اختيار يوم 26 تشرين الثاني لتراث بيروت جاء، بحسب منيمنة، على خلفيّة «ما كتبه الشاعر الفرنسي ألفونس دو لامارتين في اليوم نفسه في عام 1832، حين وقف على تلّة مار متر (الأشرفيّة) ونظر نحو البحر وعين المريسة ورأس بيروت والحصن والسور... وسواها من مناطق بيروت التي كان يمكن رؤيتها من التلّة، وقال: كم كنت أتمنى أن أرى جنّة عدن، وأستطيع الآن أن أقول إنني أشاهدها». كذلك يُضيف أسباباً أخرى لاختيار التوقيت، لكنّها «أسباب خاصة تعني المنظّمين»!
غير أنّ ما يعني سكان بيروت، آلية الحفاظ على الأبنية التراثية التي يتهدّدها الهدم. في هذا الإطار، يشير المنظّمون إلى جهودهم في «وقف هدم البيت الأحمر في رأس بيروت، ووقف قرار هدم أربعة مبانٍ في منطقة الصّيفي قبالة بيت الكتائب... لكن لفترة قبل أن يجري هدمها لاحقاً»! ويلفتون إلى أن المشكلة تكمن في «أن قرار الهدم أو الوضع على لائحة الجرد العام للأبنية الأثرية متوقّف عند قرار وزير الثقافة مع الأخذ في الحسبان تبدّل الوزراء وتالياً تبدّل القرارات وفق أهواء كل وزير».
مئتا منزل أثري في بيروت على لائحة وزارة الثقافة مقابل 1016 عام 1995
في حفل إطلاق «يوم تراث بيروت»، وقّعت الجمعيات («تراث بيروت»، «شْريك» وتجمع «الأرمن في لبنان») والمشاركون على عريضة لتكريس هذا اليوم، وسط أجواء مرافقة منها عرض أفلام عن تراث بيروت وحضور حكواتي بيروتيّ وعازفة بزق... إضافة إلى توقيع كتاب المصوّر الفوتوغرافي مايك عوّاد (28 عاماً) الذي يحوي 45 صورة مختارة لمنازل بيروت التراثية مع شرح عنها. عمل عوّاد «على مدى عامين في تصوير بيوت بيروت التراثية» كما يقول، وتمكّن من جمع «نحو 12 ألف صورة من بيروت، لبيوت تراثية مصنّفة وغير مصنّفة أو أزيل عنها التصنيف، في مناطق مختلفة منها الجمّيزة والخندق الغميق والمصيطبة وسواها». كان عواد مجبراً خلال تصويره تلك المنازل من خارجها وداخلها على اعتماد أساليب ملتوية، والسبب ــ وفق المصوّر ــ أن «معظم البيوت مقفلة، بعضها دخلتُه من النوافذ، وفي بعضها الآخر كنت أقع لأن الأثاث بدأ ينهار، وفي البعض الآخر أُخرجت بالقوّة». يروي عواد تجربته، لافتاً إلى أن «ثمة بيوتاً هُدمَت خلال فترة التصوير، ولاحظتُ أيضاً أن العديد من الطبقات الأرضيّة للمنازل التراثية يُستخدَم كمستودعات لشركات مجاورة، وبعضها أُجِّر ليتحوّل إلى منشآت صناعية». هذا قسط مما يحدث لبيروت وأبنيتها التراثيّة على مدار السنة، فيما تتابع عريضة تكريس «يوم تراث بيروت» طريقها إلى الجامعات والمدارس لتوقيعها.