في ردها على التقرير المنشور في «الأخبار» يوم 10 حزيران 2019 بعنوان ««سوليدير» غارقة في لملمة خسائرها: 114 مليون دولار في 2018»، قررت شركة سوليدير ممارسة التضليل. فالإحصاءات المستقاة من التقارير المالية الموقعة من «ديلويت أند تاتش»، تلخّص سلوك الشركة على مدى 10 سنوات، في إهدار أموال أصحاب الحقوق وتبذيرها في مقابل مردود هشّ يتضمن خسائر في ثلاث سنوات بقيمة 348.5 مليون دولار، وتكشف أن كلفة خطة الديون المصرفية لـ«سوليدير» بين عامي 2009 و2018 بلغت 281.7 مليون دولار، فيما بلغت كلفة المصاريف الإدارية 319.3 مليون دولار، وشطبت إيرادات مسجّلة على دفاترها بقيمة 83.5 مليون دولار.رغم كل الألاعيب المحاسبية والعمليات التجميلية وتأجيل الديون، لا يمكن «سوليدير» أن تخفي النتائج المالية الهشّة وتبذير أموال أصحاب الحقوق على مدى السنوات العشر الماضية. فالأرقام المستقاة من التقارير الرسمية الصادرة عن الشركة والتي وافقت عليها شركة التدقيق «ديلويت أند تاتش» تظهر تضخماً هائلاً في المصاريف الإدارية بمعدل 31.9 مليون دولار سنوياً لشركة ينحصر عملها في «تطوير» العقارات وبيعها. وليس هناك ما يبرّر الكلفة الباهظة للاستدانة بمعدل وسطي يبلغ 28 مليون دولار سنوياً، علماً بأن أسعار الفوائد كانت في أدنى مستوياتها خلال ثماني سنوات على الأقل من أصل الفترة المشمولة بالإحصاء. والأسوأ من ذلك أن الشركة اضطرت خلال هذه الفترة الى أن تشطب إيرادات مسجّلة في محفظة «سندات قيد التحصيل» بقيمة 57.7 مليون دولار، يضاف إليها مبلغ 25.8 مليون دولار هي كلفة «الخسائر في محفظة السندات» ليصبح مجموع الخسائر 83.5 مليون دولار.
كل هذا التبذير والهدر لأموال أصحاب الحقوق لا يلغي حقيقة الخسائر المحققة في عمليات مختلفة، كان أبرزها انخراط سوليدير في مشاريع ذات طابع سياحي، ولا يشمل أيضاً ما خفي من عمليات أخرى تنطوي على بيع أراض بأسعار بخسة لبعض كبار الإداريين بعد السماح لهم بتسديد قسم من الثمن أسهماً جرى نفخ أسعارها ولا عمليات الاختلاس المخفية عن المساهمين… ففي مقابل كل ذلك، سجّلت الشركة أرباحاً خلال سبع سنوات بقيمة إجمالية بلغت 757 مليون دولار، وخسائر خلال ثلاث سنوات بقيمة إجمالية بلغت 348.5 مليون دولار، أي أن الخسائر بلغت 46% من مجمل قيمة الأرباح في هذه الفترة. أما نصيب السهم من الأرباح، فقد بلغ خلال فترة العشر سنوات 3.8 دولارات فقط، وانخفض سعره من 24 دولاراً في عام 2009 إلى 5 دولارات اليوم. كانت قيمة السهم يوم الإصدار 10 دولارات، ولم ينل أكثر من 7 دولارات أرباحاً منذ إنشاء الشركة في 1994 إلى اليوم. أي استثمار كان يمكن أن يضاعف قيمته مرتين أو أكثر خلال هذه الفترة.
كانت نسبة هذه المطلوبات إلى الأصول تبلغ ضعفين، وارتفعت إلى ثلاثة أضعاف


يكشف هذا الأمر عن السلوك الذي اتبعته الشركة منذ إنشائها. هو سلوك متهوّر قياساً على شركة حققت أرباحاً من المبيعات في سبع سنوات من أصل عشر سنوات. في المحصلة، غرقت الشركة في الاستدانة والبذخ من أموال أصحاب الحقوق الذين نالوا الفتات، وهذا ما يستدعي الاستنتاج بصورة لا لبس فيها، سواء من خلال الخسائر أو الإيرادات الفائتة. وهذا الأمر لا يستدعي فقط الاستنتاج بأنها شركة غارقة في لملمة خسائرها المالية، بل يشي بأن أوضاع الشركة وإدارتها تعاني بحالة رثّة جداً.
