يجري العمل داخل الحزب السوري القومي الاجتماعي من أجل تطويق الأزمة التي يمرّ بها الحزب، منذ قرار رئيسه حنا الناشف إقالة عميد الداخلية معتز رعدية، في 26 كانون الأول، واعتبار رئيس «القومي» أنّ دعم عمدة الدفاع لرعدية، نوعٌ من «التمرّد» على قرار الإقالة. تبع هذا القرار خلافات وانقسامات في وجهات النظر (راجع «الأخبار»، عدد 3 كانون الثاني، https://al-akhbar.com/Politics/264089)، وتقرّر عقد جلسة للمجلس الأعلى، لمناقشة آخر التطورات، يوم الجمعة 4 كانون الثاني. ومن حينه، لا تزال جلسة المجلس الأعلى غير مرفوعة. عُقدت جلسة ثانية، الاثنين الماضي، وستُستكمل المشاورات بين القوميين في جلسة «المجلس» غداً. على جدول الأعمال بندان رئيسيان: بتّ مصير عميد الداخلية، الذي لا يزال يُداوم في مكتبه، رغم قرار الرئيس إقالته من منصبه، ووضع «الداخلية» تحت إشراف الناشف. والبند الثاني هو بحث موضوع التعديل الدستوري والاتفاق على موعد انتخابات المجلس الأعلى. كلّ القوى المعنية التي تواصلت معها «الأخبار»، تؤكّد أنّ «الأمور جيّدة وتتّجه إلى الحلّ»، مع وجود قناعة لدى الجميع بأنّ العمل الحزبي لا يُمكن أن يستمرّ على المنوال نفسه من السلبية حتى نهاية ولاية الناشف في الـ2019 (إذا لم يحصل أي تعديل للمُهل)، «من دون أن يكون هناك مصلحة لأحد بإقالة الناشف حالياً. الخلاف هو على كيفية إدارة الأمور حتى نهاية الولاية». لكنّ النقطتين على جدول الأعمال هما موضع انقسام داخلي، وتختلف الرؤية حولهما، وبالتالي طبيعة «الحلّ» الذي سيُعتمد. علماً أنّ حدثين «إيجابيين» طرآ على المشهد، ومن الممكن أن يؤديا إلى «حلحلة» في العُقد. الأول، اجتماع الناشف مع رعدية يوم الاثنين، بحضور ناموس المجلس الأعلى جورج ديب. والثاني، لقاء المُصالحة الذي عُقد أمس بين الناشف وعميد الدفاع زياد المعلوف، وامتدّ لساعة ونصف ساعة. وبعد أن كان الناشف ينوي إقالة المعلوف من مركزه، من المفترض أن «يُكتفى بتنبيه أو إنذار»، بحسب مصادر الروشة. تقول مصادر المجلس الأعلى إنّ جلسة يوم الجمعة، «امتدّت لساعات طويلة، وكان الطبق الرئيسي موضوع إقالة رعدية، ودار النقاش بشكل رئيسي بين الناشف ورئيس المجلس الأعلى النائب أسعد حردان». حاول الأخير في بداية الجلسة، عرض التطورات الإقليمية، والتحديات التي تواجه المنطقة ويُفترض أن يكون الحزب مُتحضراً لمواجهتها، وبالتالي عدم التلهي بالأمور الداخلية. ويعتقد حردان أنّ أي «غُبن» لحق بقوميٍّ ما، يجب أن يُصَحَّح، وبالتالي يدعم خيار العودة عن قرار إقالة عميد الداخلية. مؤيدو رعدية يتسلحون بأنّ المرسوم الذي اتخذه الناشف «غير دستوري»، لأنّه كان يجب أن يصدر خلال جلسة للسلطة التنفيدية في القومي، أي مجلس العُمد، «وليس من مكتب الرئيس». ويقولون إنّ الناشف «مارس الكيدية على مسؤول حزبي مُلتزم، وحمّله ذنباً لم يقترفه»، ما أدّى إلى تعاطف القوميين مع عميد الداخلية. لذلك، يضغطون للتراجع عن القرار. وإذا لم يوافق الناشف على إعادة رعدية إلى مركزه، «فقد يُلجأ إلى التصويت داخل المجلس الأعلى لنقض مرسوم الرئيس». في المقابل، بدا الناشف مُتمسكاً بقراريه: إقالة رعدية، وتوجيه إنذار إلى المعلوف، على اعتبار أنّ من غير الممكن أن يطوي صفحة «التمرّد» الذي واجهه من دون محاسبة.
خلال جلسة الاثنين، كان النقاش أهدأ وتوقيتها أقصر من جلسة الجمعة، ولكن كانت تدور حول الموضوع نفسه: إقالة رعدية. طُرح على الناشف في نهاية الاجتماع أن يحضر عميد الداخلية المُقال اجتماع المجلس الأعلى غداً، ويعتذر من رئيس الحزب أمام الأعضاء، ويتصالحا. تقول مصادر «المجلس» إنّ الناشف «لم يُبدِ أي اعتراض على الطرح، ما يعني اتجاهه إلى القبول بالعرض». إلا أنّ مصادر الروشة تؤكّد أنّ «من غير الوارد أن يتراجع الرئيس عن قراره». ولم يُعلم كيف سيتصرّف الناشف في حال تصويت المجلس الأعلى على نقض قرار إقالة رعدية، وإذا ما كان سيُنفذ تهديده بالاستقالة. جلسة الخميس مفصلية في هذا الشأن. تقول مصادر قومية إنّه «لم يجرِ التوافق بعد على نقض المرسوم، ولكن الأمور تتّجه نحو الإيجابية».
إقفال ملفّ عميد الداخلية لا يعني انتهاء النقاشات داخل المجلس الأعلى، قبل بتّ مصير التعديل الدستوري. لا يريد الناشف إجراء تعديل دستوري يقضم من ولايته التي تنتهي في الـ2019، ويدعم خيار إشرافه على انتخابات المجلس القومي التي ستجري قبل منتصف أيار، ومن ثمّ حلّ المجلس الأعلى، والذهاب نحو انتخابات مُبكرة للمجلس الأعلى ورئيس الحزب في حزيران. ترى مصادر حزبية أنّ «الناشف يهدف وراء ذلك إلى محاولة تشكيل كتلة حزبية، وتحويل نفسه إلى قطب داخلي». ويتسلّح الناشف بما يُجيزه له النصّ، بأنّ أي تعديل يجب أن ينال موافقة الرئيس والسلطة التنفيذية. الخيار الثاني يطرحه النائب أسعد حردان، ويتضمن تعديل الدستور وتقديم موعد انتخابات المجلس الأعلى ورئيس الحزب إلى حزيران. وهو يرفض بشكل قاطع ما يطرحه البعض، أن يقوم المجلس القومي الحالي بانتخاب السلطة الجديدة، ولن يسمح بتمرير ذلك. أما الخيار الثالث، فيُعبّر عنه أعضاء المجلس الأعلى كمال النابلسي وحسام العسراوي وعاطف بزي وعصام بيطار. هؤلاء يرفضون استمرار الناشف في رئاسة الحزب، وفي الوقت عينه لديهم ملاحظات على أداء حردان، علماً أنّهم كانوا أقرب حزبياً إلى رئيس المجلس الأعلى. يطرحون حلّ المجلس الأعلى فوراً، والذهاب نحو انتخابات مُباشرةً بعدها يتولاها المجلس القومي الحالي.