«عجقة» تعيينات وتشكيلات، من كلّ الفئات الإدارية، تشهدها وزارة الخارجية والمغتربين، ولكن... «على الرايق». يستمر مكتب الوزير جبران باسيل ــــ بالتعاون مع المُكلفين متابعة هذا الملفّ في رئاسة الحكومة وحركة أمل وحزب الله ــــ بالعمل على مسودة توزيع الدبلوماسيين على البعثات اللبنانية في الخارج، وحسم أي منهم سيعود إلى الإدارة المركزية، ونقاش عددٍ من النقاط الـ«دبلوماسية» الأخرى، كاستكمال تعيينات القناصل الفخريين وإمكانية توسعة ملاك «الخارجية» وإنشاء لجنة من أجل تعديل النظام الداخلي. اللافت هذه المرّة، دخول حزب الله على خط «المفاوضات الدبلوماسية»، وبحسب المصادر، فإنّ مهمته «ضبط الخلاف وتدوير الزوايا بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، لأنّ نسبةً كبيرةً من الخلافات بينهما تنطلق وتنتهي في وزارة الخارجية».«على الورقة والقلم»، يجب أن يعود إلى الإدارة من البعثات في الخارج 11 دبلوماسياً ينتمون إلى الفئة الأولى، و20 من الفئة الثانية، أما الفئة الثالثة فعددهم 14 دبلوماسياً. وبحسب مصادر في «الخارجية»، فإنّ كلّ من انتهت مدة خدمته القانونية في الخارج (تُحدد بـ 10 سنوات للفئة الأولى، و7 سنوات للفئتين الثانية والثالثة)، سيعود إلى الإدارة المركزية، إلا 9 دبلوماسيين من الفئة الثانية، لأنهم عُينوا في البعثات «بلقب سفير». وتُعيد المصادر السبب إلى «وجود نقص في السلك للدبلوماسيين من الفئة الأولى، لذلك لن يكون من الممكن ملء شواغر هؤلاء في حال عودتهم، أو سنكون مُجبرين على تخفيض التمثيل الدبلوماسي في تلك الدول»، متذرعة بأنّه يُطبق على الدبلوماسيين التسعة «خدمة السبع والعشر سنوات، كونهم من الفئة الثانية، لكنهم يشغلون مركزاً للفئة الأولى». يدور نقاشٌ قانوني حول هذه النقطة، «معاملات هؤلاء الصادرة عن مجلس الخدمة المدنية، كانت على أساس أنّهم موظفو فئة ثانية. ما سيحصل حالياً، هو استثناء للقاعدة، وبموافقة كل القوى السياسية»، تقول مصادر إدارية. النتيجة، عودة 11 دبلوماسياً من الفئة الثانية إلى الإدارة المركزية.
ماذا عن الدبلوماسيين الذين يخدمون داخل الوزارة، وقد اقتربوا من إتمام السنتين في بيروت؟ الجواب نفسه تُكرّره مصادر «الخارجية»، بأنّ التشكيلات ستشمل الجميع: «44 دبلوماسياً من الفئة الثالثة، ونحو خمسة دبلوماسيين من الفئة الأولى، والمديرين العشرة داخل الوزارة». ولكن هنا أيضاً، سرعان ما تطلّ «الاستثناءات». أعضاء اللجنة الإدارية في الوزارة، أي الأمين العام للوزارة هاني شميطلي ومدير الشؤون السياسية غدي خوري ومدير الشؤون الإدارية والمالية كنج الحجل، «سيبقون في مراكزهم». كان من المفترض أن «يُعيّن خوري سفيراً لدى الكويت، قبل أن يطلب الاستمهال والتفكير أكثر في الموضوع». طُرح اسم خوري للبعثة اللبنانية لدى الكويت، بسبب «المداورة الطائفية» التي فرضتها الكويت برفضها استقبال أوراق اعتماد السفير المُعيّن لديها ريان سعيد، لانتمائه الى الطائفة الشيعية. وبالنتيجة، حصلت حركة أمل على «حقّ» تسمية دبلوماسي إلى البعثة اللبنانية في سلطنة عمان، ووزير الخارجية على «حق» تسمية السفير اللبناني في الكويت. إلا أنّ هذا الاتفاق، وليُبَتّ نهائياً، ينتظر معرفة الموقف المسبق لسلطنة عُمان، من استقبال سفير ينتمي إلى الطائفة الشيعية، حتى لا تتكرر حادثة الكويت. وقد عبّرت مصادر في حركة أمل عن «استغرابها» من تسريب الاتفاق قبل إبرامه، مُعتبرةً أنّها محاولة «لسحب بعثتَي الكويت وسلطنة عُمان من الحركة».
