«عندي لبنانيات. سوريات ما بقى في». هكذا يردّ صاحب رقم الهاتف المدرج في صفحة "young 3arous" (عروس صغيرة) على الفايسبوك على أحد المتصلين، قبل أن يُضيف: «منروح أنا واياك عند الشيخ ومنشوف. بدي أعرف أي عمر بناسبك». الصفحة التي تزعم أنها «تبيع» فتيات قاصرات لرجال يرغبن بـ«عروس صغيرة»، ولاقت رواجاً واستهجاناً كبيرين في اليومين الماضيين، لم تكن سوى محاولة لـ«التوعية» على قضية تزويج القاصرات! وقد أطلقتها الجهة التي لا تزال حتى الآن «مجهولة» ظنّا منها أنها جديدة و«مُبتكرة»!
بوليغان ــ المكسيك

بعض الجمعيات المدنية المعنية بملف تزويج القاصرات وقضايا المرأة آثرت التحفظ وعدم التعليق على «الأسلوب التوعوي» للحملة. ففيما لم يشأ «التجمع النسائي الديمقراطي» التعليق، رفضت جمعية «أبعاد» تسمية الجهة التي نظمت الحملة، وأعلنت عبر صفحتها على موقع فايسبوك تحفظها رغم «التجاوزات العديدة لمبادىء حماية الطفل المستخدمة فيه»، مُشيرةً إلى اتخاذها «كافة الإجراءات اللازمة مع الجهات المعنية».
مكتب جرائم المعلوماتية، العين «الساهرة» على منشورات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، أبلغ «الأخبار» أنّه «يتابع الصفحة حالياً» من دون أي توضيحات إضافية. لا يعرف «الشباب» في المكتب أن الصفحة أغلقت منذ أول من أمس، إثر التبليغات التي قام بها عدد كبير ممن استفزّتهم فكرتها بما تحمله من أبعاد إتجار بالنساء القاصرات والتبخيس بهنّ.
ارتكب منظمو الحملة خطيئة توازي أهمية القضية التي يناصرونها


وكان الحساب المذكور قد انتشر بداية على موقع انستاغرام، بتصنيف “local business”، أي «أعمال محلية». تأتي العبارة تحت اسم الحساب “young 3arous”، (عروس صغيرة)، أي أن هناك من يتخذ من «بيع» قاصرات عملاً له. يعرّف عن حسابه: «بدك عروس صغيرة؟ طلبك اكيد عنا، للاستفسار اتصلوا فينا على (...)». هكذا ينهي القيمون على الحساب التعريف به، ليكملوه مع صورتين لفتاتين، كل منهما مرفقة بتعريف عنها: «كارلا، 14 سنة، صغتورة، أمّورة وهمّا ترضي جوزا. للاستفسار اتصلوا على (...)».
حالياً، لم تعد الصفحة موجودة على موقعي فايسبوك وانستاغرام بسبب حجم التبليغات التي قام بها ناشطون وناشطات لدى إدارة الموقع، فضلا عن لجوء بعضهم الى التواصل مع وزارة الداخلية والبلديات لاتخاذ الإجراءات الرادعة. بحسب أحد هؤلاء، فإنّ المعنيين في الوزارة أفادوا بأنهم على علم بوجود الصفحة وهي «قيد المتابعة». هل كانت الوزارة على علم بما تقوم به الجمعية «المبدعة»؟ أم أن العاملين فيها كانوا، كزملائهم في مكتب جرائم المعلوماتية، يتابعونها بالطريقة نفسها؟
إذا كان هدف القيّمين على الصفحة إحداث «صدمة» لطرح قضية تزويج القاصرات، فقد حققت الجمعية مرادها. كان يمكن أن نشكرها على محاولتها إعادة تسليط الضوء على قضية كهذه. لكن لا بد من العودة إلى كارلا ورفيقتها. كارلا تبدو فعلاً في الرابعة عشرة، أو أقل حتى. ربما تكون صورتها مأخوذة بعشوائية عن محرّك البحث غوغل، ولا وجود لكارلا هذه. ما فعلته الجهة «الحقوقية»، أياً كانت، ليس مسؤولاً ولا واعياً. ما هو، على أية حال، الموقف القانوني من الصورتين اللتين نشرتا لفتاتين قاصرتين على الحساب المذكور؟ من يعلم، ربما لفرط حماسة منشئي الحساب، لم يعيروا انتباهاً إلى «تفصيل» كهذا، رغم أنه يوازي أهمية القضية التي أرادوا تسليط الأضواء عليها!