ، الذي لم يتفق مع الحريري حتى الآن على تحالف في بيروت الثانية»، وان النقاش الثنائي ينطلِق من قاعدة «استثمار الصوت المسيحي الأقلوي في هذه الدائرة لمصلحة تحالف الثنائي المسيحي في معركة تشهد صراعاً بين القوى الإسلامية في بيروت الثانية».
وبما أن «باب الأحباب تسكّر»، تتّبع معراب مفهوماً جديداً للتحالفات، دفعها إلى التواصل مع بعض الشخصيات التي انشقت عن تيار المُستقبل ونجحت في تكوين حيثية شعبية لها في المناطق التي تنتمي إليها، إذ علمت «الأخبار» أن معراب لم تُغلق باب التفاوض مع الوزير أشرف ريفي في طرابلس وخالد الضاهر في عكار للنظر في إمكانية التحالف، كذلك فتحت باباً جديداً للتواصل مع الجماعة الإسلامية.