تنتهي الاثنين المقبل مهلة تسديد الاشتراكات السنوية للأطباء المُسجّلين في نقابة الأطباء في بيروت، ليتمكّن هؤلاء من المُشاركة في انتخابات النقيب وأعضاء مجلس النقابة في حزيران المُقبل.وفيما لم تُحسم أسماء أي من المُرشحين بعد، يبدو أن الاستحقاق الانتخابي هذا العام لن يكون «سلِساً» كما جرت العادة في الأعوام السابقة. إذ إن «الحراك المطلبي» داخل النقابة، أخيراً، أربك الأحزاب التي اعتادت تنظيم أمورها الانتخابية بهدوء.
وكان «الحراك» قد بدأ تحركاته الاحتجاجية منذ نحو أربعة أشهر للمطالبة برفع الراتب التقاعدي للطبيب وإقرار الضمان بعد نهاية خدمته و«إغلاق مزاريب الهدر والفساد». وعلى مرّ الأشهر الأربعة الماضية، نظّم الأطباء المنضوون في الحراك وقفات احتجاجية تزامناً مع انعقاد جلسات لمجلس النقابة، تمكنوا من تعطيلها، ما أدّى إلى انقسام داخل الجسم النقابي.
مصادر في «الحراك» أكّدت أن الهدف منه «لم يكن يوماً المشاركة في الانتخابات، لكن التغيير الذي ننشده لا يمكن أن يتحقق إلا بخوض الانتخابات حتى لو لم يكن الفوز مضموناً، لأن الحجة الأساسية التي اصطدمنا بها مع النقيب (ريمون الصايغ) لعدم القيام بأي خطوات إصلاحية كانت تقيّده بقرارات سياسية أفسدت النقابة، وأبرزها تمسّكه ببقاء المديرة الإدارية في منصبها، رغم أنها عُيّنت خلافاً للقوانين». ولفتت إلى أنه آن الأوان لأن «نسعى إلى تحقيق تجربة النقيب المستقل كما في نقابة المهندسين، رغم إدراكنا أن هذا الأمر قد لا يتحقق في المدى القريب». وعن إمكان التحالف مع الأحزاب، أكدت المصادر «أننا لم نحسم أمرنا بعد. لكنّ الأكيد أننا لن نتحالف مع حزب أسهم في إحالة أطباء نقابيين على المجلس التأديبي».
وكان وزير الصحة جميل جبق، قد زار الأسبوع الماضي مبنى النقابة والتقى الطرفين وأعلن فتح تحقيق مالي للتثبّت من شبهات الفساد والهدر. كذلك ألغى، بوصفه وزير الوصاية، إحالات بعض أطباء «الحراك» على المجلس التأديبي.
أطباء «الحراك» اعتبروا أن الزيارة تُثبت صحة اتهاماتهم للنقابة، خصوصاً أن جبق صرّح بأنه مؤيد لمطالبهم، فيما قال الصايغ لـ«الأخبار» إن الزيارة جاءت «بعدما راسلنا وزارتي الداخلية والصحة والطلب منهما ضمانة حرية مجلس النقابة بالانعقاد»، لكن «البعض حاول أن يستغل الزيارة ليُصوّرها على أنها انتصار للحراك». ولفت إلى أنه تناول مع الوزير ثلاث نقاط رئيسية: الوضع المالي «وقد سلّمناه كل التقارير والمعطيات المالية التي يعود جزء كبير منها إلى النقباء السابقين، الوضع المرتبط بالدعاوى القضائية التي ترفع على الأطباء بسبب إعطائهم آراءهم العلمية (ادعاء المدعي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون على الصايغ نفسه بجرم إعطاء تقارير طبية كاذبة في ملف الطفلة صوفي مشلب)، وأخيراً الاتفاق على عدم اتخاذ أي قرارات مالية حالياً كالتوظيفات أو غيرها وتركها للنقيب المُقبل».
ويحذّر الأطباء المعارضون للنقيب من «المسار الانحداري للعمل النقابي، ومن استمرار الهدر المالي والفساد اللذين يهدّدان بإفلاس النقابة. ويلفت هؤلاء إلى أن الصايغ كلّف، قبل ثلاث سنوات، شركة استشارات مالية إعداد دراسة عن الوضع المالي للنقابة. «وخلصت إلى أن النقابة مُقبلة على إفلاس عام 2030، إذا ما استمرّ الوضع على ما هو عليه، أو في عام 2025 إذا عمدت إلى رفع المعاش التقاعدي للطبيب، وهذا ما أشعل غضب الأطباء».
الصايغ، من جهته، أكد أنّ الشركة «لم تخلص إلى حتمية الإفلاس بقدر ما أوصت باتخاذ إجراءات لزيادة مصادر الدخل، وقد عمدنا إلى تحسين بعض المصادر، وباشرنا منذ مدة بمكافحة تهرّب المُستشفيات من دفع الطوابع عن كل معاملة استشفاء وغيرها من الإجراءات». وذكّر بأن «الانتخابات تبعد نحو شهرين فقط، ويمكن الحراكَ أن يتابع مع النقيب الجديد، لأن ليست هناك إمكانية لإحداث تغيير كبير خلال الفترة القصيرة الباقية من ولاية مجلس النقابة الحالي».