«حكم القوي على الضعيف»، بهذه الكلمات واجه ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي قرار بلدية حارة حريك إزالة بسطة كتب كان الشاب حسين الموسوي قد افتتحها وإخوته بداية الشهر الجاري عند تقاطع الرويس ــــ بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت. البسطة التي أطلق عليها «كلمة عالطريق» لاقت ترحيباً كبيراً عند الإعلان عنها، واحتفت فيها المواقع الإخبارية والتلفزيونية، ونوّه بها باعتبارها بقعة ضوء تعكس وجهاً لطيفاً للضاحية ولبلدية حارة حريك تحديداً، يجب تعزيزها وتعميمها في كل البلديات لتشجيع القراءة والثقافة، وخصوصاً أن البسطة جمعت إلى الكتب لوحات فنية لـ«فيروز» و«غيفارا» و«عماد مغنية» وغيرهم من رموز الفن والمقاومة.وأثار مشهد إزالة البسطة ومصادرة الكتب أول من أمس، موجة عارمة من الاستياء، واستنكر المعترضون قرار بلدية تضيق ذرعاً ببسطة كتب تزيّن زاوية أحد شوارع الضاحية، فيما تترك مئات المخالفات على الطرقات والأرصفة.
وعلى إثر التنديد بالقرار، أصدرت البلدية بياناً أوضحت فيه أن البسطة غير مرخصة وتشكل مخالفة للقانون. وشرحت أن «شرطة البلدية أنذرت صاحب البسطة لرفع الكتب، لكنه أصر على عرض كتبه، فطلب منه اتباع الإجراءات القانونية وتقديم طلب لدراسته وإعطاء القرار المناسب»، مشيرة إلى أنّ المجلس البلدي اتخذ قراراً أكد موقفه السابق في عام 2005 عدم إعطاء أي ترخيص لأي كان بإشغال الأملاك العامة والأرصفة حرصاً على تمكين المواطنين من استعمال الأملاك العامة والأرصفة والمرور عليها بشكل يسير، من دون عوائق ولتخفيف الازدحام». وتابع: «لم يسبق للبلدية يوماً أن أعطت أي شخص ترخيصاً بإشغال الأملاك العامة والأرصفة».
وفي اتصال مع «الأخبار»، كشف رئيس بلدية حارة حريك زياد واكد، «أننا عرضنا على الفتى البقاء لمدة شهرين كي يسترزق ويتابع تحصيله التعليمي، لكنه رفض تحديد وقت لترك المكان، في حين أنّه لا يمكن إشغال الرصيف إلى ما لا نهاية، وبذلك لم يوافق المجلس البلدي على منحه الرخصة».
وأوضح أن البلدية لديها مركز ثقافي يضم أكثر من عشرين ألف كتاب، ويقدم الخدمات الثقافية والتربوية والإنترنت للأبحاث بشكل مجاني… لكن البسطات تختلف عن المراكز الثقافية والمكتبات ولا تغني واحدة عن الأخرى، وأن كبريات المدن في العالم تحتوي مكتبات عريقة وتستضيف شوارعها بسطات مماثلة في الوقت نفسه؟ أجاب واكد: «صحيح، لكن ليس لدينا أمكنة»، ولمح إلى أن هذه البسطة قد تجر بسطات كتب وغيرها من أنواع البسطات، ما يغلق شوارع الحارة ويضيقها، وهذه المرة «لمصلحة دور النشر، في حين يوجد الكثير من المكتبات التي تبيع الكتب في الحارة وتدفع الإيجارات». ورداً على سؤال عن مقاهٍ و«كيوسكات» تستخدم الملك العام في البلدة، قال واكد إن تلك المقاهي نالت ترخيصاً من البلدية قبل بداية ولايته.
أما الفنان عبد الحليم حمود الذي يشارك عبر لوحاته في البسطة فعلّق: «لنفترضها مخالفة، ادعموها بطريقة براغماتية، وخصوصاً أن الجمهور يشتري الكتب ويلتقط الصور أمام البسطة، وهذه نقطة مضيئة في الضاحية، بشكل يخالف الادعاءات بأننا جمهورية دينية نعاني الرقابة والقمع». ورأى حمود أنّه كان من الأجدى أن تحتضن البلدية المشروع، وتنصب خيمة تحمل عبارة «بلدية حارة حريك مع الكتاب أينما كان»، موضحاً أن أصحاب المشروع اختاروا زاوية لا تعوق مرور المشاة.