كان لا بدّ من «نشر الغسل» على العلن كي يقبض موظفو نقابة الأطباء رواتبهم عن الشهر الفائت، والتي كانت عالقة بسبب الخلاف «على الحقائب»، كما يقول النقيب ريمون الصايغ. كان لا بدّ من البيان الذي أصدره، أوّل من أمس، قطاع الأطباء في الحزب الشيوعي حول «التعطيل التام لعمل النقابة»، كي يكتمل نصاب جلسة مجلس النقابة لتشكيل أعضاء مكتب النقيب وبعض اللجان، بعد تعذّر حدوث هذا الأمر لشهرين متتاليين. علماً أن هذه الإجراءات كان من المفترض أن تنتهي خلال مهلة زمنية أقصاها أسبوعان من تاريخ انتخاب مجلس النقابة، بحسب النظام الداخلي. لكن، يبدو أن تقاسم الحصص داخل النقابة، أو بعبارة أكثر لطافة، «الإختلاف في وجهات النظر على كيفية إدارة النقابة والسياسات العامّة فيها»، أوقف رواتب عشرات الموظفين وعطّل «السيستم» كاملاً.أول من أمس، أعاد بيان قطاع أطباء الشيوعي سرد حالة «الإنحدار والإهتراء العام والتعطيل التام التي وصلت إلى حدود عجز مجلس النقابة عن انتخاب هيئاته الفاعلة والمسؤولة الأمر الذي يلحق ضرراً فادحاً بأموال النقابة وإدارتها وعمل اللجان فيها وتراكم الملفات القانونية بسبب غياب لجنة التحقيقات وتوقف رواتب الموظفين، وجميع النفقات والموجبات النقابية المالية والقانونية». كانت هذه «الزبدة» كفيلة باكتمال النصاب (9 أعضاء من أصل 16) أمس، بقدرة قادر، لتشكيل مكتب النقيب المؤلف من نائب النقيب وأمين السر وأمين الصندوق وثلاث لجان من أصل 12 هي المالية والإدارية والعلمية. بحسب النقيب الصايغ، ما حصل أمس «جيد جداً وضروري لتسيير أمور الأطباء والناس». أما، لماذا لم يحصل هذا الأمر في موعده؟ لا يجد الصايغ جواباً سوى تشبيه ما يحصل في النقابة بما يحصل في الدولة.
تقاسم الحصص أوقف رواتب عشرات الموظفين وعطّل «السيستم» كاملاً

القصة في الرئاسة. في من «سيركب في هذا المركز؟». القصة التي عطلت النصاب في المجلس ولا تزال تعطّله هي، على ما يبدو، أكبر من قصة موظف ينتظر راتبه في آخر يومٍ من الشهر لدفع استحقاقاته الكثيرة. أما تتمة القصة، فيرويها أحد الأطباء الذين «كتبوا» بيان قطاع الأطباء في الحزب الشيوعي أن السبب في تعطيل النقابة هو «الخلاف على توزيع الحصص والمناصب بعد الإختلاف بين القوى الأساسية التي كانت متحالفة خلال الإنتخابات». ويشير الأخير إلى أن مجلس النقابة انقسم إلى قسمين «فريق النقيب ومن يدعمه بين تيار وطني حر وقوات لبنانية وحزب الله وفريق آخر مكون من أطباء حركة أمل وتيار المستقبل وعدد من الأطباء المستقلين». هذا الخلاف «السياسي» منع تشكيل اللجان، وحتى في الجلسة الأخيرة، أمس، التي جرى خلالها تشكيل مكتب النقيب واللجان الثلاث، طلب عضوان من المجلس الإنسحاب من الجلسة والإكتفاء بما حدث لإفساح المجال أمام إمكانية تحصيل النصاب من المعترضين في الجلسة المقبلة، التي حددها الصايغ الأسبوع المقبل. أي، بتعبير أكثر فجاجة «إعطاء حصّة للمعترضين في اللجان المتبقية»، بحسب أحد الأطباء.
بقي تسع لجان. ربما يحتاج الأمر لبيانات أخرى كي لا يكبر عدد «ضحايا» المحاصصات. فخلال الأسابيع التي تعذّر اكتمال النصاب فيها، حرم عشرات الموظفين من رواتبهم، و100 طبيب من تصديق شهاداتهم وما يقرب من 100 طبيب تأخروا عن قسم اليمين وغيرهم الكثير. مع ذلك، لم يكن ذلك مهماً. المهم هو توزيع الحقائب بين القوى السياسية.