وفيما تحاول الشركة التعمية على سلوكها، بالإشارة إلى ما حققته من مبيعات وخفض الديون في عام 2019 متنصلة من نتائج السنوات الماضية، يتبيّن أن أرقام عام 2019 غير منشورة ولم يوافق عليها مدقق الحسابات «ديلويت أند تاتش». كما أن هذه الأرقام، لو كانت حقيقية ودقيقة، لا تمنح الشركة براءة ذمة عن كل هذا الوضع المتحرج الذي دفعها إلى بيع الأراضي من مخزونها بهدف سداد ديونها فقط وليس بهدف توزيع الأرباح على المساهمين.
واللافت أن الشركة اضطرت مرغمة الى أن تخفض أسعارها إلى نحو الثلث من أجل تحفيز المبيعات. كما أنها لجأت إلى إعادة جدولة الديون بشكل متواصل. بحسب التقارير الرسمية السنوية عن الحسابات المنفصلة للشركة، يتبيّن بوضوح أن الديون هي التي تفرض عليها خطواتها وليس العكس.
وتزعم الشركة أن ديونها في نهاية 2018 بلغت 695 مليون دولار، لكن تبيّن أن هذا الرقم يرد في البيانات المجمعة لشركة سوليدير والشركات التابعة لإظهار الديون/ المطلوبات أدنى مما هي عليه في شركة سوليدير وحدها. أما قيمة الديون في البيانات المنفصلة فهي على النحو الآتي:
ــ حسابات مكشوفة وتسهيلات مصرفية: 124.56 مليون دولار
ــ إيرادات مؤجلة: 45.7 مليون دولار
ــ توزيعات للدفع: 59.5 مليون دولار
ــ مختلف: 19.9 مليون دولار
ــ قروض مصرفية: 414.7 مليون دولار
ــ مطلوبات غير مصرفية: 86.2 مليون دولار
وتتوزّع هذه المطلوبات على جدول زمني يشير إلى أن المطلوبات المتوجبة للدفع بلا أجل (كلما طال أجلها زادت عليها الفوائد) تبلغ 251 مليون دولار، والمطلوبات التي يتوجب على الشركة تسديدها خلال 3 أشهر تبلغ 60.8 مليون دولار، والمطلوبات التي يتوجب على الشركة تسديدها بين ثلاثة أشهر و12 شهراً تبلغ 184.9 مليون دولار، والتي يتوجب سدادها بين سنة وخمس سنوات تبلغ 253.5 مليون دولار.
وتدعي الشركة أنه في نهاية 2018 بلغت نسبة مجموع المطلوبات مقابل مجموع الأصول 30% «وهي نسبة تعتبر متدنية جداً في الشركات العقارية. أما الكلام عن أن نسبة المطلوبات قد وصلت الى ضعفي الأصول أو ربما ثلاثة أضعاف، فهذا الأمر غير صحيح ومضلل».
هذه النقطة بالذات التي تعدّ مؤشراً أساسياً على أوضاع الشركة المالية مستقاة من التقرير الموقّع من «ديلويت أند تاتش» في البند 33 الصفحة 65 من التقرير والتي تشير إلى أن المطلوبات (الديون) الجارية (current liabilities) بلغت 424.99 مليون دولار في نهاية 2018 مقارنة مع 527.4 مليون دولار في نهاية 2017. أما الموجودات الجارية (current assets) فهي بلغت 140.45 مليون دولار في نهاية 2018 مقارنة مع 261.58 مليون دولار في نهاية 2017. باختصار، وبحساب بسيط جداً، قد يصعب على إدارة سوليدير القيام به، كانت نسبة هذه المطلوبات إلى الأصول تبلغ ضعفين، وارتفعت إلى ثلاثة أضعاف. على الشركة أن تتوقف عن التضليل.