عام 1997، نشر مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات، عبدو سعد، تقريراً في جريدة «السفير» ضمّنه اقتراحه لقانون انتخابي، يعتمد لبنان دائرة واحدة، مع النسبية، ومن دون صوت تفضيلي. وأوجد سعد حلاً لمعضلة توزيع المقاعد على اللوائح الفائزة، بصورة تحفظ التمثيل للأقوى داخل المذاهب والأقضية. فالفكرة التي اجترحها سعد تقوم على أن يتم اختيار المرشح الفائز، تبعاً لعدد الأصوات التي حصلت عليها اللائحة في قضاء معيّن، ومن أبناء مذهب معيّن. مثلاً، يمكن افتراض إجراء انتخابات تخوضها 3 لوائح مقفلة، كل منها من 128 مرشحاً، ونالت الأولى 50 في المئة من الأصوات (تحصل على 64 مقعداً)، ونالت الثانية 25 في المئة من الأصوات (32 مقعداً)، والثالثة 25 في المئة من الأصوات (32 مقعداً). بعد هذه النتيجة، ينبغي اختيار المرشحين الفائزين من كل لائحة. كيف ذلك؟ توزع المقاعد على اللوائح وفقاً للنسبة التي حصلت عليها كل لائحة، في القضاء ومن أبناء المذهب الذين يُخصص المقعد لأحدهم. وفي هذه الحالة، يصبح من الصعب أن تفوز لائحة ما بمقعد من دون أن يكون لديها تأييد وازن في القضاء والمذهب اللذين ينتمي إليهما مرشحها على هذا المقعد. في ما يلي، أبرز ما كتبه سعد قبل 22 عاماً:
(...) صيغ هذا الاقتراح لقانون انتخابي جديد ليكون بديلاً للقانون الحالي، وليكون قادراً على محاكاة طموحات التدرج نحو التمثيل النسبي الوطني غير المذهبي من دون أن يستفز ذلك وساوس المذاهب التي لا تزال تحرص في هذه المرحلة على الأقل على حضورها التمثيلي. لقد اعتمد القانون المقترح النظام النسبي، (...) على أن حساسيات الفسيفساء المذهبي فرضت استنباط نسبة مركبة ليصبح ممكناً استخدامها كمعيار شامل للتغيير حيث يكون ذلك ممكناً، وكمعيار جزئي في المواضع التي لا يحتمل فيها المجتمع اللبناني تغييرات جذرية. (...)
إن التوازن بين الرغبة في تحديث قانون الانتخابات الحالي ومراعاة هدف تجاوز الطائفية على مراحل هو الذي أملى صياغة هذا القانون الانتخابي المقترح، القائم على «نسبية مركبة» يتم بموجبها التصويت مرة واحدة وبدورة واحدة وللوائح مغلقة تُسمي كلّ منها 128 مرشحاً كحدّ أقصى، وتتنافس في الدائرة الوطنية الكبرى، واحتساب الأصوات في هذه الدائرة يتم على أساس النسبية مع التقيد بنصاب إبعاد ومقدارها 5% من مجموع أصوات الدائرة الوطنية... (...)
إذا كان مجموع أصوات الدائرة الوطنية الكبرى مليون صوت، وحصلت اللائحة A على مئة ألف صوت فإنها تحصل علی 10% من مجمل الأصوات، ما يؤهلها للفوز بـ 10% من مجمل مقاعد البرلمان مع تدوير الكسور الأعلى. وبهذا المعنى، فإن نتائج الاحتساب على أساس النسبية في الدائرة الوطنية الواحدة هي التي تحدد عدد المقاعد لكل لائحة.
كل لائحة لا تحصل على نصاب الإبعاد 5% من مجمل أصوات الدائرة العلمية الكبری، تفقد إمكانية التمثل بأي مقعد، حتى لو كانت حصلت بهذا القضاء أو ذاك على نسبة أصوات تفوق ما حصلت عليه اللوائح الأخرى المنافسة لها، وتُعطى مقاعدها إلى اللوائح المتجاوزة نصاب الإبعاد، بحسب النسب التي حصلت عليها.
بعد أن تحدد نتائج فرز الأصوات على مستوى الدائرة الوطنية الكبرى عدد مقاعد كل لائحة، يُصار إلى العودة الى أقلام اقتراع المذاهب في كل قضاء على حدة لاحتساب حصة كل لائحة من المقاعد المذهبية لترتيب توزيعها على الفائزين من اللوائح (حسب ما ينص عليه القانون اللبناني، وهذه العملية نصطلح على تسميتها آلية استيفاء مقاعد المذاهب).
مثال على ذلك: قضاء جزين مخصص له مقعدان للموارنة ومقعد للكاثوليك. اللائحة A نالت 50% من أصوات الموارنة في هذا القضاء و63% من أصوات الكاثوليك. اللائحة B نالت 33% من أصوات الموارنة و25% من أصوات الكاثوليك. اللائحة C نالت 17% من أصوات الموارنة و17% من أصوات الكاثوليك. عملاً بعملية الاستيفاء، نضرب نسبة الأصوات بعدد مقاعد الموارنة، فنحصل على معامل التوزيع.
معامل التوزيع للائحة A: 50 x 2=1
معامل التوزيع للائحة B: 33 x2= 0.66
معامل التوزيع للائحة C: 17x2= 0.34
وهكذا بالنسبة إلى المقعد الكاثوليكي.
فتنال اللائحة A مقعداً للموارنة، واللائحة B المقعد الآخر، لأنّ كسورها العشرية لمعامل التوزيع أعلى من الكسور العشرية للائحتين A وC
المقعد الكاثوليكي تفوز به اللائحة A لأن معامل التوزيع هي الأعلى. انظر الجدول في قضاء جزين.
في حال بروز عدم تطابق بين عدد المقاعد التي تُخصصها عملية استيفاء بين عدد المقاعد التي حددتها الدائرة الوطنية التي هي المعيار الوحيد لعدد مقاعد كلّ لائحة، فيحق للائحة غير المطابقة سلباً - أن تستعيد من اللائحة أو اللوائح غير المطابقة إيجاباً + مقاعدها التي انتقصتها منها عملية الاستيفاء الأولية من مخزون مقاعدها التي حصلت عليها في الدائرة الوطنية الكبرى. وتتم هذه الاستعادة من بين تلك المقاعد التي يُبين معامل التوزيع الخاص بها الأقرب الى الفوز ( أي أنّ التفاوت بينها وبين معامل المقعد الذي منحه الاستيفاء الأولي لائحة أخرى هو الأدنى بالمقارنة مع التفاوتات الأخرى) وهكذا تتطابق محصلة الاستيفاء مع نصيب كلّ لائحة من المقاعد. (...)