الأناشيد والأغاني الحزبية التي ملأت فضاءات قرى النبطية وصولاً إلى بنت جبيل، عصر أمس، كانت أول إشارة للنتيجة التي تمخضت عنها العملية الانتخابية في دائرة الجنوب الثالثة (النبطية وبنت جبيل وحاصبيا ـ مرجعيون). هو «استفتاء تجديد البيعة للمقاومة ونهجها»، يردد أحد نواب المنطقة. استفتاء تمنى البعض أن لا يخلو من بعض المفاجآت النسبية.في النبطية، حيث يقترع نحو 148 ألفاً، بلغت نسبة التصويت 55.88 في المئة، وبما أن «النبطانيين» أرادوا من الانتخابات أن تكون «عرساً انتخابياً» للاحتفاء بلائحة «الأمل والوفاء»، كان لا بد من الغوص في تفاصيل هذا الاستفتاء. وفيما لم يعد السؤال عن الإمكانية لفوز مرشحي هذه اللائحة أمراً ذا فائدة، كان السؤال عن الصوت التفضيلي.

إيمي بدر الدين... وحيدةً!

عند مدخل مركز ثانوية حسن كامل الصباح القديمة في حي «المسيحيين- الميدان»، تبحث صبية من لائحة «الجنوب يستحق»، عن بعض الناخبين المحتملين لوالدها المرشح مصطفى علي بدر الدين. ابنة النبطية تتحدث بعتب عن الانتخابات، حتى أوحت بكلامها بأن بعض من تجمعهم بها معرفة شخصية، يمرون بقربها متحاشين مجرد إلقاء التحية. تقول إن أهالي المدينة «بالمستحى» يصوتون للائحة «الأمل والوفاء». «المستحى» امتد إلى 20 مندوباً للائحة «الجنوب يستحق» قرروا عشية الانتخابات تركها. وفي الميدان... تُركت إيمي وحيدة.


بحسب الأهالي، تعد نتيجة التصويت في قضاء النبطية شبه محسومة لمصلحة «حركة أمل» و»حزب الله»، اللذين سيخرجان من العملية الانتخابية أكثر ثقة بحاضنتهم الشعبية في هذا القضاء، غير أن هذه النتيجة الإيجابية سرعان ما اصطدمت بعقبة توزيع الصوت التفضيلي بين المرشحين الشيعة الثلاثة: محمد رعد (حزب الله)، هاني قبيسي وياسين جابر (حركة أمل).
مراقبون يرون أن عقبة الصوت التفضيلي ستكشف ظهر الثنائية الشيعية لناحية حقيقة التمثيل الفعلي لكل من «حزب الله» و»حركة أمل» على الأرض، خصوصاً في حال الفشل في إدارة توزيع هذه الأصوات بين المرشحين الثلاثة في شكل متوازن. في المعلومات، أن «حزب الله» وأمل التزما، عشية الانتخابات، بتجيير أصوات محازبيهم ومواليهم التفضيلية في قضاء النبطية مثالثة بين رعد وقبيسي وجابر. حزب الله أولويته رعد، ضخت ماكينته الانتخابية الأصوات بهذا الاتجاه. الأصوات الحزبية إلى كل من قبيسي وجابر «كانت موصوفة». أما «حركة أمل»، فقد تركت أمر توزيع الأصوات التفضيلية لآلية الصدفة، وهو أمر جعل معظم الأصوات تذهب في شكل تلقائي لمصلحة المرشح قبيسي على حساب جابر. هذه المعطيات، تقاطعت مع ما جاهر به أكثر من مندوب لـ»امل» في مركز مجمع المدارس (ثانوية الصباح الجديدة) في حي السرايا، إذ رجحوا تصدر قبيسي بالأصوات التفضيلية، بعد رعد، على أن يحل جابر في المرتبة الثالثة.
مسؤول الماكينة الانتخابية لـ»حركة أمل» في مركز اقتراع «المعهد الفني في النبطية» (حي البياض)، والمكنَّى بـ «أبو عباس»، أكد أن هناك قراراً داخلياً للحركة بضرورة توزيع الصوت التفضيلي بالتساوي بين قبيسي وجابر، ولفت إلى أن قنوات التواصل مع «حزب الله» في هذا الإطار مفتوحة، ويتم التنسيق لإمداد مرشحَي «الحركة» بالأصوات اللازمة، بحيث يحصل مرشحو الثنائية الشيعية على مستوى أصوات متكافئ.
المرشح ياسين جابر، وعلى هامش جولة انتخابية له في مركز مجمع المدارس (ثانوية الصباح الجديدة)، أكد أن العملية الانتخابية فعل صحي للحياة السياسية في لبنان. وعن ما يدور من كلام عن توزيع الصوت التفضيلي، أكد جابر أن هذا الصوت «يعطي المواطن فرصة أن يفضل مرشحاً على آخر، ولكن نحن كمرشحين جميعنا متضامنين بعضنا مع بعض»، مؤكداً أن لائحة «الأمل والوفاء تمثل نهجاً، ويقف خلفها تحالف قوي أرسى أسماء هذه اللائحة».
«عرس انتخابي» كان أم «استفتاء»، توصيفان تكشف حقيقتهما صناديق الاقتراع بعد فرز الأصوات فيها، ولإن أجمع «النَبَطَانيون» على إسباغ هذين التوصيفين على العملية الانتخابية التي أجريت للمرة الأولى بحسب «النسبية»، فإنهم وبحسب ما تضمنته مواد القانون ذاته، قد يصبحون على حقيقة يعوَّل على قادة «الثنائية» تدارك مفاجآتها «النسبية».



تسعيني له قانونه
الصراخ يعلو داخل أحد أقلام مركز «تجمع المدارس» في حي السرايا. مشاحنة بين رئيس القلم مع رجل تخطى منتصف الثمانينات. الحاج الصبَّاحي (نسبة إلى آل الصبَّاح) كما يحلو له أن يدعو نفسه، يصر على الإدلاء بصوته كما اعتاد خلال عقود من الزمن، يقول لـ»الاخبار»: «لا أسمح لأحد أن يعلمني ماذا أفعل. طلبت مساعدة أحد الشبان لأكتب اسم المرشح الذي أريد. فمنعني رئيس القلم. جئت انتخبهم لأني أحبهم. كلهم جيدون، ولكن من عين رئيس القلم في مكانه أخطأ»!