جرى الاتفاق بين «الحركة» و«التيار» على تبادل بعثتَي الكويت وسلطنة عمان


تتحفظ جميع القوى العاملة على خطّ التشكيلات الدبلوماسية على الأسماء، لأنّها «لا تزال مدار أخذٍ وردّ. الأمر يُشبه تجميع «بازِل»، فثمة العديد من الأمور التقنية التي يجب أخذها بعين الاعتبار، كظروف الدبلوماسيين الخاصة وإمكانية ملائمتها لمكان العمل الجديد». تُضيف مصادر «الخارجية» بأنّ التشكيلات غير معرقلة ولكنها بسلّم الأولويات غير ملحة، «لها توقيت سياسي مُعين، ليس موجوداً بعد، من دون وجود اعتراض مبدئي من أحد». هل أثّر الخلاف بين أعضاء اللجنة الإدارية، وتحديداً بين هاني شميطلي وكنج الحجل، على سير التشكيلات؟ تشرح المصادر أنّ ما بين الاثنين كان «صراع صلاحيات». فالأمين العام يعتبر أنّه ما من داعٍ للاجتماع مع اللجنة الإدارية لإصدار التشكيلات، مُستنداً إلى عدم وجود نصّ قانوني يُوجب ذلك، في حين أنّ الوزير جبران باسيل كان مُصراً على أن لا تصدر أي مسودة من دون اجتماع الثلاثة، احتراماً للعرف القائم. وحتى حين أرسل شميطلي إلى مكتب الوزير مسودة بالتشكيلات، «أُرجعت له، حتى تبدي اللجنة الإدارية رأيها بها». وإحدى النقاط الخلافية بين شميطلي والحجل، كانت رغبة الأخير في تعيين مستشارين في القنصليات العامة الكبيرة، مقابل معارضة الأمين العام لذلك، من باب «ترشيد توزيع الموارد البشرية». بعد صولاتٍ وجولاتٍ، ومحاولة الحجل وخوري تسويق مسودة أعداها، تمكّن مستشار باسيل، طارق صادق، من جمع «الفرسان الثلاثة»، والاتفاق على أن تُناقش اللجنة الإدارية «الشكلية» مسودة التعيينات. وتقول المصادر إنّ التعيينات «لن تأتي دفعةً واحدة. سنبدأ بالفئة الثالثة، ثمّ الثانية، وفي المرحلة الأخيرة الفئة الأولى». بعد الانتهاء من المناقلات، «ننتقل إلى الترفيعات، حيث يجب ترقية سفيرين من الطائفة المارونية، وواحد شيعي، وواحد سنّي، وواحد أقليات أو أرمن». يبرز في هذا الإطار، اسم مدير مكتب باسيل الدبلوماسي هادي الهاشم، «الذي ستشمله الترقيات».
غياب عدد كافٍ من الدبلوماسيين الذين تسمح درجاتهم بترؤس بعثات في الخارج، فتح النقاش أمام «توسعة الملاك من الداخل»، أي إفساح المجال أمام ترقية عددٍ أكبر من دبلوماسيي الفئة الثانية إلى الأولى، من دون إدخال عناصر جديدة إلى سلك الخارجية. كان هذا الطرح قد حظي بموافقة كلّ الكتل السياسية، ولكن يبدو أنّه فُرمل مع ارتفاع الحديث عن سياسات تقشفية في الإدارات. سيشمل التقشف أيضاً، «التعيينات في البعثات الدبلوماسية التي استُحدثت العام الماضي. صحيح أنّه صدر قرار بإنشائها، ولكن لن نُفعّلها. أقل سفارة بحاجة إلى موازنة سنوية تبلغ 500 ألف دولار لتشغيلها. يجب أن يكون التوجه إقفال عددٍ من البعثات التي لا مصلحة لنا بها».
إلى جانب تعيينات الدبلوماسيين، صدر الخميس الماضي في الجريدة الرسمية مرسوم تعيين 38 قنصلاً فخرياً، يُضافون إلى الـ 28 من زملائهم الذين عُينوا سابقاً. وستُستكمل في المرحلة المقبلة، غربلة الأسماء بين القوى السياسية، وتحديداً «أمل» و«التيار»، من أجل استكمال تعيينات القناصل الفخريين في الـ 33 مركزاً المتبقين.
وبعيداً عن التعيينات، عُينت قبل قرابة الأسبوعين لجنة في «الخارجية»، مُؤلفة من الدبلوماسيين: جان معكرون، وليد منقارة وأحمد عرفة، بهدف وضع التعديلات اللازمة على النظام الداخلي للوزارة.