ليلة صدور نتائج الانتخابات البلدية في ٣٠ أيار ٢٠١٦، نُصّب الوزير السابق أشرف ريفي «زعيم» طرابلس السياسي الأول، الذي هزم أهمّ وأكثر الماكينات الانتخابية تنظيماً (ائتلاف المستقبل والعزم وآل كرامي والصفدي والأحباش والجماعة). الانتصار السياسي حصّله ريفي، وبنى عليه «مجده اللاحق»، قبل أن تبدأ مرحلة الانحسار، إلى أن أتت نتائج الانتخابات النيابية، فأطبقت على «الحالة الريفية» نهائياً. يوم أمس، قرّر اللواء ريفي أن «يتنصّل» من مسؤولية فشل المجلس البلدي، المحسوب عليه، ويُصدر بيان «الانسحاب» الذي أعلن فيه أنّه «لم أعد معنياً لا معنوياً ولا سياسياً بتغطية أو تبنّي عمل هذا المجلس»، وكأنّه بذلك دخل مرحلة التصفية السياسية، بعد خسارة الانتخابات النيابية.
برّر ريفي في بيانه أنّه بذل جُهداً مع رئيس وأعضاء البلدية «لكن النتائج لم تكن على قدر التوقعات». لذلك، وجد نفسه «مسؤولاً عن مُصارحة الطرابلسيين بأنّ هذا المجلس تمت محاصرته من جانب أجهزة الدولة المعنية، كي لا يحقق أي إنجاز للمدينة، كما أنّه وفي الوقت ذاته، حاصر نفسه، بسوء الإدارة، وغياب القرار والمشروع». حاول ريفي القول إنّه «بريء سياسياً من دم هذا المجلس»، من خلال ذِكر أنّه قدّم تصوراً للكثير من «المشاريع المُفيدة للمدينة، وبدل أن يتلقفها المجلس البلدي، غرق في متاهات الخلافات». كلمات الرجل لا تترك مجالاً للشكّ بأنّه يُحمّل نتائج الفشل إلى غيره، بعد أن قطف هو نتيجة نجاح 16 عضواً من أصل 24. إلا أنّ ريفي، نكر في بيانه «رمي المسؤولية على غيري، بل أُصارح الطرابلسيين… ومسؤوليتي أمام أبناء طرابلس تُملي عليّ الاعتذار منهم».
منذ انتخاب المجلس البلدي الطرابلسي، برئاسة أحمد قمر الدين، والمشاكل تنخر جسده. السياسة والصراعات الشخصية وغياب التجانس بين الأعضاء، أمورٌ كبّلت عمل البلدية، منذ الأشهر الأولى للتجربة. لم يكن ريفي بمنأى عن تحمّل نتائج (لا) أعمال المجلس البلدي، كون المواطن الطرابلسي لم يفصل يوماً بين البلدية واللواء المتقاعد، خصوصاً بعد أن طَبَل الأخير آذانهم بأنّه هو الذي هزم تيار العزم وتيار المستقبل وتيار الكرامة ومحمد الصفدي. حالياً، بعد أن هُزم ريفي في الانتخابات النيابية، وخابت توقعات استطلاعات الرأي التي كانت تُجرى لمصلحته، وبعد التقارب المُستجد بين أحمد قمر الدين وتيار المستقبل وعلاقة «الريّس» القديمة بالرئيس السابق نجيب ميقاتي، وإعادة تموضع عدد من الأعضاء سياسياً بعيداً عن ريفي، قرّر الرجل أن يرتدي بذلة «الحريص» على مصالح مدينته، ويُعلن ابتعاده عن المجلس البلدي «لرفع العقبة من دربه، في حال كان التقارب بين البلدية وريفي هو السبب في عرقلة المشاريع»، كما يُنقل عن الوزير السابق.
يُريد عدد من أعضاء البلدية إقالة قمر الدين، ولكنّ القوى السياسية غير مُستعدة لذلك

البلدية رفعت ريفي سياسياً، والبلدية أيضاً تُعيد تدميره سياسياً. ترفض أوساط اللواء هذا الحديث، «لم ننته ونحن نُحضّر لمشروع جديد». وتُسارع الأوساط إلى «نفض اليد» سياسياً من أعضاء البلدية، «أشرف ريفي لم يُشارك سوى في اختيار أحمد قمر الدين». أما عن وجود علاقة بين «بيان الانسحاب» من البلدية ونتائج الانتخابات النيابية، «فغير صحيح. حصل تزوير وقح في النتائج. كلّ الأمر، أنّ ريفي يُحرر البلدية لأنها طُوقت كونها محسوبة عليه». وماذا فعل هو من أجل تجنّب الفشل؟ «عَقَدَ اجتماعات عدّة في منزله، وحاول تقديم مشاريع عدّة، من دون نتيجة». بيان ريفي لم يُحرّر البلدية من طوقه، بل حرّر الأعضاء من التزاماتهم، فقد أعلن مساء أمس يحي واصف فتال استقالته من البلدية «بسبب عدم قدرتي على الإنجاز إنمائياً وبلدياً»، كما كتب على «فايسبوك».
وتقول مصادر سياسية في طرابلس، لـ«الأخبار» إنّه منذ فترة، هناك عدد من الأعضاء يُريدون إقالة قمر الدين، «ولكن لا أحد من القوى السياسية مُستعد لهذا الاختبار حالياً. حتى أنّ تيار العزم، قمع مُحاولة عزام عويضة، المحسوب عليه، عقد لقاء في بيته ضدّ قمر الدين». وتتحدّث المصادر عن «علاقة متوترة» بين ريفي وقمر الدين، «بعد أن جمع الأخير نواب طرابلس للبحث بملّف النفايات، فانزعج ريفي من تغييبه. إضافةً إلى لقاء قمر الدين برئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، الذي وعده بتسهيل تنفيذ مشاريع البلدية».