في الأسابيع الماضية، لم تمنع وفرة المتساقطات انقطاع المياه عن منازل المشتركين في بعض بلدات صور والنبطية ومرجعيون، إذ إن مياه الصرف الصحي تزاحم مياه الآبار الجوفية التي تضخها مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، إلى شبكات المياه العمومية بعد تكريرها. المدير العام للمؤسسة وسيم ضاهر أكّد في حديث سابق لـ«الأخبار» أن «كل المياه الجوفية ملوثة بالمياه الآسنة بسبب تسرب الصرف الصحي إلى الآبار نتيجة عشوائية تصريفه في الأودية ومجاري الأنهار». لذلك، تضطر المؤسسة إلى وقف الضخ من بعض الآبار بعد ثبوت تلوثها. وفي هذا السياق، توقف في الأسابيع القليلة الماضية الضخ من آبار سير الغربية وفخر الدين ــــ كفرجوز في النبطية ومن آبار وادي جيلو ــــ يانوح في صور، وقبلها من محطة الطيبة، فضلاً عن ثبوت تلوث مياه برك رأس العين التي تعمل المؤسسة على تكرير مياهها قبل ضخها إلى منازل المشتركين.حال من الكر والفر عاشتها المؤسسة بين المياه الآسنة والمياه الجوفية، حتى قررت تسلّم قطاع الصرف الصحي وتشغيل محطات التكرير في الجنوب التي يتولى الإشراف عليها وتشغيلها مجلس الإنماء والإعمار، علماً بأن إدارة هذا القطاع من مهمات مؤسسات المياه. ضاهر أعلن حال الطوارئ. «تشغيل المحطات بكلفة أقل بأضعاف عن الكلفة الحالية، تطلّب زيادة رسم تكرير الصرف الصحي ضمن رسم المياه السنوي من المواطنين من 15 أو 25 أو 30 ألف ليرة إلى 50 ألفاً لجميع المشتركين، سواء كانت المنازل موصولة بشبكات ومحطات أو لا». الزيادة أثارت ردود فعل شعبية وبلدية غاضبة من صيدا إلى صور والخيام، استدعت من ضاهر عقد مؤتمر صحافي أمس لشرح حيثيات القرار، فأشار الى أن مؤسسات المياه «لم تتسلّم مهماتها في الصرف الصحي بسبب غياب الكوادر والقدرة المالية. فيما الإهمال وتولي جهات غير مؤسسات المياه تشغيل القطاع أدى إلى النتيجة الكارثية: تلوث وديون ناتجة من قروض وكلفة تشغيل عالية». وهذا الواقع «ليس صدفة، بل نتيجة المحاصصة السياسية التي توزع مشاريع تنفيذ المحطات وتشغيلها من قبل حيتان المقاولين والمنتفعين»، معتبراً أن إعادة القطاع إلى مؤسسات المياه «يقطع المنتفعين ويحمي القطاع من الخصخصة وإغراقه أكثر بالديون».
لكن الحملة الغاضبة دفعت بضاهر، «بالتنسيق والتشاور مع وزارة الطاقة، إلى تأجيل استيفاء الرسم إلى مطلع العام المقبل لنفسح المجال أمام المسؤولين المعترضين لمساعدتنا في تأمين الكلفة التشغيلية اللازمة من الموازنة العامة وليس من جيوب الناس». ولفت إلى أنه طلب بعيد تعيينه في منصبه الحصول على 35 مليار ليرة لتشغيل القطاع، «لكن لم نجد آذاناً صاغية».