انتصر مجلس شورى الدولة لوادي بيروت (المعروف بـ«وادي لامارتين»)، المنطقة الحرجية الغنية بتنوّعها البيئي، وقبِل بالطعن الذي تقدّم به ناشطون ومحامون، في 17 أيلول الماضي، بهدف إبطال القرار رقم 95 الصادر عن مجلس بلدية بيت مري بالموافقة على مشروع عقد الإيجار المزمع توقيعه بين البلدية وشركة «Bioener بيت مري» لإنشاء معمل لفرز النفايات العضوية والصلبة ومعالجتها في العقارين 3326 و3327 ضمن نطاقها البلدي. وطلب القرار الذي أصدره المجلس برئاسة القاضي هنري الخوري (صدر بالإجماع في 26 تشرين الثاني الماضي) «وقف تنفيذ القرار المطعون فيه».وكانت الجهة المستدعية قد استندت في مراجعتها لوقف تنفيذ القرار إلى جملة من الشوائب، أبرزها أن عقد البلدية مع الشركة «هو عقد شراكة بين القطاعين العام والخاص، وليس عقد إيجار كما ورد في قرار البلدية مع ما يفرضه العقد من موجبات على البلدية»، كذلك فإنه عقد مركّب من عقدين «أوّلهما عقد إيجار البلدية للأرض، والثاني لبناء معمل المعالجة، وينطوي على مقاصة غير واضحة عناصرها غير جائزة في الدستور اللبناني (المادة 83) وغير جائزة في قانون المحاسبة العمومية (المادتين 51 و57)». وذكرت المراجعة «أن القرار يخالف المادة 121 من قانون المحاسبة العموميّة لجهة تقرير إجراء الصفقة من البلدية بالتراضي وليس بالمناقصة العموميّة».
ولناحية تعديل تصنيف العقارين إلى وجهة استعمال صناعية (I2) وفقاً للبلدية، فقد قابله الطعن بالإشارة إلى أن «تعديل التصنيف الصناعي ينحصر بالفرز والتدوير، لكنه غير نافذ لتاريخه، لأنه لم يصدر بمرسوم عن مجلس الوزراء، إضافة إلى أن التقنيات المقرّرة للمعالجة تعتمد غالباً على تقنيات صناعيّة ثقيلة لا تتآلف والبيئة المحيطة في موقع وادي بيروت، وتأتي بعد مرحلتي الفرز والتدوير، أي أنها تتعدّى التصنيف وتخالفه». وبيّن أن «تصنيف العقارين لا يزال في قسم منه امتداداً سكنياً (E) وفي قسم آخر صناعياً (F) بحسب إفادة الارتفاق والتخطيط الصادرة عن المديرية العامة للتنظيم المدني، وتالياً لا يتيح إنشاء مشروع صناعي من النوع الثقيل». كذلك استندت الجهة المستدعية إلى أن القرار البلدي أجاز التعاقد بالتراضي مع شركة «Bioener بيت مري» (تأسست في 9 أيار 2018 قبل شهرين من صدور قرار البلدية بالتعاقد معها)، و«هي شركة غير مصنّفة لدى وزارة الأشغال أو الصناعة لتنفيذ مثل هذه المشاريع وفق أحكام المرسوم رقم 3688 (المتعلّق بشروط تحديد الاشتراك في تنفيذ بعض الصفقات العامة)».
مخيبر: القرار فاتحة للعودة إلى البدائل المتوافرة في تنظيم إدارة النفايات


في المقابل، أوردت الجهة المدّعى عليها، أي بلدية بيت مري، في لائحتها الجوابيّة لـ«مجلس الشورى» أنه «ينبغي رد المراجعة لأن القرار البلدي حاز أكثرية أصوات أعضاء المجلس (9 أعضاء من أصل 15 وغياب عضوين)، ولأن المدعين من دون صفة أو علاقة مباشرة بالبلدة، وافتقاد المراجعة لخبرة فنية متخصصة». وارتكز جواب البلدية على «عدم ثبوت الضرر الوارد في المراجعة، خصوصاً أن العقد استحوذ على موافقة أولية من وزارة البيئة». ذريعة الموافقة الأوليّة لوزارة البيئة، ودراسة الأثر البيئي التي تطرّقت إليها «الأخبار» سابقاً، ردّ قرار الشورى عليها بمنح مهلة شهر لكلّ من وزارة البيئة وبلدية بيت مري لإيداع الملفات الإدارية المتعلّقة بالقرار. وفي هذا السياق، لفت النائب السابق غسان مخيبر الذي شارك في تقديم الطعن إلى «أن المستندات المطلوبة لن يستطيعوا تقديمها، والقرار فاتحة لمقاربة مختلفة لإدارة النفايات في المتن وغيرها كي لا تتحمل بلدة وزر منطقة بأكملها»، لافتاً إلى أن «قرار الشورى جيّد ومثال واضح على دور القضاء في إعادة التوازن للمنطق، للعودة إلى الحلول والبدائل المتوافرة في تنظيم إدارة النفايات».