«لأنني معوّق، عليّ أن أدفع ثمانية آلاف وخمسمئة دولار لأسدّد قرضاً بقيمة خمسة آلاف دولار»، فيما يدفع «الشخص الطبيعي»، على القرض نفسه، نحو ستة آلاف دولار! الزيادة التي يدفعها المقترضون من المصارف من ذوي الاحتياجات الخاصة تصل الى 75% زيادة عن غيرهم من «الأشخاص الطبيعيين»، وهي تشمل «الفائدة... والتأمين». فالمصارف تشترط لمنح القرض أن يحوز طالبه بوليصة تأمين على الحياة، فيما لا تمنح غالبية شركات التأمين هؤلاء مثل هذه البوليصة. إذ ترفض تغطية الإعاقات الموجودة لدى ذوي الاحتياجات الخاصة إلا في حال تعرّض العميل لإعاقة لاحقة. وتوضح مندوبة إحدى شركات التأمين أنه «إذا جرى قبول تأمين الحياة لشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، فإنه يستثني الإعاقة الموجودة لديه أصلاً وكل ما يتعلّق بها». رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركياً سيلفانا اللقيس قالت لـ«الأخبار» إن «الاتحاد أجرى قبل نحو عامين دراسة لسوق التأمين وتوصّل إلى أن هذه الشركات لا تقدّم تأميناً على حياة المعوّقين». لذلك، «قرّرنا التواصل مع المؤسسات المقرضة لإقناعها بتخفيف شروطها». ولفتت الى أن القروض الشخصيّة «تعدّ ترفاً لذوي الاحتياجات لأنّ نسبة البطالة مرتفعة بينهم ولا توظيف أو تثبيت لهم ولا توطين للأجور». فيما لم تطبّق مسألة معالجة البطالة في صفوفهم وفق «كوتا» توظيفهم في المؤسسات العامة والخاصة بحسب المادّتين 73 و74 من القانون 220/2000، ولا يأمل الناشطون في مجال الدفاع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة خيراً بتطبيق الـ«كوتا». «المشكلة تكمن في النظرة إلى المعوّقين وكأنهم مشكلة يجب حلّها بتوظيفهم» بحسب اللقيس، التي شاركت مطلع الشهر الماضي في جلسة للجنة حقوق الإنسان النيابية تناولت الحق في توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة تطبيقاً للقانون. وتوضح أن «الطروحات داخل اللجنة محبطة»، فعلى سبيل المثال «يبقى ذوو الإعاقات الذهنية دوماً خارج النقاش، فيما يمكن هؤلاء العمل في أمور بسيطة».
تشير اللقيس الى أن التعقيدات في المصارف كثيرة ولا تقتصر على غياب التجهيزات المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، «بل كانت هناك معاناة لدى المكفوفين في فتح حساب خاص، وقد أصدر المركزي قبل عامين تعميماً بهذا الخصوص، كما أن الصمّ كانوا يواجهون مشاكل». هذا لناحية الحسابات والقروض الشخصية، أما في ما يتعلق بالقروض السكنيّة التي صدر تعميم بتسهيلها للمتزوّجين، فإن المصرف «طلب تقريراً من الطبيب الشرعي يبيّن أن إعاقتي ليست مميتة لمنحي الموافقة» وفق أحد المتقدّمين لقرض سكني!
يتهرّب مسؤولون في المصارف من تأكيد وجود مثل هذه التعقيدات. مدير خدمات العملاء في أحد البنوك قال إن الشروط نفسها تنطبق على الجميع؛ منها «أن يكون للعميل حساب مصرفي، وأن يكون مستمراً في عمله لأكثر من عام، ومدخوله يفوق السقف الموضوع من قبل مصرفنا، إضافة إلى عدم وجود ديون عليه». ويشرح «أن تسهيلات منح القروض تشترط أن يفوق أساس الراتب المليون وأربعمئة ألف ليرة (لقرض بقيمة 15 ألف دولار) وأن يكون الشخص موظفاً في شركته لأكثر من عامين وأن يكون مضموناً أو مشمولاً ببوليصة تأمين». لكن المشكلة هنا بالتحديد. حيث لا بوليصة تأمين على حياة ذوي الاحتياجات تشمل إعاقاتهم، إضافة إلى أن الحصول على الوظائف ليس أمراً سهلاً لهم مع عدم إلزام المؤسسات بكوتا توظيفهم من قبل وزارة العمل وعدم فرض الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي غرامات على المؤسسات المخالفة. كما أن سقف أساس الراتب الذي تشترطه المصارف، لا يمكن بلوغه مع الأعمال البسيطة التي يوكلون بها عادةً.


الإعفاء الجمركي: دين مؤجّل!
تروي أمال شريف معاناتها وكرسيّها المتحرّك مع السلالم في المصارف. كما محاولتها الحصول على قرض قبل أعوام، وكيف لم يستجب المصرف إلا بعد تسلّمه رسالة من الشركة التي تعمل فيها تطالبه «إما بمعاملتي مثل أي موظف لديها أو أنها ستوقف التعامل معه». لدى أمال معاناة إضافيّة مع الإعفاء الجمركي على السيارات المستوردة لمصلحة ذوي الاحتياجات الخاصة. ففي عام 2005، اشترت سيارة معفاة جمركياً. وعندما قررت بيعها اليوم «علمت بأنني مجبرة على إعادة تسديد قيمة الإعفاء البالغة 6 ملايين ليرة، فيما موديل السيارة يعود لعام 1998، ولا يزيد سعرها على مليون ونصف مليون ليرة»! وتشير إلى أن هذه الثغرة في القانون من بين ثغر كثيرة يجب إعادة تعديلها، وخصوصاً أنها استعملت السيارة على مدى 12 عاماً ولم تلجأ إلى الاستفادة (كما يفعل كثر) من الإعفاء وإعادة بيع السيارة في مدة وجيزة. وتلفت إلى أهميّة أن يكون شرط استرداد الإعفاء الجمركي مرتبطاً بسقف معيّن من سنوات استخدام السيارة.