كما كان متوقعاً استناداً إلى تجارب اشتباكات عين الحلوة، انتهت اشتباكات المية ومية بلا غالب ولا مغلوب. هدوء تام سيطر على يوم أمس. لكن لا فتح التي هاجمت أنصار الله انتصرت أو حققت تغييراً ميدانياً صغيراً، ولا جمال سليمان أخرج فتح كما «أباد» جماعة أحمد رشيد قبل أربع سنوات. نتيجة متوازنة لجولتين من الاشتباكات بين منتصف الشهر الجاري ونهايته، لم تقلب الطاولة سوى على سكان المخيم. مساء السبت الفائت، توصلت الفصائل الفلسطينية، برعاية الرئيس نبيه بري، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بنسخة معدلة عن النسخة التي خرج بها لقاء المصالحة بين فتح وأنصار الله في مقر المجلس السياسي لحزب الله في الضاحية الجنوبية قبل ظهر اليوم السابق. البنود الجديدة تخطت وقف إطلاق النار وسحب المسلحين فوراً، إلى الإحاطة بمستقبل «نيو المية ومية». أول البنود إدخال المواد الغذائية إلى المخيم الذي انعدمت فيه الحركة منذ بدء الجولة الثانية يوم الخميس الفائت، علماً بأن نحو 50 في المئة من الأهالي نزحوا عن منازلهم باتجاه صيدا وعين الحلوة ومحيطهما. الاتفاق خصّ من يرغب ممن بقي من الأهالي، نساء وأطفالاً، بالخروج إلى أي مكان آمن. هذا البند أثار تساؤلات عدة عن نياته: هل هو مقدمة لإفراغ المخيم من اللاجئين الفلسطينيين وإزالة التعديات العمرانية الواقعة على الأملاك العائدة لأبناء بلدة المية ومية؟ أم هو تمهيد لمعركة قادمة ترافق سيطرة الجيش على المخيم لسحب السلاح والمسلحين لمنع تكرار الاشتباكات؟ أو هو تحفيز على الهجرة؟ واللافت أن النزوح والترغيب في الانتقال إلى مكان آمن، ترافقا مع قيام وكالة الأونروا بتوزيع طلاب مدارس المية ومية على مدارسها في صيدا وعين الحلوة تحسباً لتكرار تدهور الأوضاع في وقت لاحق. مصدر فلسطيني أشرف على وضع الاتفاق لفت إلى أن «فتح الباب أمام خروج من يرغب مردّه إلى تضرّر عدد كبير من المنازل في الاشتباكات الأخيرة. وهنا يجدر السؤال: من سيعوّض على المتضررين ويموّل إعادة الإعمار؟ تجربة عين الحلوة ترجّح أن الأونروا لن تسهم على غرار منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل». إشارة إلى أنه في اشتباك حي الطيرة في عين الحلوة، بادرت السفارة اليابانية إلى تمويل إعادة الإعمار، بعد أشهر من تقاذف المسؤولية بين الفصائل، وبينها وبين الوكالة.
بند آخر أثار تساؤلات عدة قضى بإدخال عناصر غير مسلحين من حماس والجبهتين الشعبية والديموقراطية والجهاد الإسلامي، لمراقبة وقف إطلاق النار. يظهر هذا البند العناصر كأنهم مخبرون أمام طرفين مدجّجين بالسلاح ومتحصّنين في مربعهما الأمني. لكن الفعل الفصل سيكون «لقوى الجيش التي تقوم بتسهيل تنفيذ البنود كافة ضمن الضوابط الأمنية والعسكرية التي يراها مناسبة حفاظاً على الأرواح والممتلكات».
التنويه الذي اختتم به نص الاتفاق يطرح يومياً احتمال دخول الجيش إلى المية ومية. مصدر أمني يلمّح إلى موافقة فتح وقوات الأمن الوطني على مغادرة المية ومية. أما بالنسبة إلى الأمين العام لأنصار الله جمال سليمان، فيروّج قريبون منه إلى احتمال قبوله مقترح انتقاله إلى سوريا، على أن تنتقل مجموعته إلى عين الحلوة ليتزعمها نائبه ماهر عويد.