عام 2015، مع اندلاع أزمة النفايات في لبنان، طُرح مكبّ سرار في عكار حلاً لاستقبال نفايات العاصمة وضواحيها. يومها، ثارت ثائرة بلديات المنطقة وجمعياتها الأهلية ومجتمعها المدني، رفضاً لتحويل عكّار «مزبلة» لبيروت. طُوي الاقتراح لكن أزمة نفايات عكّار نفسها لم تُطوَ. فقد عجزت بلديات المنطقة واتحاداتها عن إيجاد حلول من شأنها، على الأقل، الحد من مشهد النفايات المنتشرة في الشوارع وعلى الأتوسترادات والطرق العامة. بعد عام على الأزمة، حكي عن مشروع للاتحاد الأوروبي يخدم هذه المنطقة بمعامل وإنشاء مطمر صحي بدل المكب. فماذا حصل في هذا المشروع ولماذا تأخر حتى الآن؟ ومتى توقع الانتهاء من الأعمال؟فيما كان وزير الصحة غسان حاصباني يعلن، قبل أسابيع، نتائج دراسة تظهر الترابط بين حرق النفايات وارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان في لبنان، كان دخان عشرات المكبّات العشوائية يغطي سماء القرى والبلدات العكارية. الحرق الذي تلجأ إليه البلديات وأصحاب المكبّات هو الوسيلة «المثلى» لزيادة القدرة الاستيعابية لهذه المكبّات، والمؤشر الأوضح على عجز البلديات واتحاداتها عن وضع خطة لإدارة النفايات على مستوى المحافظة.
المشروع لا يشمل تأهيل المكب القديم القريب من موقع المطمر


ومن بين عشرات المكبّات المنتشرة في قرى عكار وبلداتها، يعدّ مكبّ سرار (مسجّل باسم «شركة الأمانة العربية») الأكبر. إذ يستقبل يومياً بين 300 و350 طناً من نفايات أربع مناطق رئيسة هي: الشفت والجومة والدريب وساحل القيطع. يقع المكبّ في وادي سعدين، في منطقة غير مأهولة ولا تضم أي نوع من المزروعات، وبعيدة عن المنازل حوالى أربعة كيلومترات. وقد حظي بـ«شهرة» واسعة عام 2015، مع اندلاع أزمة نفايات العاصمة. إذ طُرح خيار لاستقبال نفايات بيروت مع وعود بأن يكون ذلك من ضمن خطة بيئية شاملة. وبالفعل، بدأ مجلس الإنماء والإعمار أعمال الحفر والتسوية وإنشاء «باركينغ» كان مقرراً أن يستوعب نحو 500 طن من النفايات يومياً. لكن سرعان ما توقفت الأشغال مع إيجاد حلول مؤقتة لأزمة نفايات العاصمة، وتبخّرت كل الخطط!

خطة «سوام 1»
تراجع الحديث عن مكبّ سرار وتطويره بالتوازي مع خفوت أصوات «الحراك المدني» المطالبة بإغلاقه، ليبدأ الحديث عن خطة جديدة وضعتها الدولة التي وقّعت بروتوكولاً مع الاتحاد الأوروبي عام 2016 لتطبيق خطة «سوام 1» المخصصة لمنطقتي عكار والبقاع. الخطة التي وضعتها وزارة التنمية الإدارية، ووافق عليها مجلس الوزراء عام 2014، تتضمّن تحويل مكبّ سرار إلى مطمر صحي وإنشاء منشآت معالجة ودعم تشغيل المنشآت وصيانتها وتقديم الدعم في المجال القانوني وشراء المعدات وتنفيذ الأعمال خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات.
فأين أصبح المشروع الذي عولت عليه بلديات عكار كحل جذري لمشكلة النفايات المستعصية؟

الإجراءات الروتينية
مدير «شركة الأمانة العربية»، خالد الياسين، عزا التأخير في بدء الأعمال الى «الإجراءات الروتينية». وأكّد أن المرحلة الأولى لُزّمت إلى شركة «معمار» التي باشرت بالحفر وأخذ عيّنات من التربة. ولفت الى أنه تم اختيار منطقة سرار «لكونها ملائمة للمشروع لجهة المساحة والموقع البعيد كلياً عن المنازل السكنية، كما أنها تستوعب 90 في المئة من نفايات عكار. وبالتالي هذا المشروع سيكون شاملاً لكل المنطقة». في غضون ذلك، «المكب لا يزال يعمل كالمعتاد ويستقبل يومياً نحو 350 طناً من نفايات مختلف البلدات العكارية وفقاً لعقود موقعة مع البلديات. ولا نستقبل أيّ نفايات من خارج المنطقة».

التشغيل في بداية 2019
مصادر متابعة في الاتحاد الأوروبي أكدت لـ«الأخبار» أن تنفيذ مشروع معمل عكار لمعالجة النفايات «بدأ فعلياً في 4 تشرين الأول 2017 مع بداية الحفر في موقع المعمل». وقالت إن التأخير في البدء بالحفر في موقع المطمر (بالقرب من مكب سرار) «يعود لوجود معلم ديني تم الابتعاد عنه». وأوضحت أن «تصاميم المطمر توشك على الانتهاء. والمشروع لا يشمل تأهيل المكب القديم القريب من موقع المطمر، والذي يمكن أن يدخل ضمن خطة الدولة لإعادة تأهيل المكبات العشوائية». ولفتت إلى أن المشروع الجديد «سيخدم كل عكار (300 ــــ 400 طن يومياً). أما كلفة التشغيل فستكون 25 دولاراً للطن في المعمل و15 دولاراً للطن في المطمر (من موازنة الدولة أو البلديات المخدومة)». وتوقعت المصادر أن يبدأ العمل في المعمل والمطمر معاً بداية السنة المقبلة.