يعيش حزب الكتائب أسوأ أيامه. كتلته النيابية مهددة بالتقلص إلى الحدود الدنيا، بالرغم من إصراره على ترشيح حزبيين في كل الدوائر. قد لا يبقى في الكتلة سوى نائبين فقط. الخطاب «الثوري» للكتائب منذ خروجه من الحكومة لم يسعفه في رفع نسبة التأييد الشعبي له. قبيل الانتخابات النيابية، رسم سقفاً مبدئياً للتحالفات: لا تحالف مع أيّ من أحزاب السلطة إذا لم يستقل من الحكومة. كان الخطاب موجّهاً تحديداً إلى «القوات». سقف الخطاب تبدّل مع حشر الكتائب في زاوية عدم إيجاد حلفاء حقيقيين يساعدونه في تأمين حاصل انتخابي. لم يعد مهماً إن كان سامي الجميّل تحدث يوماً عن فساد «القوات» ومشاركة سمير جعجع في الصفقات والمحاصصة. وتحت عنوان ترك الهامش للمرشحين لنسج تحالفاتهم «بما لا يتعارض مع خيار الحزب»، انضم النائب نديم الجميّل إلى لائحة السلطة في بيروت، وفي زحلة لن يتأخر النائب إيلي ماروني قبل الانضمام إلى لائحة حزب القوات «الأقرب إلى الكتائب لعدم انخراطه في الفساد».
أول من أمس، تريّث المكتب السياسي الكتائبي في تثبيت التحالف مع القوات في زحلة، ربطاً بمساع يبذلها لإقناع القوات بسحب المرشح فادي سعد في البترون لمصلحة سامر سعادة. بدا هذا التريث لزوم ما لا يلزم، في ظل تثبيت التحالف على الأرض. أمس لم يصدر أي قرار ينهي التريث، لكن نائب رئيس الحزب، سليم الصايغ، أشار إلى أن الاتجاه هو للتحالف في زحلة. المرشح ماروني نفسه كان أمس يشارك في الصورة التي تتهيّأ اللائحة لاعتمادها في حملتها الانتخابية.
هل يضمن حزب الكتائب مقعده الزحلاوي إذا تحالف مع القوات؟
المضمون بالنسبة إلى اللائحة المشتركة أنها تضمن مقعداً واحداً. وصار واضحاً أن «القوات» تضع كل ثقلها خلف المرشح الكاثوليكي جورج عقيص. يريد حزب القوات بهذا الفوز أن يضرب عصفورين بحجر واحد: الفوز بالمقعد الكاثوليكي مع ما له من رمزية لناحية وجوده في «عاصمة الكثلكة»، والسعي إلى أن يكون هذ الفوز على حساب ميريام سكاف تحديداً.
الصراعات الكتائبية تهدّد بتشتيت الأصوات


الحصول على مقعد ثان ليس مستحيلاً، ولهذا يبدو إيلي ماروني متحمّساً للشراكة مع القوات، لكن هل يكون هذا المقعد مارونياً؟ لن تكون المعركة مع سليم عون سهلة، إذ يتوقع أن يضع العونيون ثقلهم خلف مرشحهم الحزبي. ولذلك يُرجّح أن تكون فرصه في الفوز أعلى من كل منافسيه، خاصة أن القيادة العونية اعتبرت أن فوزه هو فوز لـ«التيار» وخسارته خسارة له.
لكن على ماذا يراهن ماروني ليتمكن من حجز مقعده النيابي؟
احتمالان يمكن أن يؤديا إلى فوز ماروني، الأول، حصد المرشح الأرثوذكسي أسعد نكد أصواتاً تفضيلية تفوق أصوات سليم عون، بما يعني أن اللائحة يمكن أن تستنفد حصتها من المرشحين قبل الوصول إلى المرشح الماروني (في حال تحالف المستقبل والتيار يتوقع أن تفوز اللائحة بثلاثة مقاعد، سنّي وأرمني وماروني، لكن إذا تمكن المرشح الأرثوذكسي من تخطّي المرشح الماروني، يكون المقعد الثالث من نصيبه).
وهذا الاحتمال محكوم أيضاً بواحدة من ضرورتين، إما أن تحصل لائحة القوات – الكتائب على حاصلين انتخابيين، وإما أن تحصل على حاصل واحد، مقرون بفوز نقولا فتوش وميريام سكاف بالمقعدين الكاثوليكيين. عندها يخرج حزب القوات من المولد بلا حمص، بخسارة مرشحه الكاثوليكي، فيذهب المقعد إلى ماروني (الكتائب).
تلك الفرضيات تحتاج إلى تضافر الكثير من العوامل حتى تتحول إلى واقع، لكنها ستكون من دون جدوى إذا لم تقترن بحل الخلافات الكتائبية الداخلية، وصبّ كل أصوات المحازبين في سلة ماروني.
حتى الآن، يبدو ذلك صعب المنال، خاصة مع وجود بديل «مقبول» من الكثير من الكتائبيين، هو مرشح الكتلة الشعبية بول شربل، ابن أخت النائب الكتائبي الأسبق جورج عقل، وقريب رئيس إقليم زحلة طانيوس المطران. لكن رهان ماروني يتمحور حول شدّ العصب الكتائبي وتخطّي كل الخلافات الشخصية، فهل هذا ممكن؟