ليس صدفة أن يسوّق المدير العام للتربية فادي يرق لجامعة خاصة في عزّ إضراب الجامعة اللبنانية دفاعاً عن حقوقها (انظر الكادر). إذ يأتي في سياق سلسلة مواقف «معادية» للجامعة الوطنية أطلقتها السلطة السياسة طوال أيام الإضراب المستمر منذ ثلاثة أسابيع. فوزير المهجرين غسان عطا الله قال إنّ الأستاذ الجامعي يقبض 17 مليون ليرة لبنانية ويعمل أربع ساعات في الأسبوع! والنائب سليم عون قال إنه لا يعرف لماذا أساتذة الجامعة مضربون، ونصح الطلاب بالذهاب إلى الجامعات الخاصة، فيما أشار وزير الاتصالات محمد شقير إلى «إعطاء الضوء الأخضر لوزير التربية للحسم من رواتب الأساتذة إذا لم يوقفوا الإضراب»!في هذا الوقت، يواصل الأساتذة و«تكتل طلاب الجامعة اللبنانية والأندية المستقلة» حراكهم اعتراضاً على تهميش الجامعة والمسّ بموازنتها وحقوق أساتذتها، وسط ضغوط تمارسها أحزاب السلطة على رابطة الأساتذة المتفرغين لفك الإضراب المفتوح. وفيما بدا أن الأساتذة لا يزالون حتى الآن متمردين على القرار الحزبي، حشدت مجالس فروع الطلاب المدعومة من الأحزاب لاعتصام نفذته في حرم مجمع الحدث احتجاجاً على استمرار الإضراب. بعض المشاركين قالوا إنهم ليسوا ضد حقوق الأساتذة والخلاف هو على الأسلوب، خصوصاً أن الأساتذة لم ينسقوا معهم منذ البداية ما جعل عامهم الدراسي في مهب الريح. وكان لافتاً أن يدعو ممثل التعبئة التربوية في حزب الله رابطة الأساتذة الى التنسيق مع مجالس فروع الطلاب، في حين طالبها ممثل مكتب الشباب والرياضة في حركة أمل بالتنسيق مع الأحزاب!
رئيس الجامعة فؤاد أيوب بدا متماهياً مع طرح الأحزاب. وهو حضر إلى حرم المجمع ليؤازر اعتصام الطلاب وليبلغهم بأنّه «لا يستشعر بأن هناك خطراً حقيقياً على الجامعة»! وعرّج على الخيم التي نصبتها الأندية المستقلة على بعد عشرات الأمتار من اعتصام مجالس الفروع غير المنتخبة ليدعو الطلاب للعودة إلى صفوفهم. وقال إنه أتى للتو من اجتماع مجلس الجامعة الذي كان يناقش الانتخابات الطلابية، مشيراً إلى أنّ هذا الاستحقاق الذي سيجرى في العام الدراسي المقبل سيقدم الحلول لمشاكل الطلاب. يسأله أحد الطلاب المستقلين: كيف يمكن فك الإضراب وهناك مساس بموازنة الجامعة ولم يتحقق أي من المطالب؟ يجيب أيوب: «أبداً، لم يجر أي مسّ بالموازنة، وهناك التباس كبير في هذا الشأن. وكل ما حصل هو اقتطاع المبلغ المتعلق بتمويل الدورة التدريبية للمتمرنين في كلية التربية في الجامعة لمصلحة وزارة التربية». الجواب لم يقنع الطالب الذي فنّد الأرقام بالقول: «الجامعة طلبت أن تكون موازنتها 418 مليار ليرة، فلم تحصل إلا على 381 ملياراً، في وقت جرى فيه اقتطاع 37 مليار ليرة ذهبت 33 ملياراً منها الى دورة المتمرنين والباقي لا نعرف مصيره، في حين أن الجامعة تحتاج إلى نحو 40 ملياراً لتطبيق مفاعيل سلسلة الرتب والرواتب للموظفين وهي غير ملحوظة في الموازنة». ولفت إلى أنّ 80% من موازنة الجامعة تذهب إلى الرواتب والأجور و5% إيجارات أبنية و3% احتياط ويبقى 12% فقط للبرامج والتطوير والأبحاث والتجهيزات والمختبرات والصيانة وغيرها. وعن الـ 22 ملياراً التي تطالب بها الجامعة من أجل التحسين والتطوير، أجاب أيوب: «ما تعتلّوا همّ، لديَّ خطتي لتحسين الجامعة، وقد نجحت فيها حتى الآن والجامعة في العام المقبل ستتحول إلى جامعة باحثة».
المكاتب التربوية في الأحزاب تحرّض ضد الإضراب

تدخّل طالب آخر فقال: نسمعكم تتحدثون عن أهمية استقلالية الجامعة عن السلطة السياسية التي تصادر قرارها الأكاديمي والمالي والإداري، ومن حقنا كطلاب أن نعرف ما هي خطتكم لاسترداد هذه الاستقلالية، إلا أن الرئيس لم يجب. وعندما أبدى رئيس الجامعة استعداده للتضامن مع الطلاب والنزول إلى ساحة رياض الصلح إذا استلزم الأمر، خاطبت الأستاذة في كلية العلوم وفاء نون الرئيس بالقول: «أنا كأستاذة أتضامن مع طلابي، ولكن انتم كرئيس في موقع المسؤولية يجب أن تفرضوا الكافيتريات والانتخابات الطلابية». وهنا أجاب أيوب: «ليس من صلاحياتي أن أفعل ذلك، إذ أخضع لقانون المحاسبة العمومية، وقمت بما عليّ القيام به ولم يأت أحد للمشاركة في المزايدة في الكافيتريات. فماذا عساي أفعل؟».
لكن أيوب، الذي حضر إلى مجمع الحدث، أقفل باب الإدارة المركزية أمام رئيس الرابطة يوسف ضاهر والأساتذة المتعاقدين الذين نفذوا اعتصاماً أمس أمامها لمطالبة المسؤولين عن ملف التفرغ رئيساً ومجلساً للجامعة ولجنة معنية بدراسة الملف بأن لا يعطوا الفرصة لمزيد من الوقت الضائع. وأعلنوا دعمهم للمطالب المحقة لرابطة الأساتذة. وفيما أعلن المتعاقدون أنهم يتقاضون راتبهم متأخراً ثلاث سنوات ويعملون من دون ضمان صحي ومنح تعليمية وبدل نقل، دعوا رئيس الجامعة الى العمل مع وزير التربية لاستثناء ملف التفرع من المادة 51 من الموازنة المتعلقة بوقف التوظيف لثلاث سنوات. وعلمت «الأخبار» أنّه جرى تأليف لجنة لإعداد ملف تفرغ «متوازن طائفياً» بإضافة نحو 150 اسماً إلى ملف الـ 583 أستاذاً. وهناك، كما قالت مصادر الأساتذة، من يضع العصي في الدواليب ويريد إعادة خلط الأوراق في الملف الأول.



«التربية» تسوّق لجامعة خاصة
أعلنت المديرية العامة للتربية أن جامعة رفيق الحريري تقدّم منحاً جامعية بحسم يتراوح بين 25 % و55 % من القسط السنوي لكل طالب وفقاً لمعدل تحصيله الأكاديمي في الصفوف الثانوية الثلاثة. وأشارت إلى أن الجامعة تقدم مساعدات مادية قد تصل إلى حسم بقيمة 30 % من القسط السنوي للطلاب الذين يواجهون ظروفاً معيشية صعبة وفق معطيات كل حالة. وتسري هذه التقديمات على الملتحقين في جميع كليات الجامعة.