لا تزال الاحتجاجات التي تنفذها مكونات القطاع العام من أساتذة ومعلمين في التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية وموظفين إداريين في الملاك ومتقاعدين ومتعاقدين، وعسكريين متقاعدين، معزولة عن أي رؤية لتوحيد القوى النقابية وتوسيع مروحة المواجهة مع السلطة السياسية وتجاوز المطالب القطاعية إلى عناوين جامعة تشرك قوى اجتماعية جديدة.البارز في اليومين الأخيرين انضمام معلمي المدارس الخاصة إلى التحركات، ليس من باب التضامن مع القطاع العام وحسب، باعتبار أن نقابة المعلمين جزء من هيئة التنسيق النقابية، بل لأنّ مجلس الوزراء يناقش اقتراح قانون لفصل التشريع بين القطاعين التعليميين الرسمي والخاص والذي يضع المعلمين تحت رحمة الإدارات ومزاجية المديرين ويضرب استقرارهم الوظيفي.
هذا المشروع مطروح منذ إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب في 21 آب 2017، بضغط من اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة التابعة لجمعيات دينية للتهرب من تطبيق السلسلة على معلمي المدارس الخاصة. ومنذ ذلك الحين، نجحت مدارس كثيرة بغطاء من وزارة التربية في التفلت من تنفيذ القانون، علماً بأنّ وحدة التشريع عمرها أكثر من 60 عاماً حيث يستفيد معلمو القطاع الخاص من كل الزيادات وسلاسل الرواتب والامتيازات التي يستفيد منها معلمو القطاع الرسمي بموجب القوانين، ولا سيما المادة 20 من قانون تنظيم الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة الصادر بتاريخ 15/6/1956.
المحاولات المكشوفة لاتحاد المؤسسات لفك الارتباط بين القطاعين لاقت تجاوباً من المسؤولين السياسيين وجميع الكتل النيابية التي عمل بعضها في السر وبعضها الآخر في العلن لتزكية المشروع. وقد رعى البطريرك بشارة الراعي لقاءات عدة عقدت في الصرح البطريركي في بكركي لمناقشة تداعيات تطبيق قانون السلسلة على القطاع الخاص، بمشاركة معظم الكتل السياسية، وبمباركة وزارة التربية.
لم تعلن هيئة التنسيق الاضراب المفتوح كما أوصت قواعدها


نقابة المعلمين أعلنت الإضراب اليوم في المدارس الخاصة، لما لمشروع فصل التشريع من تبعات على المعلم الذي سيصبح أسير رغبات صاحب المدرسة في ظل عدم تحويل نقابة المعلمين إلى نقابة مهنة حرة.
من جهته، رأى النقيب السابق للمعلّمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض أن الهدف من اقتراح القانون هو «إرضاء بعض أصحاب المدارس الخاصة، وخاصة بعض رجال الكهنوت»، مشيراً إلى أن أساتذة التعليم الخاص «ليسوا للمتاجرة بالسياسة، وهم منتجون ويكدحون من الفجر للنجر».
يجدر التذكير بأنّ عددا كبيرا من المعلمين لا يتقاضون رواتبهم استناداً إلى وحدة التشريع بين القطاعين التعليميين الرسمي والخاص المنصوص عليها في قانون تنظيم الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة، بل إنّ راتب المعلم في بعض المدارس لا يتجاوز أحياناً نصف الراتب المستحق له بموجب القانون، كذلك لا يدخل التدرّج الطبيعي والدرجات الاستثنائية في قاموس بعض المدارس الخاصة، وأيضاً لا وجود لساعات التناقص أو الإجازة السنوية أو المرضية أو إجازة الأمومة ولا أثر لمنح الزواج أو الولادة.
على خط مواز، ورغم أنّ هيئة التنسيق النقابية رفعت سقف الخطاب بالتلويح بمقاطعة الامتحانات الرسمية والتحذير من «الثورة»، إلاّ أنها لم تعلن الإضراب المفتوح كما أوصت قواعدها بالإجماع في جمعياتها العمومية، بل اكتفت بإضراب ليوم واحد (اليوم)، وباعتصام تنفذه عند الثالثة من بعد الظهر في ساحة رياض الصلح. وحدها رابطة موظفي الإدارة العامة غرّدت خارج السرب، معلنة مضيها في الإضراب العام والشامل في كل الإدارات العامة، والمفتوح حتى إشعار آخر، مع مشاركتها في اعتصام هيئة التنسيق.
من جهتها، صوتت الجمعيات العمومية للأساتذة في الجامعة اللبنانية على الاستمرار بالإضراب المفتوح حتى إصدار الموازنة، حيث يبنى على الشيء مقتضاه، مع تفعيل التواصل مع الطلاب وعقد جمعيات عمومية معهم اليوم وغداً وبعد غد، لوضعهم بصورة التحرك وشرح عمقه الذي يعنيهم مباشرة، على أساس أن الأزمة هي أزمة وطن وأزمة جامعة يجب الحفاظ عليها.
وأمام خيمة الشهداء في ساحة رياض الصلح، تنفذ، اليوم، هيئة التنسيق للعسكريين المتقاعدين اعتصاماً مركزياً، تزامنأً مع جلسة مجلس الوزراء.