تنتظر مستشفى رفيق الحريري الحكومي، في الأشهر القليلة المُقبلة، أزمة مالية جديدة تُضاف إلى «سجل» الأزمات المزمنة التي ترافق المستشفى منذ سنوات، ما لم تتوصّل إدارته إلى حلّ قريب.فمنذ مطلع العام الجاري، لم تُحصّل إدارة المستشفى من وزارة الصحة الأموال المستحقة لها، والناجمة عن فواتير الاستشفاء الخاصة بالمرضى الذين يُعالجون على نفقة الوزارة. ويعود السبب، وفق مصادر مُطّلعة، إلى امتناع مدير المُستشفى فراس الأبيض عن توقيع عقد الاستشفاء مع الوزارة لعام 2018 احتجاجاً على خفض السقف المالي لـ«رفيق الحريري الحكومي» من 24 مليار ليرة الى 22 ملياراً. بذلك، يستقبل المستشفى، منذ بداية العام، «مرضى الوزارة» من دون غطاء يتيح له استرجاع نفقات العلاج لاحقاً، وبالتالي لا خيار حالياً أمام الإدارة إلّا انتظار تدوير الاعتمادات، الأمر الذي يتطلّب أشهراً، علماً بأن أنّ المستشفى يرزح تحت عجز مالي شهري يتجاوز 700 مليون ليرة، فيما يفوق العجز المتراكم 120 مليار ليرة.
مصدر إداري في المُستشفى أكّد لـ«الأخبار» أن الإدارة كانت تستطيع تشغيل المستشفى وفق سقف الـ 22 ملياراً وتجاوز مسألة خفض السقف تجنّباً للتداعيات الناجمة عن عدم توقيع عقد الاستشفاء. ووصف ما أقدم عليه الأبيض بـ«الخفّة»، مشيراً إلى أن مدير المستشفى كان يراهن على سرعة تأليف الحكومة و«تغيير» وزير الصحة لتعديل السقوف المالية وإعادتها الى ما كانت عليه.
مشاكل المستشفى تنسحب أيضاً على العلاقة بين الإدارة والموظفين الذين يتهمون الأبيض بممارسة «الكيدية» ضدهم، على خلفية مطالبة هؤلاء بحقوقهم في الاستفادة من سلسلة الرتب والرواتب، وبمستحقاتهم المتراكمة منذ سنوات والمتعلّقة بالدرجات وبمساهمات المدارس وغيرها. إذ يصرّ مدير المستشفى على عدم الاعتراف للموظفين بحقّهم في سلسلة الرتب والرواتب، رغم خوض هؤلاء معركة دامت أشهراً مع وزارتي المال والصحة من أجل انتزاع إقرار بحقّهم في السلسلة، ونجاحهم، نوعاً ما، في التوصّل إلى صيغة موحدة حول الجداول المُعتمدة للرواتب الجديدة.
لم يتقاضَ الموظفون أيّاً من مستحقاتهم المتراكمة رغم تحويل مليار ليرة من وزارة الصحة لهذه الغاية


وتتمثل الكيدية، وفق مصادر «لجنة مستخدمي وموظفي المستشفى الحكومي»، في إجراءات نقل اتخذت بحق موظفين خلال الفترة الماضية «ظاهرها قانوني وخلفيتها تأديبية». مصادر اللجنة قالت لـ«الأخبار» إن الأبيض يرفض تحديد موعد للموظفين لمتابعة مصير الجداول وتحديد الرواتب الجديدة، لافتة إلى أن الموظفين لا يزالون يتقاضون رواتبهم القديمة.
إلى ذلك، ثمّة تساؤلات عدة حول مصير مبلغ المليار ليرة الذي حوّلته وزارة الصحة إلى إدارة المستشفى لدفع مستحقات متراكمة للموظفين. وتؤكد المصادر أن هؤلاء لم يحصلوا حتى اليوم «على أي ليرة» من المليار، متسائلة عما إذا كان مدير المستشفى «خزّن» هذه الأموال لشعوره بالأزمة المُرتقبة.