هذه الهندسات غير التقليدية، تتيح لمصرف لبنان أن يبيع سندات اليوروبوندز في الأسواق المحلية والدولية من أجل الحصول على المزيد من الدولارات التي يضعها في محفظته لتعزيز موجوداته بالعملات الأجنبية، إلا أنها في الوقت نفسه تنطوي على مخاطر كبيرة، أبرزها أن نسبة الديون بالدولار سترتفع بقيمة 5.5 مليارات دولار، وأن مصرف لبنان يستبدل ديون بالليرة بديون بالدولار بشكل دفتري، أي أنه بعد بيع السندات وتسييلها في السوق، سيحصل «المركزي» على الدولارات بشكل اصطناعي، فيما هو يكون قد سدّد ثمنها بالليرة من خلال طبع العملة أو خلق النقد.
وكانت هذه العملية قد نوقشت سابقاً في اللجنة الوزارية التي كانت تدرس مشروع قانون موازنة 2018 على أساس أنها تفسح المجال أمام تحسين أرقام الدين العام اللبناني، لكن النقاش لم يتطرق إلى مخاطر هذه العمليات نظراً لكونها عمليات غير تقليدية تؤدي إلى عمليات تحويل للعملة والدين من دون الاستناد إلى تدفقات نقدية.
نسبة الديون بالدولار سترتفع بقيمة 5.5 مليارات دولار
إعلان مصرف لبنان هذه العمليات التي تتطلب نحو أسبوعين على الأكثر لإنجازها، تزامن مع عمليات بيع لسندات اليوروبوندز المدرجة في الأسواق العالمية. فالمستثمرون الأجانب بدأوا يعرضون السندات اللبنانية التي يحملونها، للبيع في الأسواق الدولية، ما أدى إلى الضغط على أسعار هذه السندات وتراجع سعر بعضها إلى أقل من 84 دولاراً، أي إنها خسرت أكثر من 15% من قيمتها الأصلية. واستمرار هذا المنحى إذا قرّر مصرف لبنان تسييل جزء من السندات التي يشتريها بموجب عملية المبادلة مع وزارة المال، سيكبده خسائر كبيرة.
وهذه ليست المرّة الأولى التي ينفذ فيها مصرف لبنان عمليات من هذا النوع. ففي السابق، نفذ عمليات مبادلة لسندات الليرة مع سندات جديدة أصدرتها وزارة المال بالدولار، بقيمة 1.7 مليار دولار. وهذه السندات صارت قيد التداول في الأسواق، وقد انخفض سعرها بأكثر من 5%، رغم نفي مصرف لبنان أنه قيام بتسييلها.
وبحسب المعطيات المتداولة في السوق، إن ما يقوم به مصرف لبنان يندرج في إطار محاولاته لاستيعاب التداعيات النقدية التي قد تنجم عن الأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة، ولا سيما أن التوقعات تشير إلى أن مسار تشكيل الحكومة لن يكون سهلاً بعد النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة، فضلاً عن وجود تطورات أمنية وسياسية متصلة بسوريا والملف النووي الإيراني قد يكون لها تداعيات في لبنان.