رجل الأعمال اللبناني أسعد بركات، مسجون في مدينة فوز دو إيغواسو البرازيلية، منذ 21 أيلول الماضي. أجازت المحكمة العليا في البرازيل اعتقال بركات، بناءً على مذكرة توقيف دولية بحقّه، صدرت في آب الـ2018، عن المدعية العامة في الباراغواي. «جُرم» رجل الأعمال، كما تزعم السلطات بالباراغواي، أنّه «جدّد جواز سفره بأوراق مزورة، على رغم سحب الجنسية منه عام 2003». هي نفسها الإدارة، التي جدّدت أوراق بركات الرسمية مرّات كثيرة قبل الـ2018، وأعطته في الـ2016 شهادة جنسية موقعة من المحكمة العليا تؤكد أنّه «مواطن باراغواياني»، واستحصل من دوائرها (في 3 أيلول 2018) على سجل عدلي خالٍ من أي أحكام. لكن فجأة، اكتشفت الباراغواي أنّ أسعد بركات «خارجٌ عن القانون»، طالبةً من البرازيل اعتقاله، ثمّ تسليمه لأسونسيون... الأمر الذي لم يُنفذ حتى تاريخه. مسار القضية، يقود إلى استنتاج أنّ بركات «معتقل سياسي». عددٌ من المتابعين اللبنانيين للقضية، والموجودين في منطقة «المثلث الحدودي» (أي المنطقة التي تجمع بين حدود البرازيل والأرجنتين والباراغواي)، يتحدثون عن أنّ أسعد أشبه بـ«طريدة» للولايات الأميركية المتحدة. فملاحقته قضائياً، ليست وليدة العام الماضي، بل تعود إلى 2004، عندما أُدرج على لائحة العقوبات الأميركية، بوصفه «الذراع اليُمنى للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، ومُدير عصابة آل بركات، التي تعمل في التجارة غير الشرعية». وسُجن عام 2003 في الباراغواي، بتهمة التهرّب الضريبي. قرّر أسعد، يومها، بنفسه أن يُسلَّم من البرازيل إلى الباراغواي، ثقةً منه ببراءته.
سفارة لبنان لدى البرازيل: نُخصّص لبركات أقصى درجات الاهتمام

يوم اعتقلته السلطات البرازيلية في أيلول الماضي، كانت تنتظر الحصول من نظيرتها الباراغوايانية على ملفّ كامل، يتضمن حيثيات القضية، للتأكد من أنّ طلب استرداده لا يتعارض مع القوانين البرازيلية، التي تمنع تسليم المطلوبين السياسيين. المهلة القانونية لتقديم الملفّ، لا يُفترض أن تتعدّى الأربعة أشهر. تسعة أشهر مضت، من دون أن يرد شيء من الباراغواي، «ما يُشير إلى أنّ الملفّ فارغ، والقضية ساقطة»، تقول مصادر متابعة للقضية. لماذا إذاً لا يزال في السجن؟ «توقيفه تعسفي».
كلّ أسبوع، يلتقي أسعد بركات بعائلته لـ20 دقيقة، يتواصلون خلالها من خلف الزجاج. هو مسجون في زنزانةٍ مع أشخاصٍ آخرين، «ولكنّه الوحيد، ومنذ البداية، الممنوع من التعرض للشمس والاستفادة من ساعة الخروج إلى باحة السجن». يقضي معظم وقته نائماً، «بعد أن فقد الكثير من وزنه، ويُعاني من مشاكل صحية». سوء تغذيته ناجمٌ بجزء منه عن «العنف المعنوي» الذي يتعرض له، «بمنع إدخال اللحم الحلال إليه». تسأل المصادر المتابعة: «لو فعلاً استحصل أسعد على جواز سفر بأوراق مزورة، فهل يستحق هذه المعاملة؟».
في آخر تطورات القضية، أنّ وكيل أسعد القانوني، «وبغياب أي ملفّ وارد من الباراغواي»، يُحاول الاستحصال على قرارٍ يسمح لرجل الأعمال، بأن يقضي فترة سجنه في المنزل. من المفترض أن «تظهر تطورات القضية بعد قرابة أسبوع». أين البعثة الدبلوماسية اللبنانية لدى البرازيل من الموضوع؟ فيما تقول المصادر المتابعة إنّ أحداً لا يُتابع معهم الموضوع، يؤكد مسؤولون في السفارة أنّها «مُطلعة على قضية أسعد بركات، ويجري إبلاغ وزارة الخارجية في بيروت بكلّ التفاصيل». ويُضيف هؤلاء أنّ الموضوع «قانوني يتعلق بطلب الباراغواي استرداده من البرازيل. القرار لدى المحكمة العليا البرازيلية. أسعد يقول إنّه بريء، ووكيله القانوني يُتابع عمله، ونحن كسفارة نقوم بواجباتنا، ونُخصّص له أقصى درجات الاهتمام». تتعامل البعثة الدبلوماسية لدى البرازيل مع سجن أسعد بركات، بوصفه «حالة قانونية»، أي إنّه لا يجوز التدخل بها. في حين أنّ كلّ المؤشرات، تدل على أنّ سجن أسعد لا ينفصل عن سياق التهديدات الأميركية التي تتعرض لها الجاليات اللبنانية في «المثلث الحدودي»، بتهمة دعم حزب الله وتشكيل عصابات مُسلحة. قضايا أسعد بركات، كما نادر فرحات (الباراغواي) ومحمود بركات (طلب ترحيله من الباراغواي لتجري محاكمته في الولايات المتحدة)، لا يُمكن التعامل معها إلا كجزء من ملف المغتربين اللبنانيين، الذين يتعرضون لحملات سياسية، وينبغي بالتالي متابعتهم من قبل أعلى المراجع السياسية والأمنية.