«كلو يهون» في سبيل اجتذاب السياح، ولو عبر «الاستثمار» في الصورة النمطية عن «اللبنانيات المتحرّرات». برمانا المتنية، مثلاً، «ختمت» كل فروضها في الترويج السياحي. بحسب رئيس بلديتها بيار الأشقر، هي «الرقم واحد في مناطق الاصطياف في لبنان وفي الشرق الأوسط»، و«برامج العمل التي نفّذتها البلدية منذ 5 سنوات أدّت إلى دخول 8 آلاف زائر للبلدة يومياً، و72 مستثمراً جديداً، وتأمين 1500 وظيفة في الموسم الصيفي، من بينها 350 وظيفة لطلاب جامعيين». أرقام مهولة حققتها البلدية، ولم يتبقّ أمامها إلا السائح «الأوروبي» الذي عجزت حتى الآن عن إغرائه. كيف تجتذبه؟ هنا، تفتّقت العبقرية اللبنانية عن الحل السحري: فكرة جديدة «تجذب سياحاً جدداً من أوروبا» بـ «السيقان»، وكأن هذا ما ينقص «الأوروبي» في بلاده، على رغم أن هذه قد تكون صورة نمطية أخرى.

هكذا، قرّرت بلدية برمانا توظيف شرطيات بلديات للقيام بمهامهن... بـ«الشورتات»! صور الفتيات أحدثت ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي بين متحمّسين للفكرة سألوا عن إمكان أن تحذو بلديات أخرى حذو برمانا، ورافضين لـ «تسليع» صورة المرأة خصوصاً أن الفتيات في الصور التي وُزعت بدون صغيرات السنّ.
المشكلة ليست في المساواة بين المرأة والرجل في المهام الأمنيّة، بل في المساواة الخاطئة والظاهريّة والمبنيّة في أساسها على التمييز الجنسي وعلى اعتماد شكل المرأة وجسدها للترويج. وهو ما أكّده الأشقر، بطريقة غير مباشرة، حين قال في اتصال مع «الأخبار» إن الهدف من توظيف شرطيات وفرض هذا اللباس عليهنّ هو «جذب السيّاح»، وخصوصاً «الأوروبيين»! وفق الأشقر، وهو نقيب أصحاب الفنادق في لبنان، توظّف البلدية 12 شرطياً ثابتاً، وتحتاج في الموسم الصيفي إلى رفع العديد إلى 22، لذا اختارت في الموسم الصيفي الحالي توظيف 5 صبايا وأعلنت عن شروط اللباس والعمل فتقدّمت 15 صبية للوظيفة. وأوضح أن «الخيّاط لم يلحّق تسليم الزي بسبب عطلة العيد فارتدت الصبايا شورتات من اختيارهنّ إلى حين انتهاء حياكة الزيّ كاملاً».
توظيف شرطيّات من «طلاب الجامعات»، وفق الأشقر، يهدف إلى «مواجهة الخوف الذي يبديه الأجانب من زيارة لبنان والتفتيش عن أسواق جديدة من السياح لأن الصورة عن لبنان من الخارج مختلفة عن داخله». الشرطيات غير الثابتات والعاملات فقط في الموسم الصيفي خضعن لفترة تدريب، وتريد البلديّة من خلالهنّ، بحسب الأشقر، «إظهار صورة أفضل عن المرأة اللبنانية وأنها ترتدي الشورت حتى كشرطية بلدية». وحين نعدّد للرئيس أسماء بلديات توظف شرطيات يؤدين مهامهن باللباس نفسه كما الرجال مثل الحدت وبرج حمود، يجيب بأن هذه «ليست مناطق اصطياف»! من دون إعطاء تفسير عن سبب عدم اعتماد زي صيفي للشرطيين الرجال في هذه الحال. ناهيك عن عدم تزويدهن بمستلزمات الأمان والاكتفاء بزيّهن الأسود، فيما زُوّد عناصر الشرطة الذكور بسترات فوسفورية. علماً أن دوام العمل حدّدته البلديّة بين السادسة مساء والثانية عشرة منتصف الليل.
رئيس بلدية برمانا: الهدف من هذا الزي جذب السياح الأوروبيين!


الناشطة النسويّة حياة مرشاد اعتبرت «أن اختيار اللباس حرية شخصية صحيح، لكن أن تفرض البلدية اللباس على النساء تحديداً أمر آخر». وسألت: «لم لا يكون اللباس نفسه للجنسين؟ وهل يفي هذا اللباس بالغرض منه في هكذا وظيفة؟ وهل يتم تسويق صورة مشابهة لشرطيي بلديّة ذكور؟»، مشيرة الى أن في الأمر «تسليعاً لصورة المرأة خصوصاً خلال وجودها في مرفق عام للعمل».
أما الأشقر فلم يوضح كيف يمكن «مواجهة الخوف الذي يبديه الأجانب» عبر ظهور كل شرطية إلى جانب شرطي، وكأن وقوفها متمّم لمهمّته أو أن ثم خشية من وقوفها وحيدة. وفي هذا، في كل الأحوال، إساءة أخرى للمرأة وإشارة إلى عدم قدرتها على القيام بواجباتها من دون مساندة «الدكر».