في ساحة بدياس (قضاء صور)، كانت ملامح النصر والفرح تعلو محيّا محمد صفي الدين. فالقائد من رعيل المقاومين الأول، أطلق وعداً صار صادقاً: «لن أخرج من القريتين إلا بعد ان أقفل خلفي باب آخر المنازل». صدق وعده وكان في آخر موكب الخارجين. تسنّى لصفي الدين ورفاقه الخمسة أن يتحرروا قبل الآن بكثير، سواء في عمليات تبادل أو بالخروج من المنافذ المؤدية إلى مناطق سيطرة الأكراد، لكنهم رفضوا.
رفيقهم السابع جميل فقيه (ساجد الطيري) سبقهم قبل أكثر من سنة شهيداً محمولاً على الأكف
«صمدوا وغلبوا»، هؤلاء المقاومون الذين أعدّت لهم بلداتهم أعراساً تليق بعودتهم. قبل عبور نقطة المصنع الحدودية، عرجوا على مقام السيدة زينب في دمشق حيث أدوا صلاة الجمعة، علماً بأن صفي الدين شغل في مرحلة سابقة مسؤولية حماية المقام.
وأمام منزله في منطقة الصفير في الضاحية الجنوبية، تجمعت الحشود لاستقبال المقاوم وسام دولاني، بمشاركة النواب علي عمار وأمين شري وعلي فياض. دولاني ارتجل كلمة استشهد فيها بالسيد نصرالله قائلاً «سنكون حيث يجب أن نكون».
وفي حارة صيدا، ازدانت مداخلها لاستقبال علي صالح ابن بلدة بريتال البقاعية والمقيم في الحارة، بمشاركة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد (كان مؤثراً جداِ لقاء العائد بابنته التي تركها في عمر السنة وعاد ليجدها ابنة أربع سنوات). وفي ساحة برج رحال (قضاء صور) تلقّفت السواعد «أبو حمزة» في الطريق إلى بلدته بدياس. حمل على الأكتاف وسط زغردات ونثر للورود.
في ساحة قانا، كان الاحتفال مزدوجاً لاستقبال فضل حكيم ومحمد عطية. الزغاريد التي قطعتها الغصات وصلت أصداؤها من قانا إلى كونين (بنت جبيل) التي احتشدت لاستقبال «ملاك كونين» (أحمد بشير) الذي ذهب مع جاره جميل فقيه (ساجد) ابن الطيري وعاد بعده. وشارك في الاستقبال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله. ومن ساحة البلدة قرب بركة كونين، توجه أحمد الى روضة الشهداء وزار ضريح شقيقه الشهيد الذي سقط في تلة العيس في سوريا، في الوقت الذي كان يشارك فيه هو في الدفاع عن كفريا والفوعة. وألقى بشير كلمة قال فيها: «هذه المقاومة التي ضحت كل هذه التضحيات لا يمكن أن تهزم».