لطالما أراد النائب طلال أرسلان تثبيت موقعه قطباً في الثنائية الدرزية. انتهز فرصة الانتخابات النيابية لترجمة طموحه. رفض عقد اتفاق مع النائب وليد جنبلاط، ظناً منه أنه بتحالفه مع الوزير جبران باسيل سيُكرّس هذا المنطق. أراد «المير» أن يُشكّل ندّاً لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، فلجأ إلى التيار الوطني الحرّ، وعزز تحالفه معه في الحكومة أثناء عملية تشكيلها، مراهناً على ما بعدَ عملية التشكيل. لكنه اليوم يعتبر نفسه «خرج من مولد باسيل بلا حمص»، مُحاصراً في أكثر من محطة. أولاً خلال زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لموسكو، عندما لم يصطحِب معه الوزير صالح الغريب، تليها آلية التعامل مع ملف النازحين السوريين، بحيث لا يزال دور الغريب محدوداً مقابل أوراق متعددة يطرحها التيار الوطني الحر. وثانياً، بتعامل التيار مع ملف المسؤول الأمني في الحزب الديمقراطي أمين السوقي، المتهم بقتل الشاب علاء أبو فرج في بلدة الشويفات، وأخيراً تعامل القضاء العسكري ومخابرات الجيش مع عناصر تابعين لرئيس الحزب الديمقراطي إثر إشكال في الشويفات قبل أيام. هذا الأمر دفع أرسلان إلى رفع الصوت عالياً، وهو ما تبدّى من خلال إشارات متعددة أطلقها، بدأت بتغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي عن التحالفات السياسية، وانتهت بمؤتمر صحافي عقده أمس كرر فيه الهجوم على بعض ضباط الجيش، في رسالة إلى المعنيين، علماً أنه كان قد اجتمع بوزير الدفاع الياس بو صعب قبلَ ليلة. هذه التطورات، وخوف أرسلان من أن يكون قد وصلَ إلى حائِط مسدود بعدَ كل ما قدمه إلى باسيل، انتهى به إلى حارة حريك حيث وضع قيادة حزب الله في إطار ما يحصل.في المؤتمر قال أرسلان عن انتقاده لضباط الجيش إن «ما قصدته هو أنّ هناك أداءً خاطئاً وتزويراً للحقائق مسؤولاً عنه ضابط كبير، هو (مدير المخابرات العميد) طوني منصور، إضافة إلى ضابط صغير يقوم بكتابة التقارير مشبوهة». فأي أسباب تقِف خلفَ الفورة الأرسلانية؟
لعلّ أكثر ما يُثير حفيظة أرسلان هذه الأيام، ملف السوقي الذي حاول رئيس الجمهورية ميشال عون حلّه من خلال طرحه مبادرة تقوم على «مصالحة مشروطة بتسليم أرسلان مسؤول أمنه، وقبول أهل الضحية وأهالي الشويفات بإسقاط حقهم الشخصي». إذ إن أرسلان طلب من باسيل أن يكون هذا الملف في عهدته، لكونه لن يقبل بتسليم السوقي. فما كان من باسيل إلا أن تدخل وحاول إقناع الحزب الاشتراكي بحلّ الملف، من خلال فكرة طرحها الوزير سليم جريصاتي، تقضي بتسليم السوقي للقضاء يوماً واحداً، ومن ثم إرساله إلى المستشفى لعدة أيام قبلَ عودته إلى منزله، الأمر الذي رفضه جنبلاط بالمطلق، مؤكداً أن «الحزب ملتزم مبادرة عون كما هي، وإلا فلن تكون هناك مصالحة ولا إسقاط». ومع أن باسيل يعمل على حلّ الملف، لكن أرسلان يرى أن التيار لا يقف معه كما يجب.
ومن جهة أخرى، يتذمر أرسلان من أداء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي بيتر جرمانوس، والقاضية غادة عون، في مقاربة بعض الملفات التي تخصّ عناصر تابعين له بعد الإشكال الذي وقع في الشويفات الأسبوع الفائت، والذي بحسب الروايات نشب نتيجة تحويل عناصر من شرطة البلدية السير بسبب وجود بقعة زيت كبيرة على الطريق، ما أدى إلى حصول تلاسن بين عنصر من شرطة البلدية وعناصر آخرين فيها. وقد تطوّر الأمر إلى تلاسن، استعان على أثره العنصر ببعض الشبان من جماعة النائب أرسلان، ما أدى إلى حصول تضارب. ليلَ الأحد، دهمت استخبارات الجيش منازل ثلاثة شبان، الأمر الذي اعتبره أرسلان استهدافاً لعناصره، فيما لا يتدخل التيار الوطني الحرّ للوقوف إلى جانب حليفه. في هذا الإطار علقت مصادر في الحزب الديمقراطي على ما حصل، مشيرة إلى أن «مشكلتنا هي في أنّ البلدية لم تتدخل لاتخاذ إجراءات بحق ارتكابات قامَ بها عناصر من البلدية»، مشيرة إلى أن «ما حصل هو سابقة في تاريخ الخطوات التي تتخذها قيادة الجيش، عبر تنفيذ عملية مداهمة لعدد من المنازل من دون حصول إطلاق نار في إشكال فردي لم يتمّ فيه استخدام أي نوع من أنواع السلاح، كما أن عدداً من الذين دهمت منازلهم وضعت أسماؤهم زوراً ولم يكونوا مشاركين فيه». من جهتها، أكدت مصادر في التيار الوطني الحرّ أن اللقاء الذي جمع وزير الدفاع بأرسلان، كان هدفه الاستيضاح فقط عن هجومه على ضباط في الجيش ليسَ إلا، ولم يأتِ أحدهما على ذكر استياء رئيس الحزب الديمقراطي من الوزير باسيل، لا من قريب ولا من بعيد. ونفت المصادر وجود خلاف بين الحليفين، لافتة إلى غداء يقيمه أرسلان على شرف باسيل يوم الأحد المقبل.