هل خالف القضاة الدستور باختيارهم ثمانية منهم لعضوية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء؟ المادة 80 من الدستور تنص على الآتي:«يتألف المجلس الأعلى ومهمته محاكمة الرؤساء والوزراء من سبعة نواب ينتخبهم مجلس النواب وثمانية من أعلى القضاة اللبنانيين رتبة حسب درجات التسلسل القضائي أو باعتبار القِدمية إذا تساوت درجاتهم ويجتمعون تحت رئاسة أرفع هؤلاء القضاة رتبة وتصدر قرارات التجريم من المجلس الأعلى بغالبية عشرة أصوات. وتحدد أصول المحاكمات لديه بموجب قانون خاص». وبحسب دراسة قانونية نشرها المحامي نزار صاغية في موقع «المفكرة القانونية» أول من أمس، خالف القضاة النص الدستوري، كما نص القانون، باختيارهم 8 قضاة ليسوا الأعلى درجة بين زملائهم، وهم: «جان فهد وجوزف سماحة وميشال طرزي وكلود كرم وجمال الحجار وسهير الحركة وعفيف الحكيم ورولا جدايل. وجميع هؤلاء هم رؤساء غرف محكمة التمييز، ما عدا رولا جدايل، الرئيسة الأولى لمحكمة استئناف الجنوب. كما تم اختيار القاضي سمير حمود نائباً عاماً لهذه المحكمة، فضلاً عن اختيار قضاة ونواب عامين احتياطيين».
في المقابل، يرى رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، أن تعيين أعضاء «المجلس الأعلى» «قانوني مئة في المئة». وقال فهد لـ«الأخبار» إنه «جرى تعيين الأعضاء وفق المعايير نفسها مرتين سابقاً عبر اعتماد الرتبة الأعلى: المرة الأولى جرت أيام القاضي طانيوس الخوري عندما كان بهيج طبارة وزيراً للعدل، والثانية على أيام القاضي غالب غانم عندما كان إبراهيم نجّار وزيراً للعدل». أما في ما يتعلق بتعيين المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود مدعياً عاماً في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، رغم اقتراب إحالته على التقاعد (الأول من أيار المقبل)، فقال فهد: «النص بقول بدنا نعيّن مدّعي عام. والقاضي حمود هو المدّعي العام اليوم. عندما يُعيَّن بديل منه، نستبدله».
أما رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق القاضي المتقاعد غالب غانم، فردّ على سؤال «الأخبار» له، بالقول: «لنفترض أن هناك رئيس غرفة درجته ١٧، وقاضٍ درجته ١٨ لا يرأس غرفة. من الطبيعي أن الأعلى رتبة هو رئيس الغرفة». انطلق القاضي غانم من هذه المقدمة ليبدي رأيه بالقول إن «الرتبة مُقدَّمة على الدرجة»، مضيفاً: «هذا ما اعتمدناه في تعيينات أعضاء هيئة هذه المحكمة (محاكمة الرؤساء والوزراء) سابقاً».
هل أن سابقتين تخالفان نص الدستور تسمحان بمخالفته مرة ثالثة؟ أم أن الاجتهاد القضائي «فسّر» المادة 80 من الدستور بصورة صحيحة؟ وهل سيكلِّف مجلس النواب، بصفته صاحب صلاحية تفسير الدستور، نفسه عناء حسم هذا الجدل، أم أنه سيترك هذه القضية، كغيرها، مفتوحة على التأويلات؟