قبل أن يخرج هذا البيان في وجه المنتظرين لأبسط حقوقهم، كان القانون، الذي تقدّم به النواب: علي درويش، نجيب ميقاتي ونقولا نحاس، ينتظر توقيع رئيس الجمهورية، ليصدر بعدها في الجريدة الرسمية ويصبح نافذاً. وهو الذي أحيل إلى القصر الجمهوري أواخر الشهر الماضي، وبقي هناك، حتى أول من أمس، عندما عاد إلى المربع الأول. خلال تلك الفترة، كان «ثمة حيرة من سبب هذا التأخير لدى الرئيس»، يقول المعنيون بالملف. وقد حيكت سيناريوات كثيرة، لكن لم يكن وارداً فيها هذا التوجه.
مع ذلك، لم يُقم الرد القيامة. ما فعله أنه وسّع مساحة «القرف من البلاد التي نعيش فيها»، تقول كريمة شبّو مديرة حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي». يأتي هذا الشعور من كون هذا القانون مجرد «تسهيل أمر» لأولاد اللبنانية المتزوجة بأجنبي، ولن يعطيهم الجنسية. كل ما في الأمر أنه مجرّد إعفاء من «ورقة» إجازة العمل، لن تفتح لهم يوماً سوق عملٍ ممنوع عنهم، كما أجانب آخرين. تشبّه شبّو هذه الخطوة بـ«رفض تضميد جراح شخص تعرض لحادث سير، في انتظار وصول سيارة الإسعاف».
هذا الردّ، على ضآلة المطلب الذي يحويه القانون، أوصل للأمهات وأولادهن رسالة واحدة مفادها «إنو ما تحلمي بهيدا العهد تاخدي حقّك». يحلو لإحدى الأمهات تشبيه هذه الخطوة كما تراها هي التي تعاني مع ثلاثة شبابٍ، بنقطة الماء التي لا تروي عطشاً «مع ذلك، ثمة من قرّر أن يمنعها عنا».
شبّو: كان المطلوب من عون أن يتصرّف على قاعدة أنه «بيّ الكل»
قبل أن يصل الرئيس عون إلى اتخاذ هذه الخطوة، كان قد سبقه نواب كتلة «لبنان القوي» ــــ كتلته ــــ في المجلس النيابي، حيث امتنع هؤلاء عن التصويت على القانون الذي صدر لاحقاً بأغلبية الأصوات. ما فات الرئيس عون هنا، عند «الردّ»، أنه رئيس للجمهورية وليس رئيس كتلة. كان المطلوب منه في تلك اللحظات «أن يتصرّف على قاعدة أنه بيّ الكل، وهو الشعار الذي رفعناه في تظاهراتنا السلمية لمطالبته بمعاملة الأم اللبنانية كمواطنة»، تقول شبّو.
من جهتها، لم تجد رئيسة المجلس النسائي اللبناني، إقبال دوغان، ما تقوله عن خطوة عون سوى أنها «كانت ذكورية بامتياز ورسالة بأن الحق الذي تطالبون به لن تحصلوا عليه».
ماذا بعد العودة إلى المجلس النيابي؟ يقول النائب علي درويش، وهو واحد من الذين اقترحوا القانون، بأن العودة إلى المجلس النيابي تعني «أننا أمام سيناريوين بحسب القانون: فإما أن يُعاد طرحه على جدول أعمال الهيئة العامة للتصويت عليه مجدداً، على أن ينال 65 صوتاً بالمناداة، أي الأكثرية، أو أن يحال إلى اللجان كي تعاد مناقشته واقتراح التعديلات اللازمة». وهنا، لا يحسم هذا الجدل سوى «مكتب المجلس»، وإن كان درويش والآخرون يفضّلون «الخيار الأول»، انطلاقاً من قناعة بضرورة «رفع الغبن اللاحق بشريحة من الناس، لا تطلب سوى تسهيل أمورها».