بدت الجلسة التشريعية أمس إعلاناً واضحاً بأن خطة الكهرباء التي أقرت في مجلس الوزراء إنما هي نتاج اتفاق سياسي كبير لا مكان فيه للاعتراضات. كان ينقص الخطة إجازتان من مجلس النواب: الأولى تعيد تمديد القانون 288 الذي يسمح بتخطي تنفيذ القانون 462 ويحيل صلاحيات الهيئة الناظمة للكهرباء على مجلس الوزراء لثلاث سنوات، والثانية تضع آلية خاصة لتلزيم مشاريع بناء المعامل على أساس عقود التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل، ثم التسليم للدولة (BOT). لكن هذه الاعتراضات، التي ركزت على اعتبار أن المشروع يفرّغ قانون الكهرباء من مضمونه، ويلغي إمكانية تشكيل الهيئة المنظمة للقطاع، ويخالف قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ويطلق يد الوزارة للتحكم بالقطاع من دون حسيب أو رقيب، لم تنجح في تعديل ما كان قد كُتب، فأقر المشروع كما هو.ومقابل جبهة الاعتراض التي تألفت من نواب القوات والاشتراكي والكتائب، إضافة إلى النواب ياسين جابر وأنور الخليل وجميل السيد ونقولا نحاس وفيصل كرامي وأسامة سعد وبولا يعقوبيان، كانت إدارة الجلسة، التي أعطت المعترضين المساحة التي يريدونها للنقاش والاقتراحات، واضحة في مسعاها إلى تثبيت النص الذي خرج من لجنة الأشغال العامة. لجأ الرئيس نبيه بري إلى التصويت على اقتراحات التعديل، مدركاً أن الأغلبية، أي تكتل لبنان القوي وكتلة المستقبل وكتلة التنمية والتحرير وكتلة الوفاء للمقاومة، ستصوت ضد التعديل.
وبالرغم من إقرار القانون من دون الأخذ بملاحظات النواب واقتراحات التعديل، إلا أن النقاش أفضى إلى أمرين أساسين: الأول توصية من المجلس النيابي إلى الحكومة لإرسال مشروع قانون إلى المجلس النيابي لتعديل القانون 462 وتعيين مجلس إدارة مؤسسة الكهرباء خلال ثلاثة أشهر. والثاني، تثبيت دور إدارة المناقصات في تنفيذ المناقصة، من خلال عرض بري للمسار المفترض لها، والذي فصّله على النحو الآتي: إعداد وزارة الطاقة لدفتر الشروط. تحويله إلى إدارة المناقصات لإبداء ملاحظاتها عليه. نقل الدفتر والملاحظات، إذا وجدت، إلى مجلس الوزراء للبتّ في الخلاف وإقرار الدفتر بشكله النهائي. إطلاق إدارة المناقصات للمناقصة، بحسب دفتر الشروط الموافق عليه من السلطة التنفيذية.
في النهاية، أقرّ القانون ووزيرة الطاقة احتفلت بانطلاق مرحلة تنفيذ خطة الكهرباء رسمياً، واعدة بالشفافية في إدارة الملف، وبنشر دفتر الشروط في الجريدة الرسمية. لكن على المقلب الآخر، لم يسلّم النواب المعترضون بالأمر الواقع. وهم بدأوا منذ انتهاء الجلسة بإعداد طعن بدستورية القانون الذي أقرّ، على أن يقدموه قريباً إلى المجلس الدستوري، في حال تمكنهم من جمع عشرة تواقيع.