في الانتخابات النيابيّة في عام 2018، زارَ رئيس الحكومة سعد الحريري منطقة إقليم الخروب، وتحديداً بلدة برجا، لاستنهاض القاعدة الشعبيّة لتيار «المستقبل»، بعد تراجعٍ ملموس طاول شعبية التيار السنوات الماضية. حينها، كانت خطوة الحريري في مكانها، من منظور تياره. ورغم أنّ الهدف كان انتخابياً، إلّا أنّ أبعاده راحت باتجاهين: الأول، إعادة الإقليم إلى حضن التيار الأزرق بشكل أقوى بعد التراجع. والثاني، إيصال رسالة للحزب التقدّمي الاشتراكي مفادها أنّ التيار موجودٌ معه في الإقليم في كل القرارات.التراجع الذي شهده التيار، فرض قبل 3 سنوات محاولةً لـ«حركة تصحيحية» في صفوفه، لكنها لم تستمر بقوّة نظراً لعدم وجود داعمين كثر لها ضمن التيار نفسه. وأخيراً، فإنّ «حالة تصحيحية» جديدة بدأت بالبروز، لإعادة تفعيل دور التيار في الإقليم وبرجا تحديداً، التي تعتبرُ عرينَ التيار الأزرق في محيطها. الحالة الجديدة هذه تختلف تماماً عن سابقتها، إذ إنها باتت منظمة بشكل أكبر وتضم عدداً كبيراً من المنتسبين إلى التيار، إلى جانب عددٍ كبير من وجوه قيادية بارزة في برجا والإقليم. يقولُ ناشطون في هذه الحركة إنّ «أبرز أهدافها هو تعديل مسار المستقبل في برجا، والسعي أيضاً إلى وضع حدّ لنفوذ بعض المسؤولين، باعتبارهم ضربوا مسيرة التيار بسبب الكثير من الممارسات المغلوطة».
وحالياً، فإنّ برجا تشهدُ غلياناً سياسياً على مستويات عدّة. غير أنّ ما برز أخيراً وبوضوح، لجوء أحد هؤلاء المسؤولين من الذين ارتبطت أسماؤهم بملف شبهات فساد بلدية الجيّة، إلى تصوير «الحركة» على أنها «صانعة للفتن».
يقول أحد وجوه التيار البارزة في برجا لـ«الأخبار»: «لقد سعى المسؤول هذا إلى الارتماء في أحضانِ أحد المتعهدين في المنطقة، واستغلال جماعة الأخير لتشويه صورة الحركة التصحيحية لأنها تطاوله». وأشار إلى أنّ «السعي هذا يساهم بشكل أو بآخر في ضربِ العلاقة بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، إن لم تتحرّك قيادة الأخير لضبطِ من هم في صفّه في برجا، البلدة التي تؤثر بالتوازنات السياسية في الإقليم»، موضحاً أنّ «الرهان مستمر على تحرّك الرئيس سعد الحريري والأمين العام للمستقبل لتدارك الأزمة، إذ إنّ مصلحة التيار في الإقليم وبرجا تكون من خلال النهوض به، لا من خلال إدارته من قبل أشخاصٍ مرتبطين بجهات لا تخدم التيار، لا من قريب ولا من بعيد»، ملمّحاً إلى الوزير والنائب السابق علاء الدين ترّو الذي يُتّهم أحد أشقائه بمواجهة المجموعة «التصحيحية».
منسق «المستقبل»: قيادة التيار في المنطقة تجاوبت مع مطالب المجموعة


في المقابل، يقول النائب محمد الحجّار لـ«الأخبار» إنّ «أمر الحركة التصحيحية داخل التيار ليس دقيقاً ومحض اختلاق». وأضاف: «يمكن أن يكون لدى البعض داخل التيار ملاحظاتهم، وهذا أمر طبيعي يحصل في كل الأحزاب السياسية، وهذه الملاحظات تحصل ضمن الأطر التنظيمية ويُبحَث بها ضمن التيار وحده». من جهته، يقول المنسق العام لتيار المستقبل في جبل لبنان الجنوبي وليد سرحال إنّ «التصحيح وتعديل مسار التيار في الإقليم أمرٌ مطلوب للنهوض به ولا يمكن أن نكون ضدّه أبداً»، موضحاً أنّ «ما يحصل مرتبط أيضاً بتعديل في الأطر التنظيمية للتيار في المنطقة». أضاف: «تجاوبت قيادة التيار في المنطقة مع مطالب المجموعة التي تتحرّك لناحية دمج عددٍ من الأشخاص المؤسسين للتيار ضمن الهيكلية التنظيمية، والهدف هو الدفع باتجاه العمل في التيار مع إبعاده عن كل المصالح الشخصية والخلافات، والأهم تجنيبه التدخلات من الآخرين الذين يهدفون إلى ضرب التيار».